باب كراهة قول ما شاء الله وشاء فلان 1745 - عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان رواه أبو داود بإسناد صحيح
 
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: باب كراهة قول الإنسان ما شاء الله وشاء فلان والكراهة هنا يراد بها التحريم يعني أنك إذا تقول ما شاء الله وشاء فلان أو ما شاء الله وشئت أو ما أشبه ذلك وذلك أن الواو تقتضي التسوية إذا قلت ما شاء الله وشاء فلان كأنك جعلت فلانا مساويا لله عز وجل في المشيئة والله تعالى وحده له المشيئة التامة يفعل ما يشاء الله ولكن أرشد النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن ذلك أرشد إلى قول مباح فقال ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان لأن ثم تقتضي الترتيب بمهلة يعني أن مشيئة الله فوق مشيئة فلان وكذلك قول ما شاء الله وشئت فإن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت قال أجعلتني لله ندا ينكر عليه بل قل ما شاء

الله وحده فهاهنا مراتب المرتبة الأولى أن يقول ما شاء الله وحده وهذه كلمة فيها تفويض الأمر إلى الله واتفق عليها المسلمون كل المسلمين يقولون ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن الثانية يقول ما شاء الله ثم شاء فلان فهذه جائزة أجازها النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليها الثالثة أن يقول ما شاء الله وشاء فلان فهذه محرمة ولا تجوز وذلك لأن الإنسان جعل المخلوق مساوي للخالق عز وجل في المشيئة الرابعة أن يقول ما شاء الله فشاء فلان بالفاء فهذه محل نظر لأن الترتيب فيها وارد بمعنى أنك إذا قلت فشاء فالفاء تدل على الترتيب لكنها ليس كـ ثم لأن ثم تدل على الترتيب بمهلة وهذه تدل على الترتيب بتعقيب ولهذا فهي محل نظر ولهذا لم يرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحديث دليل على أن الإنسان إذا ذكر للناس شيئا لا يجوز فليبين لهم ما هو جائز لأنه قال لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان وهكذا ينبغي لمعلم الناس إذا ذكر لهم

الأبواب الممنوعة فليفتح لهم الأبواب الجائزة حتى يخرج الناس من هذا إلى هذا بعض الناس يذكر الأشياء الممنوعة يقول هذا حرام هذا حرام ولا يبين لهم الأبواب الجائزة وهذا سد للأبواب أمامهم دون فتح للأبواب وانظر إلى لوط عليه الصلاة والسلام قال لقومه أتأتون الذكران من العالمين بعده {وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم} نهاهم عن الممنوع وأرشدهم إلى الجائز وهكذا النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان بل انظر إلى قول الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} فنهاهم عن كلمة راعنا وأرشدهم إلى الكلمة الجائزة {وقولوا انظرنا} ولما جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر تمر طيب فقال أكل تمر خيبر هكذا قالوا لا لكننا نشتري الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بثلاثة قال لا بع التمر الرديء بالدراهم ثم اشتري بالدراهم تمراً طيبا

الموضوع التالي


باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة المراد به الحديث الذي يكون مباحا في غير هذا الوقت وفعله وتركه سواء فأما الحديث المحرم أو المكروه في غير هذا الوقت فهو في هذا الوقت أشد تحريما وكراهة وأما الحديث في الخير كمذاكرة العلم وحكايات الصالحين ومكارم الأخلاق والحديث مع الضيف ومع طالب حاجة ونحو ذلك فلا كراهة فيه بل هو مستحب وكذا الحديث لعذر وعارض لا كراهة فيه وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على كل ما ذكرته 1746 - عن أبي برزة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها متفق عليه 1747 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلى العشاء في آخر حياته فلما سلم قال أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مئة سنة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض اليوم أحد متفق عليه 1748 - وعن أنس رضي الله عنه أنهم انتظروا النبي صلى الله عليه وسلم فجاءهم قريبا من شطر الليل فصلى بهم يعني العشاء قال ثم خطبنا فقال ألا إن الناس قد صلوا ثم رقدوا وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة رواه البخاري

الموضوع السابق


باب كراهة قول الإنسان في الدعاء اللهم اغفر لي إن شئت بل يجزم بالطلب 1743 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإنه لا مكره له متفق عليه وفي رواية لمسلم ولكن ليغرم وليعظم الرغبة فإن الله تعالى لا يتعاظمه شيء أعطاه 1744 - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له متفق عليه