تلاوة الحمين لمقصورة ابن دريد
 
  • تحتوي هذه الصفحة على تلاوة الحمين لمقصورة ابن دريد عليه رحمة الله تعالى ،

    المقصورة في اللغة هي تكوين قصيدة شعرية بالعديد من الكلمات المقصورة

    يـا ظَبيَـةً أَشبَـه شَـيءٍ بِالمَهـا    ;  تَرعى الخُزامى بَينَ أَشجـارِ النَقـا

    إِمّا تَـرَي رَأسِـيَ حاكـي لَونُـهُ    ; طُرَّةَ صُبحٍ تَحـتَ أَذيـالِ الدُجـى

    وَاِشتَعَـلَ المُبيَـضُّ فـي مُسـوَدِّهِ    ;  مِثلَ اِشتِعالِ النارِ في جَزلِ الغَضـى

    فَكـانَ كَاللَيـلِ البَهيـمِ حَـلَّ فـي    ;  أَرجائِـهِ ضَـوءُ صَبـاحٍ فَاِنجَلـى

    وَغاضَ ماءَ شِرَّتـي دَهـرٌ رَمـى    ;  خَواطِرَ القَلـبِ بِتَبريـحِ الجَـوى

    وَآضَ رَوضُ اللَهـوِ يَبسـاً ذاوِيـاً    ;  مِن بَعدِ ما قَد كانَ مَجّـاجَ الثَـرى

    وَضَـرَّمَ النَـأيُ المُشِـتُّ جَـذوَةً    ;  ما تَأتَلـي تَسفَـعُ أَثنـاءَ الحَشـا

    وَاِتَّخَـذَ التَسهيـدُ عَينـي مَألَـفـاً    ;  لَمّا جفـا أَجفانَهـا طَيـفُ الكَـرى

    فَـكُـلُّ مــا لاقَيـتُـهُ مُغتَـفَـر    ;  ٌفي جَنبِ ما أَسأَرَهُ شَحـطُ النَـوى

    لَو لابَسَ الصَخرَ الأَصَمَّ بَعضُ مـا    ;  يَلقاهُ قَلبي فَـضَّ أَصـلادَ الصَفـا

    إِذا ذَوى الغُصنُ الرَطيبُ فَاِعلَمَـن    ;  أَنَّ قُـصـاراهُ نَـفـاذٌ وَتَـــوى

    شَجيتُ لا بَـل أَجرَضَتنـي غُصَّـةٌ    ;  عَنودُها أَقتَـلُ لـي مِـنَ الشَجـى

    إِن يَحم عَن عَيني البُكـا تَجَلُّـدي    ;  فَالقَلبُ مَوقوفٌ عَلى سُبـلِ البُكـا

    لَو كانَـتِ الأَحـلامُ ناجَتنـي بِمـا    ;  أَلقـاهُ يقظـانَ لأَصمانـي الـرَدى

    مَنزلةٌ مَـا خِلتهـا يَرضـى بِهـا    ;  لِنَفـسِـهِ ذو أرَبٍ وَلا حِـجــى

    شيـمُ سَحـابٍ خُـلَّـبٍ بـارِقُـهُ    ;  وَمَوقِـفٌ بَيـنَ اِرتِجـاءٍ وَمُـنـى

    فـي كُـلِّ يَـومٍ مَنـزِلٌ مُستَوبـلٌ    ;  يَشتَفُّ مـاءَ مُهجَتـي أَو مُجتَـوى

    ما خِلتُ أَنَّ الدَهـرَ يُثنينـي عَلـى    ;  ضَرّاءَ لا يَرضى بِها ضَبُّ الكُـدى

    أُرَمِّقُ العَيشَ عَلـى بَـرصٍ فَـإِن    ;  رُمتُ اِرتِشافاً رُمتُ صَعبَ المُنتَهى

    أَراجِعٌ لـي الدَهـرُ حَـولاً كامِـلاً    ;  إِلـى الَّـذي عَـوَّدَ أَم لا يُرتَجـى

    يا دَهرُ إِن لَم تَـكُ عُتبـى فَاِتَّئِـد    ;  فَـإِنَّ إِروادَكَ وَالعُتـبـى سَــوا

    رَفِّـه عَلَـيَّ طالَـمـا أَنصَبتَـنـي    ;  وَاِستَبقِ بَعضَ ماءِ غُصنٍ مُلتَحـى

    لا تَحسبَن يـا دَهـرُ أَنّـي جـازِعٌ    ;  لِنَكبَـةٍ تُعرِقُنـي عـرقَ الـمُـدى

    مارَستُ مَن لَو هَوَتِ الأَفلاكُ مِـن    ;  جَوانِـبِ الجَـوِّ عَلَيـهِ مـا شَكـا

    وَعَدَّ لَـو كانَـت لَـهُ الدُنيـا بِمـافيها    ;  فَزالَـت عَنـهُ دُنيـاهُ سـوا

    لَكِنَّـهـا نَفـثَـةَ مَـصــدورٍ إِذا    ;  جاشَ لُغـامٌ مِـن نَواحيهـا عمـى

    رَضيتُ قَسراً وَعَلى القسرِ رِضـى    ;  مَن كانَ ذا سُخطٍ عَلى صرفِ القضا

    إِنَّ الجَديدَيـنِ إِذا مـا اِستَولَـيـا    ;  عَلـى جَـديـدٍ أَدنـيـاهُ لِلبِـلـى

    مـا كُنـتُ أَدري وَالزَمـانُ مولَـعٌ    ;  بِشَـتِّ مَلمـومٍ وَتَنكيـثِ قُــوى

    أَنَّ القَضـاءَ قاذِفـي فـي هُــوَّةٍ    ;  لا تَستَبِلُّ نَفس مَـن فيهـا هـوى

    فَـإِن عَثـرتُ بَعدَهـا إِن وَأَلَــت    ;  نَفسِيَ مِـن هاتـا فَقـولا لا لعـا

    وَإِن تَكُـن مُدَّتُـهـا مَوصـولَـةً    ;  بِالحَتفِ سَلَّطتُ الأُسا عَلى الأَسـى

    إِنَّ اِمرأَ القَيسِ جَرى إِلـى مَـدى    ;  فَاِعتاقَـهُ حِمـامُـهُ دونَ الـمَـدى

    وَخامَرَت نَفسُ أَبي الجَبرِ الجَـوى    ;  حَتّى حَواهُ الحَتفُ فيمَن قَد حَـوى

    وَاِبنُ الأَشَجِّ القَيـلُ سـاقَ نَفسَـهُ    ;  إلى الرَدى حِذارَ إِشمـاتِ العِـدى

    وَاِختَرَمَ الوَضّاحَ مِـن دونِ الَّتـي    ;  أَمَّلَهـا سَيـفُ الحِمـامِ المُنتَضـى

    وَقَـد سَمـا قَبلـي يَزيـدٌ طالِبـاً    ;  شَأوَ العُلى فَمـا وَهـى وَلا وَنـى

    فَاِعتَرَضَـت دونَ الَّـذي رامَ وَقَـد    ;  جَـدَّ بِـهِ الجِـدُّ اللُهَيـمُ الأُرَبـى

    هَل أَنا بِدعٌ مِـن عَرانيـن عُلـىً    ;  جارَ عَلَيهِم صَرفُ دَهـرٍ وَاِعتَـدى

    فَـإِن أَنالَتنـي المَقاديـرُ الَّــذي    ;  أَكيـدُهُ لَـم آلُ فـي رَأبِ الـثَـأى

    وَقَد سَمـا عَمـرٌو إِلـى أَوتـارِهِ    ;  فَاِحتَطَّ مِنها كُـلَّ عالـي المُستَمـى

    فَاِستَنزَلَ الزَبّاءَ قَسراً وَهـيَ مِـن    ;  عُقابِ لَوحِ الجَـوِّ أَعلـى مُنتَمـى

    وَسَيـفٌ اِستَعلَـت بِــهِ هِمَّـتُـهُ    ;  حَتّى رَمى أَبعَـدَ شَـأوِ المُرتَمـى

    فَجَـرَّعَ الأُحبـوشَ سُمّـاً ناقِـعـاً    ;  وَاِحتَلَّ مِن غمدانَ مِحرابَ الدُمـى

    ثُـمَّ اِبـنُ هِنـدٍ باشَـرَت نيرانُـهُ    ;  يَـومَ أُوارات تَميـمـاً بِالصـلـى

    ما اِعتَنَّ لي يَأسٌ يُناجـي هِمَّتـي    ;  إِلّا تَـحَـدّاهُ رَجــاءٌ فَاِكـتَـمـى

    أَلِـيَّـةً بِاليَعـمُـلاتِ يَـرتَـمـي    ;  بِها النجـاءُ بَيـنَ أَجـوازِ الفَـلا

    خـوصٌ كَأَشبـاحِ الحَنايـا ضُمَّـر   ;  يَرعَفنَ بِالأَمشاجِ مِن جَذبِ البُـرى

    يَرسُبنَ في بَحرِ الدُجى وَبِالضحـى    ;  يَطفـونَ فـي الآلِ إِذا الآلُ طَـفـا

    أَخفافُهُنَّ مِـن حَفـاً وَمِـن وَجـى    ;  مَرثومَةٌ تَخضبُ مُبيَـضَّ الحَصـى
    يَحمِلـنَ كُـلَّ شاحِـبٍ مُحقَوقـف    ;  ٍمِن طولِ تـدآبِ الغُـدُوِّ وَالسُـرى

    بَرٍّ بَرى طـولُ الطَـوى جُثمانَـهُ    ;  فَهوَ كَقَـدحِ النَبـعِ مَحنِـيُّ القَـرا

    يَنوي الَّتـي فَضَّلَهـا ربُّ العُلـى    ;  لَمّـا دَحـا تُربَتَهـا عَلـى البُنـى

    حَتّـى إِذا قابَلَـهـا اِستَعـبَـرَلا    ;  يَملِكُ دَمعَ العَينِ مِن حَيـثُ جَـرى

    فَأوجَـبَ الحَـجَّ وثَنّـى عـمـرةً    ;  مِن بَعدِ مـا عَـجَّ وَلَبّـى وَدَعـا

    ثُمَّـتَ طـافَ وَاِنثَنـى مُستَلِـمـاً    ;  ثُمَّـتَ جـاءَ المَروَتَيـنِ فَسَـعـى

    ثُمَّـتَ راحَ فـي المُلَبّيـنَ إِلــى    ;  حَيـثُ تَحَجّـى المَأزمـانِ وَمِنـى

    ثُمَّ أَتـى التَعريـفَ يَقـرو مُخبِتـاً    ;  مَواقِـفـاً بَـيـنَ أُلالٍ فَالـنَـقـا

    ثُـمَّ أَتـى المَشعَـرَ يَدعـو رَبَّـهُ    ;  تَضَرُّعـاً وَخُفيَـةً حَتّـى هَـمـى

    وَاِستَأنَفَ السَبـعَ وَسَبعـاً بَعدَهـا    ;  وَالسبعَ ما بَينَ العِقابِ وَالصُـوى

    وَراحَ لِلتَوديـعِ فيمَـن راحَ قَــد    ;  أَحرَزَ أَجـراً وَقَلـى هُجـرَ اللغـا

    بَذاكَ أَم بِالخَيـلِ تَعـدو المَرطـى    ;  ناشِـزَةً أَكتادهـا قُــبَّ الكُـلـى

    شُعثاً تَعـادى كَسَراحيـنِ الغَضـا    ;  مَيـلَ الحَماليـقِ يُباريـنَ الشَبـا

    يَحمِلـنَ كُـلّ شـمَّـرِيٍّ بـاسِـلٍ    ;  شَهمِ الجَنانِ خائِضٍ غَمرَ الوَغـى

    يَغشى صَلـى المَـوتِ بِحَدَّيـهِ إِذا    ;  كانَ لَظى المَوت كَريـهَ المُصطَلـى

    لَو مُثِّـلَ الحَتـفُ لَـهُ قِرنـاً لَمـا    ;  صَدَّتـهُ عَنـهُ هَيبَـةٌ وَلا اِنثَنـى

    وَلَو حَمى المقـدارُ عَنـهُ مُهجَـةً    ;  لَرامَهـا أَو يَستَبيـحَ مـا حَمـى

    تَغـدو المَنايـا طائِعـاتٍ أَمــرَهُ    ;  تَرضى الَّذي يَرضى وَتَأبى ما أَبى

    بَل قَسَماً بِالشُمِّ مِـن يَعـرُبَ هَـل    ;  لِمُقسـمٍ مِـن بَعـدِ هَـذا مُنتَهـى

    هُمُ الأُلى إِن فاخَـروا قـال العُلـى:    ;  بِفي اِمرِئٍ فاخَرَكُم عَفـرُ البَـرى

    هُمُ الأُلى أَجـرَوا يَنابيـعَ النَـدى    ;  هامِيـةً لِمَـن عَـرى أَو اِعتَفـى

    هُمُ الَّذيـنَ دَوَّخـوا مَـنِ اِنتَخـى    ;  وَقَوَّموا مـن صَعَـر وَمَـن صَغـا

    هُمُ الَّذينَ جَرَّعوا مَـن مـا حلـوا    ;  أَفـاوِقَ الضَيـمِ مُمـرّاتِ الحُسـا

    أَزالُ حَشـوَ نَـثـرَةٍ مَوضـونَـةٍ    ;  حَتّى أُوارى بَيـنَ أَثنـاءِ الجُثـى

    وَصاحِبـايَ صَـرِمٌ فـي مَتـنِـهِ    ;  مِثل مَدَبِّ النَملِ يَعلو فـي الرُبـى

    أَبيَـضُ كَالمِـلـحِ إِذا اِنتَضَيـتَـهُ    ;  لَـم يَلـقَ شَيئـاً حَـدُّهُ إِلّا فَـرى

    كَـأَنَّ بَـيـنَ عَـيـرِهِ وَغَـربِـهِ    ;  مُفتَـأَداً تَأَكَّلَـت فـيـهِ الـجُـذى

    يُري المَنونَ حيـنَ تَقفـو إِثـرَهُ    ;  في ظُلَـمِ الأَكبـادِ سُبـلاً لا تُـرى

    إِذا هَـوى فـي جُثَّـةٍ غـادَرَهـا    ;  مِن بَعدِ ما كانَت خَساً وَهـيَ زكـا

    وَمُشرِفُ الأَقطـارِ خـاظٍ نَحضُـهُ    ;  حابي القُصَيرى جرشَعٌ عَردُ النَسا

    قَريبُ مـا بَيـنَ القَطـاةِ وَالمطـا    ;  بَعيدُ مـا بَيـنَ القَـذالِ وَالصَـلا

    سامي التَليـلِ فـي دَسيـعٍ مُفعَـمٍ    ;  رَحبُ الذراعِ في أَمينـاتِ العُجـى

    رُكِّبـنَ فـي حَـواشِـب مُكتَـنَّـةٍ    ;  إِلى نُسورٍ مِثـلَ مَلفـوظِ النَـوى

    يَرضَخُ بِالبيدِ الحَصى فَـإِن رَقـى    ;  إِلى الرُبى أَورى بِها نـارَ الحبـى

    يُديـرُ إِعليطَيـنِ فـي مَلمـومَـةٍ    ;  إِلـى لَموحَيـنِ بِأَلحـاظِ الــلأى

    مُداخـلُ الخَلـقِ رَحيـبٌ شَجـرُهُ    ;  مُخلَولِـقُ الصَهـوَةِ مَمسـودٌ وَأى

    لا صَـكَـكٌ يشيـنُـهُ وَلا فَـجـا    ;  وَلا دَخيـسٌ واهِـنٌ وَلا شَـظـى

    يَجري فَتَكبو الريـحُ فـي غاياتِـهِ    ;  حَسـرى تَلـوذُ بِجَراثيـمِ السَحـا

    لَوِ اِعتَسَفتَ الأَرضَ فَـوقَ مَتنِـهِ    ;  يَجوبُها ما خِفت أَن يَشكو الوَجـى

    تَظُنُّـهُ وَهـوَ يُــرى مُحتَجِـبـاً    ;  عَـنِ العُيـونِ إِن ذَأى وَإِن رَدى

    إِذا اِجتَهَـدتَ نَظَـراً فـي إِثــرِهِ    ;  قُلتَ سَناً أَومَـضَ أَو بَـرقٌ خَفـا

    كَأَنَّمـا الجَـوزاءُ فـي أَرساغِـهِ    ;  وَالنَجـم فـي جَبهَتِـهِ إِذا بَــدا

    هُما عتـادي الكافِيـانِ فَقـدَ مَـن    ;  أَعدَدتُهُ فَليَنـأَ عَنّـي مَـن نَـأى

    فَـإِن سَمِعـت بِرَحـىً مَنصوبَـة    ;  لِلحَربِ فَاِعلَم أَنَّني قُطـبُ الرَحـى

    وَإِن رَأَيـتَ نـارَ حَـربٍ تَلتَظـي    ;  فَاِعلَم بِأَنّـي مُسعِـرٌ ذاكَ اللَظـى

    خَيرُ النُفـوسِ السائِـلاتُ جَهـرَةً    ;  عَلـى ظُبـاتِ المُرهَفـاتِ وَالقَنـا

    إِنَّ العِـراقَ لَـم أُفـارِق أَهـلَـهُ    ;  عَـن شَنَـآنٍ صَدَّنـي وَلا قِـلـى

    وَلا اِطَّبـى عَينـيَّ مُـذ فارَقتُهُـم    ;  شَيءٌ يَروقُ الطَرفَ مِن هَذا الوَرى

    هُم الشَناخيـبُ المُنيفـاتُ الـذُرى    ;  وَالناسُ أَدحـالٌ سِواهُـم وَهـوى

    هُـمُ البُحـورُ زاخِــرٌ آذِيُّـهـا    ;  وَالناسُ ضَحضاحٌ ثِغـابٌ وَأَضـى

    إِن كُنتُ أَبصَرتُ لَهُم مِـن بَعدِهِـم    ;  مِثلاً فَأَغضَيتُ عَلى وَخـزِ السَفـا

    حاشـا الأَميرَيـنِ الَّلذيـنِ أَوفَـدا    ;  عَلَيَّ ظِـلّاً مِـن نَعيـمٍ قَـد ضَفـا

    هُمـا اللَـذانِ أَثبَتـا لـي أَمــلاً    ;  قَد وَقَفَ اليَـأسُ بِـهِ عَلـى شَفـا

    تَلافَيـا العَيـشَ الَّــذي رَنَّـقَـهُ    ;  صَرفُ الزَمانِ فَاِستَسـاغَ وَصفـا

    وَأَجرَيا مـاءَ الحَيـا لـي رَغَـدا    ;  فَاِهتَزَّ غُصنـي بَعدَمـا كـانَ ذوى

    هُمـا اللَـذانِ سَمَـوا بِنـاظِـري    ;  مِن بَعدِ إِغضائي عَلى لَذعِ القَـذى

    هُمـا اللَـذانِ عَمَّـرا لـي جانِبـاً    ;  مِنَ الرَجاءِ كـانَ قِدمـاً قَـد عَفـا

    وَقَلَّدانـي مِـنَّـةً لَــو قُـرِنَـت:    ;  بِشُكرِ أَهلِ الأَرضِ عَنِّي مـا وَفـى

    بِالعُشرِ مِن مِعشارِها وَكـانَ كَـالـ    ;  حَسوَةِ فـي آذِيِّ بَحـرٍ قَـد طَمـا

    إِنَّ اِبنَ ميكـالَ الأَميـر اِنتاشَنـي    ;  مِن بَعدِما قَد كُنتُ كَالشَـيءِ اللقـى

    وَمَدَّ ضَبعـي أَبـو العَبّـاسِ مِـن    ;  بَعدِ اِنقِباضِ الذَرعِ وَالباعِ الـوَزى

    ذاكَ الَّذي مـا زالَ يَسمـو لِلعُلـى    ;  بِفِعلِهِ حَتّـى عَـلا فَـوقَ العُلـى

    لَـو كـانَ يَرقـى أَحَـدٌ بِجـودِهِ    ;  وَمَجـدِهِ إِلـى السَمـاءِ لاِرتَقـى

    ما إِن أَتـى بَحـرَ نَـداهُ مُعتَـفٍ    ;  عَلـى أُوارى علـمٍ إِلّا اِرتَــوى

    نَفسـي الفِـداءُ لِأَميـرَيَّ وَمَــن    ;  تَحـتَ السَمـاءِ لِأَميـرَيَّ الفِـدى

    لا زالَ شُكـري لَهُمـا مُـواصِـلاً    ;  لَفظي أَو يَعتاقَني صَـرفُ المنـى

    إِنَّ الأُلى فارَقتُ مِـن غَيـرِ قِلـىً    ;  مـا زاغَ قَلبـي عَنهُـمُ ولا هَفـا

    لَكِـنَّ لـي عَزمـاً إِذا اِمتَطَيـتُـهُ    ;  لِمُبهَـمِ الخَطـبِ فَـآه فَاِنـفَـأى

    وَلَو أَشـاءُ ضَـمَّ قُطرَيـهِ الصِبـا    ;  عَلَـيَّ فـي ظِلّـي نَعيـمٍ وَغِنـى

    وَلاعَبَتـنـي غــادَةٌ وَهنـانَـةٌ    ;  تُضني وَفي ترشافِها بُرءُ الضَنـى

    تَفري بِسَيفِ لَحظِهـا إِن نَظَـرَت    ;  نَظرَةَ غَضبى مِنك أَثنـاءَ الحَشـا

    في خَدِّها رَوضٌ مِنَ الوَردِ عَلى الـ    ;  ننسرينِ بِالأَلحـاظِ مِنهـا يُجتَنـى

    لَو ناجَـتِ الأَعصَـمَ لاِنحَـطَّ لَهـا    ;  طَوعَ القِيادِ مِن شَماريـخِ الـذُرى

    أَو صابَتِ القانِـتَ فـي مُخلَولِـقٍ    ;  مُستَصعَبِ المَسلَكِ وَعرِ المُرتَقـى

    أَلهـاهُ عَـن تَسبيحِـهِ وَديـنِـهِ    ;  تَأنيسُهـا حَتّـى تَـراهُ قَـد صَبـا

    كَأَنَّمـا الصَهبـاءُ مَقطـوبٌ بِهـا    ;  ماءُ جَنـى وَردٍ إِذا اللَيـلُ عَسـا

    يَمتاحُـهُ راشِـفُ بَـردِ ريقِـهـا    ;  بَينَ بَياضِ الظَلـمِ مِنهـا وَاللمـى

    سَقـى العَقيـقَ فَالحَزيـزَ فَالمَـلا    ;  إِلـى النُحَيـتِ فَالقُرَيّـاتِ الدُنـى

    فَالمِربد الأَعلى الَّـذي تَلقـى بِـه    ;  ِمَصـارِعَ الأُسـدِ بِأَلحـاظِ المَهـا

    مَحَـلَّ كُـلِّ مُقـرِمٍ سَمَـت بِــهِ    ;  مَآثِـرُ الآبـاءِ فـي فَـرعِ العُلـى

    مِنَ الأُلـى جَوهَرُهُـم إِذا اِعتَـزَوا    ;  مِن جَوهَرٍ مِنهُ النَبِـيُّ المُصطَفـى

    صَلّى عَلَيهِ اللَهُ مـا جَـنَّ الدُجـى    ;  وَما جَرَت في فَلَكٍ شَمسُ الضُحـى

    جَـونٌ أَعارَتـهُ الجَنـوبُ جانِبـاً    ;  مِنها وَواصَت صَوبَهُ يَـدُ الصَبـا

    نَـأى يَمانِيّـاً فَلَـمّـا اِنتَـشَـرَت    ;  أَحضانُـهُ وَاِمتَـدّ كِسـراهُ غَطـا

    فَجَلَّـلَ الأُفــقَ فَـكُـلُّ جـانِـبٍ    ;  مِنها كَأَن مِن قطرِهِ المُـزنُ حَيـا

    إِذا خَبَـت بُروقُـهُ عَنَّـت لَـهـا    ;  ريحُ الصَبا تشبُّ مِنهـا مـا خَبـا

    وَإِن وَنَـت رُعـودُهُ حَـدا بِـهـا    ;  راعي الجَنوبِ فَحَـدَت كَمـا حَـدا

    كَـأَنَّ فـي أَحضـانِـهِ وَبَـركِـهِ    ;  بَركاً تَداعى بَيـنَ سَجـرٍ وَوَحـى

    لَـم تـرَ كَالمُـزنِ سَوامـاً بُهَّـلاً    ;  تَحسَبُهـا مَرعِيَّـةً وَهـيَ سُـدى

    فَطَـبَّـقَ الأَرضَ فَـكُـلُّ بُقـعَـةٍ    ;  مِنها تَقولُ الغَيثُ في هاتـا ثَـوى

    يَقولُ لِلأَجـرازِ لَمّـا اِستَوسَقَـت    ;  بِسَوقِـهِ ثِقـي بِــرِيٍّ وَحَـيـا

    فَأَوسَعَ الأَحـدابَ سَيبـاً مُحسِبـاً    ;  وَطَبَّقَ البُطنـانَ بِالمـاءِ الـرِوى

    كَأَنَّمـا البَيـداءُ غِــبَّ صَـوبِـهِ    ;  بَحـرٌ طَمـى تَيّـارُهُ ثُـمَّ سَـجـا

    ذاكَ الجدا لا زالَ مَخصوصـاً بِـه    ;  ِقَومٌ هُـمُ لِـلأَرضِ غَيـثٌ وَجَـدا

    لَسـتُ إِذا مـا بَهَظَتنـي غَمـرَةٌ    ;  مِمَّن يَقـولُ بَلَـغَ السَيـلُ الزُبـى

    وَإِن ثَوَت بيـنَ ضُلوعـي زَفـرَةٌ    ;  تَملأُ ما بَينَ الرَجـا إِلـى الرَجـا

    نَهنَهتُهـا مَكظومَـةً حَتّـى يُـرى    ;  مَخضَوضِعاً مِنها الَّذي كـانَ طَغـا

    وَلا أَقـولُ إِن عَرَتـنـي نَكـبَـةٌ    ;  قَولَ القَنوطِ اِنقَدَّ في الجوفِ السَلى

    قَد مارَسَت مِنّي الخُطـوبُ مارِسـاً    ;  يُسـاوِرُ الهَـولَ إِذا الهَـولُ عَـلا

    لِـيَ اِلتِـواءُ إِن مُعـادِيَّ اِلتَـوى    ;  وَلي اِستِواءٌ إِن مُوالِـيَّ اِستَـوى

    طَعمـي الشَـريُّ لِلعَـدُوِّ تــارَةً    ;  وَالراحُ وَالأَريُ لِمَن وُدّي اِبتَغـى

    لدنٌ إِذا لويِنـتُ سَهـلٌ معطفـي    ;  أَلوى إِذا خوشِنتُ مَرهوب الشَـذا

    يَعتَصِـمُ الحِلـمُ بِجَنبَـي حَبوَتـي    ;  إِذا رِياحُ الطَيشِ طـارَت بِالحُبـى

    لا يَطَّبيـنـي طَـمَـعٌ مُـدَنّـسٌ    ;  إِذا اِستَمـالَ طَـمَـعٌ أَوِ اِطَّـبـى

    وَقَد عَلَـت بـي رُتَبـاً تَجارِبـي    ;  أَشفَينَ بي مِنها عَلى سُبلِ النُهـى

    إِذا اِمـرُؤٌ خيـفَ لِإِفـراطِ الأَذى    ;  لَـم يُخـشَ مِنّـي نَـزَقٌ وَلا أَذى

    مِن غَيرِ ما وَهنٍ وَلَكِنّـي اِمـرُؤ    ;  ٌأَصونُ عِرضاً لَم يُدَنِّسـهُ الطَخـا

    وَصَونُ عِرضِ المَرءِ أَن يَبذُلَ مـا    ;  ضَنَّ بِـهِ مِمّـا حَـواهُ وَاِنتَصـى

    وَالحَمدُ خَيـرُ مـا اِتَّخَـذتَ عـدَّةً    ;  وَأَنفَسُ الأَذخارِ مِـن بَعـدِ التُقـى

    وَكُـلُّ قَـرنٍ ناجِـمٍ فـي زَمَــنٍ    ;  فَهـوَ شَبيـهُ زَمَـنٍ فيـهِ بَــدا

    وَالنـاسُ كَالنَبـتِ فَمِنهُـم رائِـعٌ    ;  غَضٌّ نَضيرٌ عـودهُ مُـرُّ الجَنـى

    وَمِنـهُ مـا تَقتَحِـمُ العَيـنُ فَـإِن    ;  ذُقتَ جَناهُ اِنساغَ عَذبـاً فـي اللها

    يُقَـوَّمُ الشـارِخُ مِـن زَيغـانِـهِ    ;  فَيَستَوي ما اِنعاجَ مِنـهُ وَاِنحَنـى

    وَالشَيـخُ إِن قَوَّمتَـهُ مِـن زَيغِـهِ    ;  لَم يُقِمِ التَثقيفُ مِنـهُ مـا اِلتَـوى

    كَذَلِـكَ الغُصـنُ يَسيـرٌ عطـفُـهُ    ;  لَدنـاً شَديـدٌ غَمـزُهُ إِذا عَـسـا

    مَن ظَلَمَ النـاسَ تَحامَـوا ظُلمَـهُ    ;  وَعَـزَّ عَنهُـم جانِبـاهُ وَاِحتَمـى

    وَهُـم لِمَـن لانَ لَهُـم جانِـبُـهُ    ;  أَظلَمُ مِـن حَيّـاتِ أَنبـاثِ السَفـا

    وَالناسُ كُـلّاً إِن فَحَصـتَ عَنهُـم    ;  جَميـعَ أَقطـارِ البِـلادِ وَالقُـرى

    عَبيدُ ذي المالِ وَإِن لَـم يَطمَعـوا    ;  مِن غَمرِهِ في جَرعَةٍ تَشفي الصَدى

    وَهُـم لِمَـن أَملَـقَ أَعـداءٌ وَإِن    ;  شارَكَهُـم فيهـا أَفـادَ وَحَــوى

    عاجَمتُ أَيّامي وَمـا الغِـرُّ كَمَـن    ;  تَـأَزّرَ الدَهـرُ عَلَيـهِ وَاِرتَــدى

    لا يَنفَـعُ اللُـبُّ بِـلا جَــدٍّ وَلا    ;  يَحُطُّـكَ الجَهـلُ إِذا الجَـدُّ عَـلا

    مَـن لَـم تُفِـدهُ عِبَـراً أَيّـامُـهُ    ;  كانَ العَمى أَولى بِهِ مِـن الهُـدى

    مَن لَم يَعِظهُ الدَهرُ لَم يَنفَعـهُ مـا    ;  راح بِهِ الواعِـظُ يَومـاً أَو غَـدا

    مَن قاسَ ما لَم يَـرَهُ بِمـا يـرى    ;  أَراهُ مـا يَدنـو إِلَيـهِ مـا نَـأى

    مَن مَلَّكَ الحِرصَ القِيادَ لَـم يَـزَل    ;  يَكرَعُ في ماءٍ مِـنَ الـذُلِّ صَـرى

    مَن عارَضَ الأَطماعَ بِاليَأسِ دَنَـت    ;  إِلَيهِ عَينُ العِزِّ مِـن حَيـثُ رَنـا

    مَن عَطَفَ النَفسَ عَلى مَكروهِهـا    ;  كانَ الغِنى قَرينَـهُ حَيـثُ اِنتَـوى

    مَن لَم يَقِف عِنـدَ اِنتِهـاءِ قَـدرِهِ    ;  تَقاصَرَت عَنـهُ فَسيحـاتُ الخُطـا

    مَن ضَيَّعَ الحَـزمَ جَنـى لِنَفسِـهِ    ;  نَدامَـةً أَلـذَعَ مِـن سَفـع الذكـا

    مَن ناطَ بِالعُجـبِ عُـرى أَخلاقِـهِ    ;  نيطَت عُرى المَقتِ إِلى تِلكِ العُرى

    مَن طالَ فَـوقَ مُنتَهـى بَسطَتِـهِ    ;  أَعجَزَهُ نَيلُ الدُنـى بَلـه القُصـا

    مَن رامَ مـا يَعجـزُ عَنـهُ طَوقُـهُ    ;  م العِبءِ يَوماً آضَ مَجزولَ المَطـا

    وَالنـاسُ أَلـفٌ مِنهُـمُ كَـواحِـدٍ    ;  وَواحِـدٌ كَالأَلـفِ إِن أَمـرٌ عَنـا

    وَلِلفَتـى مِـن مالِـهِ مـا قَدَّمَـت    ;  يَداهُ قَبـلَ مَوتِـهِ لا مـا اِقتَنـى

    وَإِنَّمـا المَـرءُ حَـديـثٌ بَـعـدَهُ    ;  فَكُن حَديثـاً حَسَنـاً لِمَـن وَعـى

    إِنّي حَلَبتُ الدَهـرَ شَطرَيـهِ فَقَـد    ;  أَمَـرَّ لـي حينـا وَأَحيانـاً حَـلا

    وَفُـرَّ عَـن تَجرِبَـةٍ نابـي فَقُـل    ;  في بازِلٍ راضَ الخُطوبَ وَاِمتَطـى

    وَالنـاسُ لِلدهـرِ خَلـىً يلسُّهُـم    ;  وَقَلَّما يَبقى عَلـى اللَـسِّ الخَـلا

    عَجِبتُ مِن مُستَيقِـنٍ أَنَّ الـرَدى    ;  إِذا أَتـاهُ لا يُــداوى بِالـرُقـى

    وَهـوَ مِـنَ الغَفلَـةِ فـي أَهويـةٍ    ;  كَخابِـطٍ بَيـنَ ظَـلامٍ وَعَـشـى

    نَحـنُ وَلا كُفـران لِـلَّـهِ كَـمـا    ;  قَد قيلَ لِلسـارِبِ أَخلـي فَاِرتَعـى

    إِذا أَحَــسَّ نَـبـأَةً ريــعَ وَإِن    ;  تَطامَنَـت عَنـهُ تَمـادى وَلَـهـا

    كَثلَّـةٍ ريعَـت لِلَيـثٍ فَـاِنـزَوَت    ;  حَتّى إِذا غابَ اِطمَأَنَّت إِن مَضـى

    نُهـالُ لِلأَمـرِ الَّـذي يَروعُـنـا    ;  وَنَرتَعي فـي غَفلَـةٍ إِذا اِنقَضـى

    إِنَّ الشَقـاءَ بِالشَـقِـيِّ مـولَـعٌ    ;  لا يَملِـكُ الـرَدَّ لَــهُ إِذا أَتــى

    وَالـلَـومُ لِلـحُـرِّ مُقـيـمٌ رادِعٌ    ;  وَالعَبـدُ لا تَردَعُـهُ إِلّا العَـصـا

    وَآفَةُ العَقـلِ الهَـوى فَمَـن عَـلا    ;  عَلـى هَـواهُ عَقلُـهُ فَقَـد نَجـا

    كَـم مِـن أَخٍ مَسخوطَـةٍ أَخلاقُـهُ    ;  أَصفَيتُـهُ الـوُدَّ لِخُلـقٍ مُرتَضـى

    إِذا بَلَوتَ السَيـفَ مَحمـوداً فَـلا    ;  تَذمُمهُ يَومـاً أَن تَـراهُ قَـد نَبـا

    وَالطِرفُ يَجتـازُ المَـدى وَرُبَّمـا    ;  عَـنَّ لِمَـعـداهُ عِـثـارٌ فَكَـبـا

    مَن لَكَ بِالمُهَـذَّبِ النَـدبِ الَّـذي    ;  لا يَجِـدُ العَيـبُ إِلَيـهِ مُختَـطـى

    إِذا تَصَفَّحـتَ أُمـورَ النـاسِ لَـم    ;  تُلفِ اِمرءاً حازَ الكَمـالَ فَاِكتَفـى

    عَوِّل عَلى الصَبـرِ الجَميـلِ إِنَّـهُ    ;  أَمنَعُ مـا لاذَ بِـهِ أولـو الحِجـا

    وَعَطِّفِ النَفسَ عَلى سُبـلِ الأَسـا    ;  إذا اِستَفَزَّ القَلبَ تَبريـحُ الجَـوى

    والدَهـرُ يَكبـو بِالفَتـى وَتـارَةً    ;  يُنهِضُـهُ مِـن عَثـرَةٍ إِذا كَـبـا

    لا تَعجَبن مِن هالِكٍ كيـفَ هَـوى    ;  بَل فَاِعجبَن مِن سالِمٍ كَيـفَ نَجـا

    إِنَّ نُجـومَ المَجـدِ أَمسَـت أُفَّـلاً    ;  وَظِلُّهُ القالِـصُ أَضحـى قَـد أَزى

    إِلّا بَقايـا مِـن أُنــاسٍ بِـهِـمُإ    ;  ِلـى سَبيـلِ المَكرُمـاتِ يُقتَـدى

    إِذا الأَحاديـثُ اقتَضَـت أَنباءَهُـم    ;  كانَت كَنَشرِ الرَوضِ غاداهُ السَدى

    لا يَسمَعُ السامِـعُ فـي مَجلِسِهِـم    ;  هجـراً إِذا جالَسَـهُـم وَلا خَـنـا

    ما أَنعَـمَ العيشَـةَ لَـو أَنَّ الفَتـى    ;  يَقبَلُ مِنـهُ مَوتُـهُ أَسنـى الرُشـا

    أَو لَـو تَحَلّـى بِالشَبـابِ عُمـرَهُ    ;  لَم يَستَلِبهُ الشَيبُ هاتيـكَ الحُلـى

    هَيهاتَ مَهمـا يُستَعـر مُستَرجـعٌ    ;  وَفي خُطوبِ الدَهرِ لِلنـاسِ أَسـى

    وَفِتيَـةٍ سامَرَهُـم طَيـفُ الكَـرى    ;  فَسامَروا النَومَ وَهُم غيـدُ الطُلـى

    وَاللَيـلُ مُلـقٍ بِالمَوامـي بَركَـهُ    ;  وَالعيسُ يَنبُثـنَ أَفاحيـصَ القَطـا

    بِحَيـثُ لا تهـدي لِسَمـعٍ نَبـأَةٌ    ;  إِلّا نَئيم البومِ أَو صَـوت الصَـدى

    شايَعتُهُم عَلى السُـرى حَتّـى إِذا    ;  مالَت أَداةُ الرَحلِ بِالجِبسِ الـدَوى

    قُلـتُ لَهُـم إِنَّ الهُوَينـا غِبُّـهـا    ;  وَهنٌ فَجدّوا تحمَدوا غِبَّ السُـرى

    وَموحِـش الأَقطـارِ طـامٍ مـاؤُهُ    ;  مُدَعثَرِ الأَعضـادِ مَهـزومِ الجَبـا

    كَأَنَّمـا الريـشُ عَلـى أَرجـائِـهِ    ;  زُرقُ نِصـالٍ أُرهِفَـت لِتُمتَـهـى

    وَرَدتُـهُ وَالذِئـبُ يَعـوي حَولَـهُ    ;  مُستَكَّ سمِّ السَمعِ مِن طَولِ الطوى

    وَمُنـتـجٍ أُمُّ أَبـيــهِ أُمُّـــهُ    ;  لَم يَتَخَوَّن جِسمَهُ مَـسّ الضـوى

    أَفرَشتُـهُ بِنـتَ أَخيـهِ فَاِنثَـنَـت    ;  عَن وَلَدٍ يـورى بِـهِ وَيُشتَـوى

    وَمَرقَـبٍ مُخلَـولِـقٍ أَرجــاؤُهُ    ;  مُستَصعَبِ الأَقذافِ وَعرِ المُرتَقـى

    وَالشَخصُ في الآلِ يُـرى لِناظِـرٍ   ;  تَرمُقُـهُ حينـاً وَحينـاً لا يُـرى

    أوفَيـتُ وَالشَمـسُ تَمُـجُّ ريقَهـا    ;  وَالظِلُّ مِن تَحتِ الحِـذاءِ مُحتَـذى

    وَطـارِقٍ يُؤنِـسُـهُ الـذِئـبُ إِذا    ;  تَضَـوَّرَ الذِئـبُ عشـاءً وَعَـوى

    آوى إِلـى نـارِيَ وَهـيَ مَألَـفٌ    ;  يَدعو العُفاةَ ضَوؤُها إِلـى القِـرى

    لِلَـهِ مـا طَيـفُ خَيـالٍ زائِــر   ;  تَزُفُّـهُ لِلقَلـبِ أَحـلامُ الــرُؤى

    يَجـوبُ أَجـوازَ الفَـلا مُحتَقِـرا    ;  ًهَولَ دُجى اللَيلِ إِذا اللَيـلُ اِنبَـرى

    سائِلـهُ إِن أَفصَـحَ عَـن أَنبائِـهِ    ;  أَنّى تَسَدّى اللَيلَ أَم أَنّـى اِهتَـدى

    أَو كانَ يَدري قَبلَهـا مـا فـارِسٌ    ;  وَمـا مَواميهـا القِفـارُ وَالقـرى

    وَسائِلي بِمُزعِجـي عَـن وَطَـنٍ    ;  ما ضـاقَ بـي جَنابُـهُ وَلا نَبـا

    قُلتُ القَضاءُ مالِـكٌ أَمـرَ الفَتـى    ;  مِن حَيثُ لا يَدري وَمِن حَيثُ دَرى

    لا تَسأَلَنّي وَاِسـأَلِ المِقـدارَ هَـل    ;  يَعـصِـمُ مِـنـهُ وَزَرٌ ومُــدَّرى

    لا بُدَّ أَن يَلقى اِمـرُؤٌ مـا خَطَّـهُ    ;  ذو العَرشِ مِمّا هُـوَ لاقٍ وَوَحـى

    لا غَـروَ أَن لـجَّ زَمـانٌ جائِـرٌ    ;  فَاِعتَرَقَ العَظـمَ المُمِـخَّ وَاِنتَقـى

    فَقَد يُرى القاحِـلُ مُخضَـرّاً وَقَـد    ;  تَلقى أَخا الإِقتارِ يَومـاً قَـد نَمـا

    يـا هَؤُلَيّـا هَـل نَشَدتُـنَّ لَـنـا    ;  ثاقِبَةَ البُرقُـعِ عَـن عَينَـي طَـلا

    ما أَنصَفَـت أُمُّ الصَبِيَّيـنِ الَّتـي    ;  أَصبَت أَخا الحِلم وَلَمّـا يُصطَبـى

    اِستَحيِ بيضـاً بَيـنَ أَفـوادِكَ أَن    ;  يَقتادَكَ البيـضُ اِقتِيـادَ المُهتَـدى

    هَيهـاتَ مـا أَشنَـعَ هاتـا زَلَّـةً    ;  أَطَرَبـاً بَعـدَ المَشيـبِ وَالـجَـلا

    يا رُبَّ لَيلٍ جَمَعَـت قُطرَيـهِ لـي    ;  بِنـتُ ثَمانيـنَ عَروسـاً تُجتَلـى

    لَم يَملِـكِ المـاءُ عَلَيهـا أَمرَهـا    ;  وَلَم يُدَنِّسها الضِـرامُ المُختَضـى

    حيناً هِـيَ الـداءُ وَأَحيانـاً بِهـا    ;  مِـن دائِهـا إِذا يَهيـجُ يُشتَفـى

    قَد صانَها الخَمّـارُ لَمّـا اِختارَهـا    ;  ضَنّاً بِها عَلـى سِواهـا وَاِختَبـى

    فَهِيَ تُرى مِن طولِ عَهدٍ إِن بَـدَت    ;  في كَأسِهـا لِأَعيُـنِ النـاسِ كـلا

    كَأَنَّ قرنَ الشَمـسِ فـي ذُرورِهـا    ;  بِفِعلِها في الصَحنِ وَالكَأسِ اِقتَـدى

    نازَعتُهـا أَروعَ لا تَسطـو عَلـى    ;  نَديـمِـهِ شِـرَّتـهُ إِذا اِنتَـشـى

    كَأَنَّ نَـورَ الـرَوضِ نَظـمُ لَفظِـهِ    ;  مُرتَجِـلاً أَو مُنشِـداً أَو إِن شَـدا

    مِن كُلِّ ما نالَ الفَتـى قَـد نِلتُـهُ    ;  وَالمَرءُ يَبقى بَعـدَهُ حُسـنُ الثَنـا

    فَـإِن أَمُـت فَقَـد تَناهَـت لَذَّتـي    ;  وَكُلُّ شَـيءٍ بَلَـغَ الحَـدَّ اِنتَهـى

    وَإِن أَعِش صاحَبتُ دَهري عالِمـاً    ;  بِما اِنطَوى مِن صَرفِهِ وَما اِنسرى

    حاشا لِمـا أَسـأَرَهُ فِـيَّ الحِجـا    ;  وَالحِلـمُ أَن أَنبَـعَ رُوّادَ الخَـنـا

    أَو أَن أُرى لِنَكـبَـةٍ مُختَضِـعـاً    ;  أَو لِاِبتِهـاجٍ فَـرِحـاً وَمُـزدَهـى

     

    المتون العلمية

  •