3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" رواه البخاري
 
3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" رواه البخاري
التعبير بأخذ أموال الناس يشمل أخذها بالاستدانة وأخذها لحفظها والمراد من إرادته التأدية قضاؤها في الدنيا وتأدية الله عنه يشمل تيسيره تعالى لقضائها في الدنيا بأن يسوق إلى المستدين ما يقضي به دينه وأداؤها عنه في الآخرة بإرضائه غريمه بما شاء تعالى وقد أخرج ابن ماجه وابن حبان والحاكم مرفوعا "ما من مسلم يدان دينا يعلم الله أنه يريد أداءه إلا أداه الله عنه في الدنيا والآخرة" وقوله "يريد إتلافها" الظاهر أنه من يأخذ بالاستدانة مثلا لا لحاجة ولا لتجارة بل لا يريد إلا إتلاف ما أخذ على صاحبه ولا ينوي قضاءها وقوله أتلفه الله الظاهر إتلاف الشخص نفسه في الدنيا بإهلاكه وهو يشمل ذلك ويشمل إتلاف طيب عيشه وتضييق أموره وتعسر مطالبه ومحق بركته ويحتمل إتلافه في الآخرة بتعذيبه قال ابن بطال فيه الحث على ترك استئكال أموال الناس والترغيب في حسن التأدية إليهم عند المداينة وأن الجزاء يكون من جنس العمل وأخذ منه الداودي أن من
(3/50)

عليه دين فليس له أن يتصدق ولا يعتق وفيه بعد وفي الحديث الحث على حسن النية والترهيب عن خلافه وبيان أن مدار الأعمال عليها وأن من استدان ناويا الإيفاء أعانه الله عليه وقد كان عبد الله بن جعفر يرغب في الدين فيسأل عن ذلك فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله مع الدائن حتى يقضى دينه" رواه ابن ماجه والحاكم وإسناده حسن إلا أنه اختلف فيه على محمد بن علي ورواه الحاكم من حديث عائشة بلفظ "ما من عبد كانت له نية في وفاء دينه إلا كان له من الله عون" قالت يعني عائشة فأنا ألتمس ذلك العون فإن قلت قد ثبت حديث "إنه يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين" وحديث "الآن بردت جلدته" قاله لمن أدى دينا عن ميت مات عليه دين قلت يحتمل أن معنى لا يغفر للشهيد الدين أنه باق عليه حتى يوفيه الله عنه يوم القيامة ولا يلزم من بقائه عليه أن يعاقب في قبره ومعنى قوله بردت جلدته خلصته من بقاء الدين عليه ويحتمل أن ذلك فيمن استدان ولم ينو الوفاء
4-وعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله إن فلانا قدم له بز من الشام فلو بعثت إليه فأخذت منه ثوبين نسيئة إلى ميسرة فبعث إليه فامتنع" أخرجه الحاكم والبيهقي ورجاله ثقات فيه دليل على بيع النسيئة وصحة التأجيل إلى ميسرة وفيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من حسن معاملة العباد وعدم إكراههم على الشيء وعدم الإلحاح عليهم وهذا من باب الرهن وهو لغة الإحتباس من قولهم رهن الشيء إذا دام وثبت ومنه {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} وفي الشرع جعل مال وثيقة على دين ويطلق على العين المرهونة.