عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت" بضم الصاد المهملة وتشديد الراء ففاء معناه بينت مصارف "الطرق" وشوارعها "فلا شفعة" متفق عليه
 
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت" بضم الصاد المهملة وتشديد الراء ففاء معناه بينت مصارف "الطرق" وشوارعها "فلا شفعة" متفق عليه

الشفعة بضم الشين المعجمة وسكون الفاء في اشتقاقها ثلاثة أقوال قيل من الشفع وهو الزوج وقيل من الزيادة وقيل من الإعانة وهي شرعا انتقال حصة إلى حصة بسبب شرعي كأن انتقلت إلى أجنبي بمثل العوض المسمى وقال أكثر الفقهاء إنها واردة على خلاف القياس لأنها تؤخذ كرها ولأن الأذية لا تدفع عن واحد بضرر آخر وقيل خالفت هذا القياس ووافقت قياسات أخر يدفع فيها ضرر الغير بضرر الآخر ثم يؤخذ حقه كرها كبيع الحاكم عن المتمرد والمفلس ونحوهما


واللفظ للبخاري وفي رواية مسلم أي من حديث جابر "الشفعة في كل شرك" أي مشترك "في أرض أو ربع" بفتح الراء وسكون الموحدة الدار ويطلق على الأرض لا يصلح وفي لفظ لا يحل أن يبيع الخليط لدلالة السياق عليه حتى يعرض على شريكه وفي رواية الطحاوي أي من حديث جابر "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء" ورجاله ثقات الألفاظ في هذا الحديث قد تضافرت في الأدلة على ثبوت الشفعة للشريك في الدور والعقار والبساتين وهذا مجمع عليه إذا كان مما يقسم وفيما لا يقسم كالحمام
(3/73)

الصغير ونحوه خلاف وذهب الهادوية وفي البحر العترة إلى صحة الشفعة في كل شيء ومثله في البحر عن أبي حنيفة وأصحابه ويدل له حديث الطحاوي ومثله عند ابن عباس عند الترمذي مرفوعا "الشفعة في كل شيء" وإن قيل إن رفعه خطأ فقد ثبت إرساله عن ابن عباس وهو شاهد لرفعه على أن مرسل الصحابي إذا صحت إليه الرواية حجة وعن المنصور أنه لا شفعة في المكيل والموزون لأنه لا ضرر فيه فأجيب بأن فيه ضررا وهو إسقاط حق الجوار ولأنا لا نسلم أن العلة الضرر وذهب الأكثر على عدم ثبوتها في المنقول مستدلين بقوله "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" فإنه دل على أنها لا تكون إلا في العقار وتلحق به الدار لقوله في حديث مسلم أو ربع قالوا ولأن الضرر في المنقول نادر وأجيب بأن ذكر حكم بعض أفراد العام لا يقصره عليه قالوا:ولأنه أخرج البزار من حديث جابر والبيهقي من حديث أبي هريرة بلفظ الحصر فيهما الأول "و لا شفعة إلا في ربع أو حائط" ولفظ الثاني "لا شفعة إلا في دار أو عقار" إلا أنه قال البيهقي بعد سياقه له الإسناد ضعيف وأجيب بأنها لو ثبتت لكانت مفاهيم ولا تقاوم منطوق في كل شيء ومنهم من استثنى من المنقول الثياب فقال تصح فيها الشفعة ومنهم من استثنى منه الحيوان فقال تصح فيه الشفعة وفي حديث مسلم دليل على أنه لا يحل للشريك بيع حصته حتى يعرض على شريكه وأنه محرم عليه البيع قبل عرضه ومن حمله على الكراهة فهو حمل على خلاف أصل النهي بلا دليل واختلف العلماء هل للشريك الشفعة بعد أن آذنه شريكه ثم باعه من غيره فقيل له ذلك ولا يمنع صحتها تقدم إيذانه وهذا قول الأكثر وقال الثوري والحكم وأبو عبيد وطائفة من أهل الحديث تسقط شفعته بعد عرضه عليه وهو الأوفق بلفظ الحديث وهو الذي اخترناه في حاشية ضوء النهار وفي قوله أن يبيع ما يشعر بأنها إنما تثبت فيما كان بعقد البيع وهذا مجمع عليه وفي غيره خلاف وقوله في كل شيء يشمل الشفعة في الإجارة وقد منعها الهادوية وقالوا إنما تكون في عين لا منفعة وضعف قولهم لأن المنفعة تسمى شيئا وتكون مشتركة فشملها في كل شرك أيضا إذ لو لم تكن شيئا ولا مشتركة لما صح التأجير فيها ولا القسمة بالمهايأة ونحو ذلك وهي بيع مخصوص فيشملها لا يحل له أن يبيع فالحق ثبوت الشفعة فيها لشمول الدليل لها ولوجود علة الشفعة فيها وظاهر قوله في كل شرك أي مشترك ثبوتها للذمي على المسلم إذا كان شريكا له في الملك وفيه خلاف والأظهر ثبوتها للذمي في غير جزيرة العرب لأنهم منهيون عن البقاء فيها