وعن رجل من الصحابة قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول "الناس شركاء في ثلاثة في الكلإ" مهموز ومقصور( والماء والنار
 
وعن رجل من الصحابة قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول "الناس شركاء في ثلاثة في الكلإ" مهموز ومقصور( والماء والنار
رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات وروى ابن ماجه من حديث أبي هريرة مرفوعا "ثلاث لا يمنعن الكلأ والماء والنار" وإسناده صحيح وفي الباب روايات كثيرة لا تخلو من مقال ولكن الكل ينهض على الحجية ويدل للماء بخصوصه أحاديث في مسلم وغيره والكلأ النبات رطبا كان أو يابسا وأما الحشيش والهشيم فمختص باليابس وأما الخلا مقصور فيختص بالرطب ومثله العشب والحديث دليل على عدم اختصاص أحد من الناس بأحد الثلاثة وهو إجماع في الكلأ في الأرض المباحة والجبال التي لم يحرزها أحد فإنه لا يمنع من أخذ كلئها أحد إلا ما حماه الإمام كما سلف وأما النابت في الأرض المملوكة والمتحجرة
(3/86)

ففيه خلاف بين العلماء فعند الهادوية وغيرها أن ذلك مباح أيضا وعموم الحديث دليل لهم وأما النار فاختلف في المراد بها فقيل أريد بها الحطب الذي يحطبه الناس وقيل أريد بها الاستصباح منها والاستضاءة بضوئها وقيل الحجارة التي تورى منها النار إذا كانت في موات والأقرب أنه أريد بها النار حقيقة فإن كانت من حطب مملوك فقيل حكمها حكم أصلها وقيل يحتمل أنه يأتي فيها الخلاف الذي في الماء وذلك لعموم الحاجة وتسامح الناس في ذلك وأما الماء فقد تقدم الكلام فيه وأنه يحرم منع المياه المجتمعة من الأمطار في أرض مباحة وأنه ليس أحد أحق بها من أحد إلا لقرب أرضه منها ولو كان في أرض مملوكة فكذلك إلا أن صاحب الأرض المملوكة أحق به يسقيها ويسقي ماشيته ويجب بذله لما فضل من ذلك فلو كان في أرضه أو داره عين نابعة أو بئر احتفرها فإنه لا يملك الماء بل حقه فيه تقديمه في الانتفاع به على غيره وللغير دخول أرضه كما سلف فإن قيل فهل يجوز بيع العين والبئر نفسهما قيل يجوز بيع العين والبئر لأن النهي وارد عن بيع فضل الماء لا البئر والعيون في قرارهما فلا نهي عن بيعهما والمشتري لهما أحق بمائهما بقدر كفايته وقد ثبت شراء عثمان لبئر رومة من اليهودي بأمره صلى الله عليه وسلم وسبلها للمسلمين فإن قيل إذا كان الماء لا يملك فكيف تحجر اليهودي البئر حتى باعها من عثمان قيل هذا كان في أول الإسلام حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وقبل تقرر الأحكام على اليهودي والنبي صلى الله عليه وسلم أبقاهم أول الأمر على ما كانوا عليه وقررهم على ما تحت أيديهم
(3/87)