وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث"
 
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث"
رواه أحمد والأربعة إلا النسائي وحسنه أحمد والترمذي وقواه ابن خزيمة وابن الجارود ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس وزاد في آخره "إلا أن يشاء الورثة" وإسناده حسن وفي الباب عن عمرو بن خارجة عند الترمذي والنسائي وعن أنس عند ابن ماجه وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند الدارقطني وعن جابر عنده أيضا وقال الصواب إرساله وعن علي عند ابن أبي شيبة ولا يخلو إسناد كل واحد منها عن مقال لكن مجموعها ينهض على العمل به بل جزم الشافعي في الأم أن هذا المتن متواتر فإنه قال إنه نقل كافة عن كافة وهو أقوى من نقل واحد قلت الأقرب وجوب العمل به لتعدد طرقه ولما قال الشافعي وإن نازع في تواتره الفخر الرازي ولا يضر ذلك بثبوته فإنه متلقى بالقبول من الأمة كما عرف وقد ترجم له البخاري فقال باب لا وصية لوارث وكأنه لم يثبت على شرطه فلم يخرجه ولكنه أخرج بعده عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس موقوفا في تفسير الآية وله حكم المرفوع والحديث دليل على منع الوصية للوارث وهو قول الجماهير من العلماء وذهب الهادي وجماعة إلى جوازها مستدلين بقوله تعالى -كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت- الآية قالوا ونسخ الوجوب لا ينافي بقاء الجواز قلنا نعم لو لم يرد هذا الحديث فإنه ناف لجوازها إذ وجوبها قد علم نسخه من آية المواريث كما قال ابن عباس كان المال للولد والوصية للوالدين فنسخ الله سبحانه من ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس وجعل للمرأة الثمن والربع وللزوج الشطر والربع وقوله إلا أن يشاء الورثة دل على أنها تصح وتنفذ الوصية للوارث إن أجازها الورثة وتقدم الكلام في إجازة الورثة ما زاد على الثلث هل ينفذ بها أو لا وأن الظاهرية ذهبت إلى أنه لا أثر لإجازتهم والظاهر معهم لأنه صلى الله عليه وسلم لما نهى عن الوصية للوارث قيدها بقوله "إلا أن يشاء الورثة" وأطلق لما منع عن الوصية بالزائد على الثلث وليس لنا تقييد ما أطلقه ومن قيد هنالك قال إنه
(3/106)

يؤخذ القيد من التعليل بقوله إنك أن تذر الخ فإنه دل على أن المنع من الزيادة على الثلث كان مراعاة لحق الورثة فإن أجازوا سقط حقهم ولا يخلو عن قوة هذا في الوصية للوارث واختلفوا إذا أقر المريض للوارث بشيء من ماله فأجازه الأوزاعي وجماعة مطلقا وقال أحمد لا يجوز إقرار المريض لوارثه مطلقا واحتج بأنه لا يؤمن بعد المنع من الوصية لوارثه أن يجعلها إقرارا واحتج الأول بما يتضمن الجواب عن هذه الحجة فقال إن التهمة في حق المحتضر بعيدة وبأنه وقع الاتفاق أنه لو أقر بوارث آخر صح إقراره مع أنه يتضمن الإقرار بالمال وبأن مدار الأحكام على الظاهر فلا يترك إقراره للظن المحتمل فإن أمره إلى الله قلت وهذا القول أقوى دليلا واستثنى مالك ما إذا أقر لبنته ومعها من يشاركها من غير الولد كابن العم قال لأنه يتهم في أنه يزيد لابنته وينقص ابن العم وكذلك استثنى ما إذا أقر لزوجته المعروف بمحبته لها وميله إليها وكان بينه وبين ولده من غيرها تباعد لا سيما إذا كان له منها ولد في تلك الحال قلت والأحسن ما قيل عن بعض المالكية واختاره الروياني من الشافعية أن مدار الأمر على التهمة وعدمها فإن فقدت جاز وإلا فلا وهي تعرف بقرائن الأحوال وغيرها وعن بعض الفقهاء أنه لا يصح إقراره إلا للزوجة بمهرها