(وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم"
 
(وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم"
رواه الدارقطني وأخرجه أحمد والبزار من حديث أبي الدرداء وابن ماجه من حديث أبي هريرة وكلها ضعيفة لكن قد يقوي بعضها بعضا والله أعلم) وذلك لأن في إسناده إسماعيل بن عياش وشيخه عتبة بن حميد وهما ضعيفان وإن كان لهم في رواية إسماعيل تفصيل معروف والحديث دليل على شرعية الوصية بالثلث وأنه لا يمنع منه الميت وظاهره الإطلاق في حق من له مال كثير ومن قل ماله وسواء كانت لوارث أو غيره ولكن يقيده ما سلف من الأحاديث التي هي أصح منه فلا تنفذ للوارث وإليه ذهب الفقهاء الأربعة وغيرهم والمؤيد بالله وروى عن زيد بن علي وذهبت الهادوية إلى نفوذها للوارث وادعى فيه إجماع أهل البيت ولا يصح هذا واعلم أن قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} يقتضي ظاهره أنه يخرج الدين والوصية من تركة الميت على سواء فتشارك الوصية الدين إذا استغرق المال وقد اتفق العلماء على أنه يقدم إخراج الدين على الوصية لما أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما من حديث علي عليه السلام من رواية الحارث الأعور عنه قال قضى محمد صلى الله عليه وسلم أن الدين قبل الوصية وأنتم تقرءون الوصية قبل الدين وعلقه البخاري وإسناده ضعيف لكن قال الترمذي العمل عليه عند أهل العلم وكأن البخاري اعتمد عليه لاعتضاده بالاتفاق على مقتضاه وقد أورد له شاهدا ولم يختلف العلماء أن الدين يقدم على الوصية فإن قيل فإذا كان الأمر هكذا فلم قدمت الوصية على الدين في الآية قلت أجاب السهيلي بأنها لما كانت الوصية تقع على وجه البر والصلة والدين يقع بتعدي الميت بحسب الأغلب بدأ بالوصية لكونها أفضل وأجاب غيره بأنها
(3/107)

إنما قدمت الوصية لأنها شيء يؤخذ بغير عوض والدين يؤخذ بعوض فكان إخراج الوصية أشق على الوارث من إخراج الدين وكان أداؤها مظنة التفريط بخلاف الدين فقدمت الوصية لذلك ولأنها حظ الفقير والمسكين غالباً والدين حظ الغريم يطلبه بقوة وله مقال ولأن الوصية ينشئها الموصي من قبل نفسه فقدمت تحريضا على العمل بها بخلاف الدين فإنه مطلوب منه ذكر أو لم يذكر أو لأن الوصية ممكنة من كل أحد تتعلق بذمته إماندباً أو وجوبا فيشترك فيها جميع المخاطبين وتقع بالمال وبالعمل وقل ما يخلو عن ذلك بخلاف الدين وما يكثر وقوعه أهم بأن يذكر أولا مما يقل وقوعه
(3/108)