وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين فسألوها من صنع بك هذا فلان فلان حتى ذكروا يهوديا فأومأت برأسها فأخذ اليهودي فأقر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين
 
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين فسألوها من صنع بك هذا فلان فلان حتى ذكروا يهوديا فأومأت برأسها فأخذ اليهودي فأقر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين
متفق عليه واللفظ لمسلم الحديث دليل على أنه يجب القصاص بالمثل كالمحدد وأنه يقتل الرجل بالمرأة وأنه يقتل بما قتل به فهذه ثلاث مسائل الأولى: وجوب القصاص بالمثقل وإليه ذهب الهادوية و الشافعي ومالك ومحمد بن الحسن عملا بهذا الحديث والمعنى المناسب ظاهر قوي وهو صيانة الدماء من الإهدار ولأن القتل بالمثل كالقتل بالمحدد في إزهاق الروح وذهب أبو حنيفة والشعبي والنخعي إلى أنه لا قصاص في القتل بالمثل واحتجوا بما أخرجه البيهقي من حديث النعمان بن بشير مرفوعا كل شيء خطأ إلا السيف ولكل خطأ أرش وفي لفظ كل شيء سوى الحديدة خطأ ولكل خطأ أرش وأجيب بأن الحديث مداره على جابر الجعفي وقيس بن الربيع ولا يحتج بهما فلا يقاوم حديث أنس هذا وجواب الحنفية عن حديث أنس بأنه حصل في الرض الجرح أو بأن اليهودي كان عادته قتل الصبيان فهو من الساعين في الأرض فسادا تكلف وأما إذا كان القتل بآلة لا يقصد بمثلها القتل غالبا كالعصا والسوط واللطمة ونحو ذلك فعند الهادوية و الليث ومالك يجب فيها القود وقال الشافعي وأبو حنيفة وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم لا قصاص فيه وهو شبه العمد وفيه الدية مائة من الإبل مغلظة فيها أربعون خلفة في بطونها أولادها لما أخرجه أحمد وأهل السنن إلا الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا وإن في قتل الخطإ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل فيها أربعون في بطونها أولادها" قال ابن كثير في الإرشاد: في إسناده اختلاف كثير ليس هذا موضع بسطه قلت إذا صح الحديث فقد اتضح الوجه وإلا فالأصل عدم اعتبار الآلة في إزهاق الروح بل ما أزهق الروح أوجب القصاص المسألة الثانية قتل الرجل بالمرأة وفيه خلاف ذهب إلى قتله بها أكثر أهل العلم وحكى ابن المنذر الإجماع على ذلك لهذا الحديث وعن الحسن البصري أنه لا يقتل الرجل بالأنثى وكأنه يستدل بقوله تعالى: {والْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} ورد بأنه ثبت في كتاب عمرو بن حزم الذي تلقاه الناس بالقبول أن الذكر يقتل بالأنثى فهو أقوى من مفهوم الآية وذهبت الهادوية إلى أن الرجل يقاد بالمرأة ويوفى ورثته نصف ديته
(3/236)

قالوا لتفاوتهما في الدية ولأنه تعالى قال والجروح قصاص ورد بأن التفاوت في الدية لا يوجب التفاوت في النفس ولذا يقتل عبد قيمته ألف بعبد قيمته عشرون وقد وقعت المساواة في القصاص لأن المراد بالمساواة في الجروح أن لا يزيد المقتص على ما وقع فيه من الجرح المسألة الثالثة أن يكون القود بمثل ما قتل به وإلى هذا ذهب الجمهور وهو الذي يستفاد من قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} وقوله: {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وبما أخرجه البيهقي من حديث البراء عنه صلى الله عليه وسلم "من غرض غرضنا له ومن حرق حرقناه ومن غرق غرقناه" أي من اتخذه غرضا للسهام وهذا يقيد بما إذا كان السبب الذي قتل به يجوز فعله وأما إذا كان لا يجوز فعله كمن قتل بالسحر فإنه لا يقتل به لأنه محرم وفيه خلاف قال بعض الشافعية إذا قتل باللواط أو بإيجار الخمر أنه يدس فيه خشبة ويوجر الخل وقيل يسقط اعتبار المماثلة وذهب الهادوية والكوفيون و أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لا يكون الاقتصاص إلا بالسيف واحتجوا بما أخرجه البزار و ابن عدي من حديث أبي بكرة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا قود إلا بالسيف" إلا أنه ضعيف قال ابن عدي طرقه كلها ضعيفة واحتجوا بالنهي عن المثلة وبقوله صلى الله عليه وسلم إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وأجيب بأنه مخصص بما ذكر وفي قوله فأقر دليل على أنه يكفي الإقرار مرة واحدة إذ لا دليل على أنه كرر الإقرار