وعن عمران بن حصين قال قاتل يعلى بن أمية رجلا فعض أحدهما صاحبه فانتزع يده من فمه فنزع ثنيته فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال "أيعض أحدكم " بفتح حرف المضارعة فتكون المهملة ماضية عضض بكسر الضاء الأولى يعضض بفتحها في المضارع فأدغمت ونقلت حركتها إلى ما قبلها "أخاه كما يعض الفحل" أي الذكر من الإبل " لا دية له" متفق عليه
 
وعن عمران بن حصين قال قاتل يعلى بن أمية رجلا فعض أحدهما صاحبه فانتزع يده من فمه فنزع ثنيته فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال "أيعض أحدكم " بفتح حرف المضارعة فتكون المهملة ماضية عضض بكسر الضاء الأولى يعضض بفتحها في المضارع فأدغمت ونقلت حركتها إلى ما قبلها "أخاه كما يعض الفحل" أي الذكر من الإبل " لا دية له" متفق عليه
واللفظ لمسلم اختلف في العاض والمعضوض منهما فقال الحافظ الصحيح المعروف أن المعضوض أجير يعلى ولا يعلى قيل فيتعين أن يكون يعلى هو العاض وفي الحديث دليل على أن هذه الجناية التي وقعت لأجل الدفع عن الضرر تهدر ولا دية على الجاني وإلى هذا ذهب الجمهور وقالوا لا يلزمه شيء لأنه في حكم الصائل واحتجوا أيضا بالإجماع على أن من شهر على آخر سلاحا ليقتله فدفع عن نفسه فقتل الشاهر أنه لا شيء عليه قالوا ولو جرحه المعضوض في محل آخر من بدنه لم يلزمه شيء وشرط الإهدار أن يتألم المعضوض وأن لا يمكنه تخليص يده بغير ذلك من ضرب شدقه أو فك لحييه ليرسلهما ومهما أمكن التخلص بدون ذلك فعدل عنه إلى الأثقل لم يهدر وللشافعية وجه أنه يهدر على الإطلاق ودليل شرط الإهدار بما ذكر مأخوذ من القواعد الكلية في الشرع وإلا فلا يفيده الحديث فإن كان لعض في موضع آخر من البدن جرى فيه هذا الحكم قياسا
(3/262)

3-- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم: "لو أن أمرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح" متفق عليه دل الحديث على تحريم الاطلاع على الغير بغير إذنه وعلى أن من اطلع قاصدا للنظر إلى محل غيره مما لا يجوز الدخول إليه إلا بإذن مالكه فإنه يجوز للمطلع عليه دفعه بما ذكر وإن فقأ عينه فإنه لا ضمان عليه وفي لفظ لأحمد والنسائي وصححه ابن حبان فلا دية له ولا قصاص وأما إذا كان مأذوناً بالنظرفالجناح غير مرفوع على من جنى على الناظر وكذا لو كان المنظور إليه في محل لا يحتاج إلى الإذن ولو نظر منه ما لا يحل له النظر إليه لأن التقصير من المنظور إليه وإلى هذا ذهب الشافعي وغيره والخلاف فيه للمالكية قال يحيى بن يعمر من المالكية لعل مالكا لم يبلغه الخبر وقال ابن دقيق العيد تصرف الفقهاء في الحكم بأنواع من التصرفات منها أنه يفرق بين أن يكون هذا الناظر واقعا في الشارع أو في خالص ملك المنظور إليه أو في سكة منسدة الأسفل اختلفوا فيه والأشهر أنه لا فرق ولا يجوز مد العين إلى حرم الناس بحال وفي وجه للشافعية أنه لا تفقأ إلا عين من وقف في ملك المنظور إليه والحديث مطلق ومنها أنه هل يجوز رمي الناظر قبل الإنذار والنهي فيه وجهان للشافعية أحدهما لا والثاني نعم قلت وهو الذي يدل له الحديث ويؤيده الحديث الآخر "أنه صلى الله عليه وسلم جعل يختل المطلع عليه ليطعنه" والختل فسره في النهاية بقوله يراوده ويطلبه من حيث لا يشعر وفي الحديث دليل أنه إنما يباح له قصد العين بشيء خفيف كالمدرى والبندقة والحصاة لقوله فخذفته قال الفقهاء فأما لو رماه بالنشاب أو بحجر يقتله فقتله فهذا قتيل يتعلق به القصاص أو الدية ومما تصرف فيه الفقهاء أن هذا الناظر إذا كان له محرم في الدار أو زوجة أو متاع لم يجز قصد عينه لأنه له في النظر شبهة وقيل لا يكفي إذا كان له في الدار محرم بل إنما يمتنع قصد عينه إذا لم يكن في الدار إلا محارمه ومنها إذا لم يكن في الدار إلا صاحبها فله الرمي إن كان مكشوف العورة ولا ضمان وإلا فوجهان أظهرهما لا يجوز رميه ومنها أن الحريم إذا كن في الدار مستترات أو في بيت ففي وجه لا يجوز قصد عينه لأنه لا يطلع على شيء قال بعض الفقهاء والأظهر الجواز لإطلاق الأخبار وأنه لا تنضبط روينا الستر والتكشف والاحتياط حسم الباب ومنها أن ذلك إنما يكون إذا لم يقصر صاحب الدار فإن كان بابه مفتوحا أو ثمة كوة واسعة أو ثلمة مفتوحة فينظر فإن كان مجتازا لم يجز قصده وإن كان وقف وتعمد فقيل لا يجوز قصده لتفريط صاحب الدار بفتح الباب وتوسيع الكوة وقيل يجوز بتعديه بالنظر وأجرى هذا الخلاف فيما إذا نظر من سطح بيته أو نظر المؤذن من المئذنة لكن الأظهر ههنا عندهم جواز الرمي لأنه لا تقصير من صاحب الدار ثم قال واعلم أن ما كان من هذه التصرفات الفقهية داخلا تحت إطلاق الحديث فهو مأخوذ منها ومالا فبعضه مأخوذ من فهم المعنى المقصود بالحديث وبعضه مأخوذ من القياس وهو قليل فيما ذكر انتهى كلامه
(3/263)

واعلم أنه يؤخذ من هذا الحديث صحة قول الفقهاء إنها تهدم الصوامع المحدثة المعورة وكذا تعلية الملك إذا كانت معورة وهو محكي عن القاسم الرسي وهو رأي عمر فإنه أخرج عنه ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن يزيد بن أبي حبيب قال أول من بنى غرفة بمصر خارجة بن حذافة فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب إلى عمرو بن العاص سلام عليك أما بعد فإنه بلغني أن خارجة بن حذافة بنى غرفة ولقد أراد أن يطلع على عورات جيرانه فإذا أتاك كتابي هذا فاهدمها إن شاء الله تعالى والسلام