وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أول لعان كان في الإسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم البينة وإلا فحد في ظهرك الحديث
 
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أول لعان كان في الإسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم البينة وإلا فحد في ظهرك الحديث
أخرجه أبو يعلى ورجاله ثقات وفي البخاري نحوه من حديث ابن عباس قوله أول لعان قد اختلفت الروايات في سبب نزول آية اللعان ففي رواية أنس أنها نزلت في قصة هلال وفي أخرى أنها نزلت في قصة عويمر العجلاني ولا ريب أن أول لعان كان بنزولها لبيان الحكم وجمع بينهما بأنها نزلت في شأن هلال وصادف مجيء عويمر العجلاني وقيل غيرذلك والحديث دليل على أن الزوج إذا عجز عن البينة على ما ادعاه من ذلك الأمر وجب عليه الحد إلا أنه نسخ وجوب الحد عليه بالملاعنة وهذا من نسخ السنة بالقرآن إن كانت آية جلد القذف وهي قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الآية سابقة نزولا على آية اللعان وإلا فآية اللعان إما ناسخة على تقدير تراخي النزول عند من يشترطه لقذف الزوج أو مخصصة إن لم يتراخ النزول أو تكون آية اللعان قرينة على أنه أريد بالعموم في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الخصوص وهو من عدا القاذف لزوجته من باب استعمال العام في الخاص بخصوصه كذا قيل والتحقيق أن الأزواج القاذفين لأزواجهم باقون في عموم الآية وإنما جعل الله تعالى شهادة الزوج أربع شهادات قائمة مقام الأربعة الشهداء ولذا سمي الله أيمانه شهادة فقال: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} فإذا نكل عن الأيمان وجب جلده جلد القذف كما أنه إذا رمى أجنبية أجنبي ولم يأت بأربعة شهداء جلد للقذف فالأزواج باقون في عموم {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} داخلون في حكمه ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "البينة وإلا فحد في ظهرك" وإنما أنزل الله آيات اللعان لإفادة أنه إذا فقد الزوج البينة وهم الأربعة الشهداء فقد جعل الله تعالى عوضهم الأربع الأيمان وزاد
(4/16)

الخامسة للتأكيد والتشديد وجلد الزوج بالنكول قول الجمهور فكأنه قيل في الآية الأولى ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ولم يحلفوا إن كانوا أزواجا لمن رموا
وغايته أنها قيدت الآية الثانية بعض أفراد عموم الأولى بقيد زائد عوضا عن القيد الأول إذا فقد الأول والله أعلم