وعن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل
 
وعن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل
رواه أبو داود وأصله عند مسلم ففيه دليل على أن السلب الذي يؤخذ من العدو الكافر يستحقه قاتله سواء قال الإمام قبل القتال من قتل قتيلا فله سلبه أو لا وسواء كان القاتل مقبلا أو منهزما وسواء كان ممن يستحق السهم في المغنم أو لا إذ قوله قضى بالسلب للقاتل حكم مطلق غير مقيد بشيء من الأشياء قال الشافعي وقد حفظ هذا الحكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن كثيرة منها يوم بدر فإنه صلى الله عليه وسلم حكم بسلب أبي جهل لمعاذ بن الجموح لما كان هو المؤثر في قتل أبي جهل وكذا في قتل حاطب ابن أبي بلتعة لرجل يوم أحد أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم سلبه رواه الحاكم والأحاديث في هذا الحكم كثيرة وقوله صلى الله عليه وسلم في يوم حنين "من قتل قتيلا فله سلبه" بعد القتال لا ينافي هذا بل هو مقرر للحكم السابق فإن هذا كان معلوما عند الصحابة من قبل حنين ولذا قال عبد الله بن جحش اللهم ارزقني رجلا شديدا إلى قوله أقتله وآخذ
(4/52)

سلبه كما قدمنا قريبا وأما قول أبي حنيفة والهادوية إنه لا يكون السلب للقاتل إلا إذا قال الإمام قبل القتال مثلا من قتل قتيلا فله سلبه وإلا كان السلب من جملة الغنيمة بين الغانمين فإنه قول لا توافقة الأدلة وقال الطحاوي ذلك موكول إلى رأي الإمام فإنه صلى الله عليه وسلم أعطى سلب أبي جهل لمعاذ بن الجموح بعد قوله له ولمشاركه في قتله كلاكما قتله لما أرياه سيفيهما وأجيب عنه بأنه صلى الله عليه وسلم إنما أعطاه معاذا لأنه الذي أثر في قتله لما رأى عمق الجناية في سيفه وأما قوله: "كلاكما قتله" فإنه قاله تطييبا لنفس صاحبه وأما تخميس السلب الذي يعطاه القاتل فعموم الأدلة من الأحاديث قاضية بعدم تخميسه وبه قال أحمد وابن المنذر وابن جرير وآخرون كأنهم يخصصون عموم الآية فإنه أخرج حديث عوف بن مالك أبو داود وابن حبان بزيادة ولم يخمس السلب وكذلك أخرجه الطبراني واختلفوا هل تلزم القاتل البينة على أنه قتل من يريد أخذ سلبه فقال الليث والشافعي وجماعة من المالكية إنه لا يقبل قوله إلا بالبينة لورود ذلك في بعض الروايات بلفظ من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه وقال مالك والأوزاعي يقبل قوله بلا بينة قالوا لأنه صلى الله عليه وسلم قد قبل قول واحد ولم يحلفه بل اكتفى بقوله وذلك في قصة معاذ بن الجموح وغيرها فيكون مخصصا لحديث الدعوى والبينة