وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر بالغين المعجمة ففاء في القاموس المغفر كمنبر وبهاء وككتابة زرد من الدرع يلبس تحت القلنسوة أو حلق يتقنع بها المسلح فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خطل بفتح المعجمة وفتح الطاء المهملة متعلق بأستار الكعبة فقال: "اقتلوه" متفق عليه
 
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر بالغين المعجمة ففاء في القاموس المغفر كمنبر وبهاء وككتابة زرد من الدرع يلبس تحت القلنسوة أو حلق يتقنع بها المسلح فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خطل بفتح المعجمة وفتح الطاء المهملة متعلق بأستار الكعبة فقال: "اقتلوه" متفق عليه
فيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة غير محرم يوم الفتح لأنه دخل مقاتلا ولكن يختص به ذلك فإنه محرم القتال فيها كما قال صلى الله عليه وسلم :"وإنما أحلت لي ساعة من نهار" الحديث وهو متفق عليه وأما أمره صلى الله عليه وسلم بقتل ابن خطل وهو أحد جماعة تسعة أمر صلى الله عليه وسلم بقتلهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة فأسلم منهم ستة وقتل ثلاثة منهم ابن خطل وكان ابن خطل قد أسلم فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الأنصار وكان معه مولى يخدمه مسلما فنزل منزلا وأمر مولاه أن يذبح له تيسا ويصنع له طعاما فنام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ثم ارتد مشركا وكانت له قينتان تغنيانه بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقتلهما معه فقتلت إحداهما واستؤمن للأخرى فأمنها قال الخطابي قتله صلى الله عليه وسلم بحق ما جناه في الإسلام فدل على أن الحرم لا يعصم من إقامة واجب ولا يؤخره عن وقته انته وقد اختلف الناس في هذا فذهب مالك والشافعي إلى أنه يستوفي الحدود والقصاص بكل مكان وزمان لعموم الأدلة ولهذه القصة وذهب الجمهور من السلف والخلف وهو قول الهادوية إلى أنه لا يستوفى فيها حد لقوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} ولقوله صلى الله عليه وسلم "لا يسفك بها دم" وأجابوا عما احتج به الأولون بأنه لا عموم للأدلة في الزمان والمكان بل هي مطلقات مقيدة بما ذكرناه من الحديث وهو متأخر فإنه في يوم الفتح بعد شرعية الحدود وأما قتل ابن خطل ومن ذكر معه فإنه كان في الساعة التي أحلت فيها مكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم واستمرت من صبيحة يوم الفتح إلى العصر وقد قتل ابن خطل وقت الضحى بين زمزم والمقام وهذا الكلام فيمن ارتكب حدا في غير الحرم ثم التجأ إليه وأما إذا ارتكب إنسان في الحرم ما يوجب الحد فاختلف القائلون بأنه لا يقام فيه حد فذهب بعض الهادوية أنه يخرج من الحرم ولا يقام عليه الحد وهو فيه وخالف ابن عباس فقال من سرق أو قتل في الحرم أقيم عليه في الحرم رواه أحمد عن طاوس عن ابن عباس وذكر الأثرم عن ابن عباس أيضا من أحدث حدثا في الحرم أقيم عليه الحد ما ماأحدث فيه من شيء والله تعالى يقول: {وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} ودل كلام
(4/54)

ابن عباس رضي الله عنه أنه يقام فيه وفرقوا بينه وبين الملتجىء إليه بأن الجاني فيه هاتك لحرمته والملتجىء معظم لها ولأنه لم يقم الحد على من جنى فيه من أهله لعظم الفساد في الحرم وأدى إلى أن من أراد الفساد قصد إلى الحرم ليسكنه وفعل فيه ما تتقاضاه شهوته وأما الحد بغير القتل فيما دون النفس من القصاص ففيه خلاف أيضا فذهب أحمد في رواية أنه يستوفى لأن الأدلة إنما وردت فيمن سفك الدم وإنما ينصرف إلى القتل ولا يلزم في الحرم تحريم ما دونه لأن حرمة النفس أعظم والانتهاك بالقتل أشد ولأن الحد فيما دون النفس جار مجرى تأديب السيد عبده فلم يمنع منه وعنه رواية بعدم الاستيفاء لشيء عملا بعموم الأدلة ولا يخفى أن الحكم للأخص حيث صح أن سفك الدم لا ينصرف إلا إلى القتل قلت ولا يخفى أن الدليل خاص بالقتل والكلام من أدله في الحدود فلا بد من حملها على القتل إذ حد الزنا غير الرجم وحد الشرب والقذف يقام عليه

الموضوع التالي


وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه هو أبو عبد الله سعيد بن جبير بضم الجيم وفتح الباء الموحدة فمثناة فراء الأسدي مولي بني والبة بطن من بني أسد بن خزيمة كوفي أحد علماء التابعين سمع ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأنسا وأخذ عنه عمرو بن دينار وأيوب قتله الحجاج سنة خمس وتسعين في شعبان منها ومات الحجاج في رمضان من السنة المذكورة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم بدر ثلاثة صبرا" في القاموس صبر الإنسان وغيره على القتل أن يحبس ويرمى حتى يموت وقد قتله صبرا وصبرا عليه ورجل صبورة مصبور للقتل انتهى