وعن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى"
 
وعن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى"
رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وهذا هو حديث العقيقة الذي اتفقوا على أنه سمعه الحسن من سمرة واختلفوا في سماعه لغيره منه من الأحاديث قال الخطابي اختلف في قوله مرتهن بعقيقته فذهب أحمد بن حنبل أنه إذا مات وهو طفل لم يعق عنه أنه لا يشفع لأبويه قلت ونقله الحليمي عن عطاء الخراساني ومحمد بن مطرف وهما إمامان عالمان متقدمان على أحمد وقيل إن المعنى العقيقة لازمة لا بد منها فشبه لزومها للمولود بلزوم الرهن للمرهون في يد المرتهن وهو يقوي قول الظاهرية بالوجوب وقيل المراد أنه مرهون بأذى شعره ولذلك جاء فأميطوا عنه الأذى ويقوي قول أحمد ما أخرجه البيهقي عن عطاء الخراساني وأخرجه ابن حزم عن بريدة الأسلمي قال إن الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة كما يعرضون على الصلوات الخمس وهذا دليل لو ثبت لمن قال بالوجوب وتقدم أنها مؤقتة
(4/98)

باليوم السابع كما دل ما مضى ودل له هذا أيضا وقال مالك تفوت بعده وقال من مات قبل السابع سقطت عنه العقيقة وللعلماء خلاف في العق بعده وفي قولها أمرهم أي المسلمين بأن يعق كل مولود له عن ولده فعند الشافعي يتعين على كل من تلزمه النفقة للمولود وعند الحنابلة يتعين على الأب إلا أن يموت أو يمتنع وأخذ من لفظ تذبح بالبناء للمجهول أنه يجزىء أن يعق عنه الأجنبي وقد تأيد بأنه صلى الله عليه وسلم عق عن الحسين كما سلف إلا أنه يقال قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أبوهما كما ورد به الحديث بلفظ كل بني أم ينتمون إلى عصبة إلا ولد فاطمة رضي الله عنها فأنا وليهم وأنا عصبتهم وفي لفظ وأنا أبوهم أخرجه الخطيب من حديث فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها ومن حديث عمر رضي الله تعالى عنه وأما ما أخرجه أحمد من حديث أبي رافع أن فاطمة رضي الله تعالى عنها لما ولدت حسنا قالت يا رسول الله ألا أعق عن ولدي بدم؟ قال: "لا ولكن احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره فضة" فهو من الأدلة على أنه قد أجزأ عنه ما ذبحه النبي صلى الله عليه وسلم عنه وأنها ذكرت هذا فمنعها ثم عق عنه وأرشدها إلى تولي الحلق والتصدق وهذا أقرب لأنها لا تستأذنه إلا قبل ذبحه وقبل مجيء وقت الذبح وهو السابع وفي قوله في حديث سمرة ويحلق دليل على شرعية حلق رأس المولود يوم سابعه وظاهره عام لحلق رأس الغلام والجارية وحكى المازني كراهة حلق رأس الجارية وعن بعض الحنابلة تحلق لإطلاق الحديث وأما تثقيب أذن الصبية لأجل تعليق الحلي فيها الذي يفعله الناس في هذه الأعصار وقبلها فقال الغزالي في الإحياء إنه لا يرى فيه رخصة فإن ذلك جرح مؤلم ومثله موجب للقصاص فلا يجوز إلا لحاجة مهمة كالفصد والحجامة والختان والتزين بالحلي غير مهم فهذا وإن كان معتادا فهو حرام ا ه وفي كتب الحنابلة أن تثقيب آذان الصبايا للحلي جائز ويكره للصبيان وفي فتاوى قاضي المطلوب من الحنفية لا بأس بثقب أذن العربي لأنهم كانوا في الجاهلية يفعلونه ولم ينكره عليهم النبي صلى الله عليه سلم قوله ويسمى هذا هو الصحيح في الرواية وأما روايته بلفظ ويدمي من الدم أي يفعل في رأسه من دم العقيقة كما كانت تفعله الجاهلية فقد وهم راويها بل المراد تسمية المولود وينبغي اختيار الاسم الحسن له لما ثبت من أنه صلى الله عليه وسلم كان يغير الاسم القبيح وصح عنه: "إن أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى شاهان شاه ملك الأملاك لا ملك إلا الله تعالى" فتحرم التسمية بذلك وألحق به تحريم التسمية بقاضي القضاة وأشنع منه حاكم الحكام نص عليه الأوزاعي ومن الألقاب القبيحة ما قاله الزمخشري: إنه توسع الناس في زماننا بكذا حتى لقبوا السفلة بألقاب العلية وهب أن العذر مبسوط فما أقول في تلقيب من ليس من
(4/99)

الدين في قبيل ولا دبير بفلان الدين هي لعمري والله الغصة التي لا تساغ
وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ونحوهما وأصدقها حارث وهمام ولا تكره التسمية بأسماء الأنبياء ويس وطه خلافا لمالك وفي مسند الحارث ابن أبي أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان له ثلاثة من الولد ولم يسم أحدهم بمحمد فقد جهل" فينبغي التسمي باسمه صلى الله عليه وسلم فقد أخرج في كتاب الخصائص لابن سبع عن ابن عباس "أنه إذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا ليقم من اسمه محمد فليدخل الجنة تكرم لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وقال مالك سمعت أهل المدينة يقولون ما من أهل بيت فيهم اسم محمد إلا رزقوا رزق خير وقال ابن رشد: يحتمل أن يكونوا عرفوا ذلك بالتجربة أو عندهم فيه أثر
فائدة روى أبو داود والترمذي " أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن والحسين حين ولدا" ورواه الحاكم والمراد الأذن اليمنى وفي بعض المسانيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في أذن مولود سورة الإخلاص وأخرج ابن السني عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام الصلاة في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان" وهي التابعة من الجن ويستحب تحنيكه بتمر لما في الصحيحين من حديث أبي موسى قال ولد لي غلام فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة ودعا له بالبركة والتحنيك
(4/100)

أن يضع التمر ونحوه في حنك المولود حتى ينزل في جوفه منه شيء وينبغي أن يكون المحنك من أهل الخير ممن ترجى بركته
(4/101)