ثالثاً: موقف عمر رضي الله عنه من خلاف رسول الله مع أزواجه:
 
ثالثاً: موقف عمر رضي الله عنه من خلاف رسول الله مع أزواجه:

عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم , اللتين قال الله تعالى: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا (التحريم: 4) حتى حجَّ عمر وحججت معه، فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة، فتبرز ثم أتاني، فسكبت على يديه فتوضأ، فقلت، يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم اللتان قال الله تعالى: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ؟ فقال عمر: واعجبا لك يا ابن عباس: قال الزهري: كره، والله
ما سأله عنه ولم يكتمه عنه – قال هي حفصة وعائشة. قال: ثم أخذ يسوق الحديث، قال: كنا معشر قريش قوماً نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي، قال: فتغضبت يوماً على امرأتي، فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكر أن أراجعك، فو الله إن أزواج النبي صلى الله عليه و سلم ليراجعنه، وتهجره إحداهنَّ اليوم إلى الليل. قال: فانطلقت، فدخلت على حفصة، فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ قالت: نعم. قلت: وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت: نعم. قلت: قد خاب من فعل ذلك منكنَّ وخسر، أفتأمن إحداكن أن يغضب عليها لغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول الله ولا تسأليه شيئاً، وسليني ما بدا لك،
ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم منك - يريد
عائشة -: قال وكان لي جار من الأنصار، وكنّا نتناوب النّزول إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم , فينزل يوماً، وأنزل يوماً، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه بمثل ذلك، قال: وكنا نتحدث أن غسّان تُنْعلُ الخيل لتغزونا، فنزل صاحبي يوماً، ثم أتاني عشاءً فضرب بابي، ثم ناداني فخرجت إليه، فقال: حدث أمر عظيم. فقلت: وماذا، أجاءت غسان؟ قال: لا بل أعظم من ذلك وأطول، طلق الرّسول نساءه. فقلت: قد خابت حفصة وخسرت، قد كنت أظن هذا كائناً. حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي، ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي، فقلت أطلقكن رسول الله؟ فقالت: لا أدري، هو هذا معتزل في هذه المشربة: فأتيت غلاماً له أسود، فقلت: استأذن لعمر، فدخل الغلام ثم خرج إليَّ، فقال: قد ذكرتُك له فصَمتَ، فانطلقت حتى أتيت المنبر، فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم، فجلست قليلاً، ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر فدخل ثم خرج إليَّ، فقال: قد ذكرتك له فصمت، فوليت مدبراً، فإذا الغلام يدعوني، فقال: ادخل، فقد أذن لك. فدخلت، فسلمت على رسول الله صلى الله عليه و سلم , فإذا هو متكئ على رمل حصير قد أثر في جنبه، فقلت: أطلقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسه إلي وقال؟ لا. فقلت: الله أكبر، لو رأيتنا يا رسول الله، وكنا معشر قريش قوماً نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فتغضبت على امرأتي يوماً فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني فقالت ما تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم ليُراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر، أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله، فإذا هي قد هلكت؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم , فقلت:
يا رسول الله، فدخلت على حفصة، فقلت: لا يغرَّنك إن كانت جارتك هي أوسم وأحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم منك، فتبسم أخرى، فقلت: أستأنس يا رسول الله؟ قال: نعم. فجلست، فرفعت رأسي في البيت، فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرُدُّ البصرَ إلا أهبة ثلاثة، فقلت: ادع يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وُسِّع على فارس والروم، وهم لا يعبدون الله. فاستوى جالساً، ثم قال: أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عُجِّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت: استغفر لي يا رسول الله. وكان أقسم أن
لا يدخل عليهن شهراً من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل .
هذا ما تيسر جمعه وترتيبه من حياة الفاروق في المجتمع المدني ولقد نال عمر رضي الله عنه أوسمة رفيعة من رسول الله صلى الله عليه و سلم بينت فضله ودينه وعلمه رضي الله عنه وسنتحدث عنها بإذن الله.