ثانياً: تعيين القضاة ورزقهم واختصاصهم القضائي:
 
ثانياً: تعيين القضاة ورزقهم واختصاصهم القضائي:


1- تعيين القضاة:
يصدر تعيين القضاة من الخليفة رأساً فقد عين عمر بن الخطاب شريحاً بالكوفة، أو يكون التعيين من الوالي بتفويض من الخليفة، كما عيّن عمرو بن العاص والي مصر عثمان بن قيس بن أبي العاص قاضياً بها فحق تعيين القاضي إلى الخليفة، إن شاء عينه بنفسه، وإن شاء فوّضه إلى واليه ولم يكن تعيين القضاة مانعاً من أن يتولى الخليفة القضاء بنفسه، لأن القضاء من سلطاته، وهو الذي يتعهد بالقضاء إلى غيره، فالحق الأول في القضاء إليه ولا يكتسب القاضي الصفة القضائية إلا إذا عيّنه الخليفة بنفسه، أو بواسطة واليه ، ويجوز للخليفة أن يعزل القاضي لسبب من الأسباب الداعية إلى ذلك، كما إذا زالت أهلية القاضي وصلاحيته للحكم، أو ثبت عليه ما يخل بواجب القضاء، وإن لم يجد سبباً للعزل فالأولى أن لا يعزله، لأن القاضي معيّن لمصلحة المسلمين فيبقى ما دامت المصلحة محققة ، وقد عزل عمر رضي الله عنه بعض القضاة وولى غيرهم ، مثلما عزل أبي مريم الحنفي، فقد وجد فيه ضعفاً فعزله.

2- رزق القضاة:
كان عمر رضي الله عنه يوصي الولاة باختيار الصالحين للقضاء، وبإعطائهم المرتبات التي تكفيهم ، فقد كتب إلى أبي عبيدة ومعاذ: انظروا رجالاً صالحين فاستعملوهم على القضاء وارزقوهم(
)، وقد ذكر الدكتور العمري مرتبات بعض القضاة في عهد عمر رضي الله عنه وهي كالآتي، سلمان بن ربيعة الباهلي (الكوفة) 500 درهم كل شهر، شريح القاضي، الكوفة 100 درهم كل شهر، عبد الله بن مسعود الهذلي (الكوفة) 100 درهم كل شهر وربع شاة كل يوم،
وعثمان بن قيس بن أبي العاص (مصر) 200 دينار، وقيس بن أبي العاص السهمي (مصر) 200 دينار لضيافته .

3- الاختصاص القضائي:
كان القاضي في عصر الخلافة الراشدة يقضي في الخصومات كلها، أيّا كان نوعها، في المعارضات المالية، وفي شؤون الأسرة، وفي الحدود والقصاص، وسائر ما يكون فيه الشجار، وليس هناك ما يشير إلى ما يعرف اليوم بالاختصاص القضائي سوى ما جاء في تولية السائب بن يزيد بن أخت النمر من قول عمر بن الخطاب له: رُدّ عني الناس في الدرهم والدرهمين ، ويجوز أن يعهد الخليفة إلى القاضي أن يقضي في قضية بعينها وينتهي اختصاصه بالنظر فيها، وكان القضاة يقضون في الحقوق المدنية والأحوال الشخصية، أما القصاص والحدود فكان الحكم فيها للخلفاء، وأمراء الأمصار، فلا بد من موافقتهم على الحكم، ثم انحصرت الموافقة على تنفيذ حد القتل بالخليفة وحده، وبقي للولاة حق المصادقة على أحكام القصاص دون القتل، ولم يكن للقضاء مكان مخصص، بل يقضي القاضي في البيت والمسجد، والشائع جلوسهم في المسجد ، ولم تكن الأقضية تسجل لقلتها وسهولة حفظها، وكان بإمكان القاضي حبس المتهم للتأنيب واستيفاء الحقوق، وقد فعل ذلك عمر وعثمان وعلي، فكانت الدولة تهيء السجون في مراكز المدن، وكان القصاص ينفذ خارج المساجد .