ثانياً: أهم صفات ولاة عمر:
 
ثانياً: أهم صفات ولاة عمر:

من أهم صفات ولاة عمر؛ سلامة المعتقد، والعلم الشرعي، والثقة بالله، والقدوة، والصدق، والكفاءة والشجاعة، والمروءة، والزهد، وحب التضحية، والتواضع وقبول النصيحة، والحلم، والصبر وعلو الهمة، والحزم والإرادة القوية، والعدل، والقدرة على حل المشكلات، وغير ذلك من الصفات وأما أهمها فهي:
1- الزهد:
فمن ولاة عمر الذين اشتهروا بزهدهم، سعيد بن عامر بن حذيم وعمير بن سعد وسلمان الفارسي، وأبو عبيدة ابن الجرّاح، وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم وكان نساء بعض الولاة يقدمن الشكاوى إلى عمر نتيجة زهد أزواجهن، فقد اشتكت امرأة معاذ بن جبل رضي الله عنه وذلك: أن عمر بعث معاذاً ساعياً.. على بعض القبائل فقسم فيهم حتى لم يدع شيئاً، حتى جاء مجلسه الذي خرج به على رقبته. فقالت امرأته: أين ما جئت به مما يأتي به العمال من عراضة أهليهم؟ فقال: كان معي ضاغط ، فقالت: قد كنت أميناً عند رسول الله صلى الله عليه و سلم وعند
أبي بكر، أفبعث عمر معك ضاغطاً؟ فقامت بذلك في نسائها واشتكت عمر، فبلغ ذلك عمر فدعا معاذاً، فقال أنا بعثت معك ضاغطاً، فقال: لم أجد شيئاً أعتذر به إليها إلا ذلك. قال: فضحك عمر وأعطاه شيئاً وقال أرضها به .

2- التواضع:
اشتهر الولاة في عهد عمر بتواضعهم الشديد حتى إن القادمين إلى بلادهم
لا يميزون بينهم وبين عامة الناس فهم في لباسهم وبيوتهم ومراكبهم كعامة الناس
لا يميزون أنفسهم بشي، ومن أمثلة ذلك قصة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، فقد بعث إليه الروم رجلاً ليفاوضه: فأقبل حتى أتى أبا عبيدة، فلما دنا من المسلمين لم يعرف أبا عبيدة من أصحابه، ولم يدر أفيهم هو أم لا ولم يرهبه مكان أمير. فقال لهم: يا معشر العرب، أين أميركم؟ فقالوا هاهو ذا. فنظر فإذا هو بأبي عبيدة جالس على الأرض وهو متنكب القوس وفي يده أسهم وهو يقلبها. فقال له الرسول: أنت أمير هؤلاء؟ قال: نعم. قال فما يجلسك على الأرض؟ أرأيت لو كنت جالساً على وسادة أو كان ذلك وضعك عند الله أو مانعك من الإحسان؟ قال أبو عبيدة: إن الله لا يستحي من الحق، ولأصدقنك عما قلت ما أصبحت أملك ديناراً ولا درهماً وما أملك إلا فرسي وسلاحي وسيفي، لقد احتجت أمسي إلى نفقة فلم يكن عندي حتى استقرضت من أخي هذا نفقة كانت عنده يعني معاذاً فأقرضنيها، ولو كان عندي أيضاً بساط أو وسادة ما كنت لأجلس عليه دون إخواني وأصحابي وأجلس أخي المسلم الذي لا أدري لعله عند الله خير مني على الأرض، ونحن عباد الله نمشي على الأرض، ونجلس على الأرض، ونأكل على الأرض ونضجع على الأرض وليس ذلك ينقصنا عند الله شيئاً، بل يعظم الله به أجورنا، ويرفع درجاتنا، ونتواضع بذلك لربنا .

3- الورع:
حرص العديد من الولاة أن يُعفى من الأعمال الموكلة إليهم فقد استعفى عتبة بن غزوان عمر من ولاية البصرة فلم يعفه ، كما أن (النعمان بن مقرن) كان والياً على كسكر فطلب من عمر أن يعفيه من الولاية ويسمح له بالجهاد رغبة في الشهادة ، كما رفض بعض الصحابة الولاية حينما طلب منهم عمر أن يعملوا في الولايات، فقد رفض الزبير بن العوام ولاية مصر حينما عرض عليه ذلك قائلاً يا أبا عبد الله هل لك في ولاية مصر، فقال: لا حاجة لي فيها ولكن أخرج مجاهداً وللمسلمين معاوناً ، كما رفض ابن عباس ولاية حمص حينما عرض عليه عمر أن يوليه إياها بعد وفاة أميرها.

4- احترام الولاة لمن سبقهم من الولاة:
امتاز الولاة على البلدان باحترام من سبقهم من الولاة وتقديرهم وهذا يلاحظ في معظم الولاة في العصر الراشدي حيث نجد مثلاً أن خالداً بن الوليد حينما قدم إلى الشام أميراً على أبي عبيدة بن الجراح وغيره رفض أن يتقدم على أبي عبيدة في الصلاة، وحينما قام عمر بعزل خالد بن الوليد عن ولاية أجناد الشام وتعيين
أبي عبيدة مكانه أخفى أبو عبيدة الخبر عن خالد ولم يخبره به حتى ورد كتاب آخر من عمر، فعلم خالد بالخبر فعاتب أبا عبيدة على عدم تبليغه ، يقول الدكتور عبد العزيز العمري: ولم أجد من خلال البحث أن أحداً من الولاة عمل على إذلال من سبقه أو النيل منه، بل إنهم في الغالب يعملون على مدحهم في أول خطبة يلقونها ويثنون عليهم .