ثانياً: وقعة فِحْل:
 
ثانياً: وقعة فِحْل:

تحركت القوات المكلفة بمهاجمة مدينة (فحل) نحو الجنوب وعندما وصلت مشارفها كانت قوة جيش الروم تقارب المائة ألف، تسلل أكثرهم من حمص وانضمت إليهم القرى التي هزمت في معارك سابقة عندما وصلت القوة المكلفة بمحاصرة فحل من جيش المسلمين بقيادة عمار بن مخشن جابهها جيش الروم بشق الترع من بحيرة طبرية وسلطوا مياهها على الأطيان المحيطة بفحل بقصد إعاقة جيش الإسلام وخاصة الفرسان وهذا ما يستخدم في وقتنا الحاضر ضد الدروع وبذلك أعاقوا حركة فرسان المسلمين، لقد جعل الرومان من هذه الأوحال خطاً دفاعياً منيعاً عن فحل رغم أنها تقع في سهل منبسط ولو كان هذا السهل يابساً لتمكن المسلمون بسهولة من اقتحام المدينة لأنهم أقدر الناس على مباشرة حرب الصحراء، وتوقف عمارة بن مخشن ووزع قواته لحصار فحل ولم يقتحمها وذلك للفارق العددي الكبير في القوة ولصعوبة التقدم وعدم التمكّن من اجتياز هذا المانع المائي الذي عمله الرومان واقتصر المسلمون على فرض الحصار على مدينة فحل التي يعتصم بها الروم إلى أن فرغ أبو عبيدة من فتح دمشق العاصمة وضم جيشه إلى جيش أبي الأعور السلمي وأعاد أبوعبيدة تنظيم قواته على النحو التالي:

المقدمة بقيادة خالد بن الوليد.
الميمنة بقيادة أبي عبيدة بن الجراح.
الميسرة بقيادة عمرو بن العاص.
الفرسان بقيادة ضرار بن الأزور.
قيادة مجموعات المشاة عياض بن غنم.
القيادة العامة لشرحبيل بن حسنة وذلك لأن موقع المعركة هو في حدود المنطقة التابعة له واستلم القيادة شرحبيل بن حسنة ثم نظم إقامة القوات وإمدادها ووضع مخططاً لاستنفار القوات وبقاء القوة جاهزة باستمرار لمواجهة الطوارئ وكان شرحبيل لا يبيت ولا يصبح إلا على تعبئة ، وطال حصار المسلمين لمدينة فحل وظن الروم أن باستطاعتهم تحقيق المباغتة والقيام بهجوم ليلي حاسم وعلى الروم سقلاب بن مخراق فهجموا على المسلمين فنهضوا عليهم نهضة رجل واحد لأ نهم كانوا على أهبة دائمة ودارت معركة حتى الصباح وذلك اليوم بكامله إلى الليل فلما أظلم الليل فر الروم وقتل أميرهم وركب المسلمون أكتافهم واسلمتهم هزيمتهم إلى ذلك الوحل المانع الذي أعدوه للمسلمين ونتيجة للإجراءات الأمنية والاستعداد الذي قام به شرحبيل على قواته، حدثت الفوضى في جيش الرومان المهاجم والتفرغ للهجوم المضاد الذي شنه المسلمون فوقع الرومان لدى انهزامهم في المانع المائي الذي صنعوه بأيديهم حول فحل فركب المسلمون أكتافهم ولم ينجو منهم إلا الشريد، ولقد تمت تصفية القوة المحاصرة في فحل وعندها توجه المسلمون نحو أهدافهم لمتابعة خطة العمليات الأساسية فتم توجيه:

شرحبيل بن حسنة إلى الأردن.
عمرو بن العاص إلى فلسطين.
انطلق أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد إلى حمص وعند وصولهما إلى مرج الروم دارت معركة طاحنة حتى غطت جثث الموتى السهل وفي هذه المعركة تمكن المسلمون من تطبيق مبدأ مهم من مبادئ الحرب والعمليات التعرضية حيث اصطدمت مقدمة الروم بمقدمة المسلمين فعندما شعر (توذرا) باصطدام مقدمة جيشه بجيش المسلمين قام بحركة استدارة وانطلق في اتجاه دمشق وعلم المسلمون بالأمر ودرسوا الموقف فقرر
أبو عبيدة توجيه قوة بقيادة خالد بن الوليد لمطاردة (توذرا) والانقضاض عليه من الخلف وأبو عبيدة يبقى في مواجهة ومشاغلة جيش الروم في الوقت نفسه استطاعت استخبارات المسلمين من معرفة حركة واتجاه تقدم توذرا فتقدم جيش يزيد بن
أبي سفيان للقائه واشتبك معه وما أن تم الاصطدام بين توذرا وجيش يزيد حتى باغت خالد بن الوليد الروم بضربهم من الخلف وتمت تصفية توذرا تصفية كاملة تقريباً .
- مما قاله القعقاع بن عمرو في يوم فحل:


وغداة فحل قد رأوني معلماً      في ردة ما بعدها استمرار

والخيل تنحط والبلا أطوار      يوم الرداغ فعند فحل ساعة

ما زالت الخيل العراب تدوسهم      خر الرماح عليهم مدار؟

في يوم فحل والقنا موار      ولقد أبدنا في الرداغ جموعهم

حتى رمين سراتهم عن أسرهم      طراً ونحوي تبسم الأبصار



وقال أيضاً:


وغداة فحل قد شهدنا مأقطاً      حتى فضضنا جمعهم بترس

ينسى الكمي سلاحه في الدار       ينفي العدو إذا سما جرار

ما زلت أرميهم بقرحة كامل      نحن الأولى جسوا العراق بتردس

كر المبيح ريانة الأبسار       والشام جساً في ذرى الأسفار