المقدمة
 
المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسول

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

(1) .

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

(2) .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

(3) .
أمـا بعـد:
فقد جاء دين الإسلام محققا مقاصد عظيمة يجب أن يتعلمها كلّ مسلمٍ ومسلمة، هي حفظ الضرورات الخمس، والتي يُسميها العلماء مقاصد الشريعة حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال. وما فتئ العلماء العارفون يبنون الأحكام والمسائل المرتبطة بهذه المقاصد العظيمة، فلّما غاب العلم وتفشى الهوى والجهل وكثرت الشبهات، ظهرت الفتن والهرج والقتل، دون مراعاة لهذه المقاصد، ومن أجل ذلك فإنّ كلَّ عملٍ تخريبي يستهدف الآمنين مخالف لأحكام شريعة ربّ العالمين، والتي جاءت بعصمة دماء المسلمين والمعاهدين، فكيف إذا كان ذلك في بلدٍ مسلمٍ آمن، هو مهبط الوحي والرسالة والنور الذي يشع في جنبات الأرض كلها!! لا شك أن ذلك أشدّ حرمة بإجماع علماء المسلمين العارفين، فضلاً عمّا في ذلك من هتك لحرمة الأنفس والأموال المعصومة، وهتك لحرمة الآمنين المطمئنين في مساكنهم، وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار.
إنه يخطئ من يعتقد أو يظن بأن المسلمين لا يقبلون دخول الكفار إلى بلادهم إلا إذا كانوا يرغبون في الإسلام، كما يخطئ أيضاً من يرمي المسلمين بأنهم يحملون سيوفهم في أيديهم ليسلوها في وجه كل من لا يدين بدينهم مما يجعل غير المسلمين لا يأمنون على أنفسهم ولا يثقون بأن تطأ أرجلهم بلادهم، لكن الحقيقة تخالف هذا الاعتقاد، فالجوار بين العرب قبل الإسلام كان له شأن كبير، وكانت الدماء تسيل دون حماية المستجير وحفظه، وكانوا يفتخرون بهذا ويعتزون بحمايته، ثم لما جاء الإسلام أقره ورعاه بذمته وذمة المسلمين، فأمن الرسل والمعاهدين عهدا مؤبدا أو مؤقتا، وأمن أيضاً من يدخل بلاد المسلمين لمصلحة، سواء للتجارة أو لطلب الصلح والموادعة، أو يحمل رسائل أو مبالغ الجزية أو لسماع القرآن والتعرف على مبادئ الإسلام وتعلم أحكامه والوقوف على غاياته وأهدافه، فيدخل آمنا مطمئنا ويعود كذلك إلى بلاده.
وهذا ما رغبت الكتابة فيه إن شاء الله تعالى، وذلك من خلال هذا المؤتمر العالمي عن موقف الإسلام من الإرهاب والعنف والتطرف الذي تشرف عليه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، السباقة إلى كل خير، ذات الجهود المشكورة والأعمال المباركة.
أما عنوان البحث فهو ( إرهاب المستأمنين وموقف الإسلام منه )، وذلك حسب الخطة الآتية :
- المقدمة.
- المبحث الأول: تعريف الإرهاب وتحريمه في الإسلام.
- المبحث الثاني: تعريف الأمان وأركانه وصيغه.
- المبحث الثالث: الأدلة على مشروعية الأمان من الكتاب والسنة.
- المبحث الرابع: الفرق بين الأمان والذمة والهدنة.
- المبحث الخامس: الواجب على المسلمين تجاه المستأمنين.
- المبحث السادس: الواجب على المستأمنين في بلاد المسلمين.
- الخاتمة.
- ثبت المصادر والمراجع.
وقد التزمت في كتابته ما يأتي :
- عزوت الآيات إلى سورها، ذاكراً اسم السورة ورقم الآية.
- خرَّجت الأحاديث، مكتفياً بالصحيحين أو بأحدهما إن كان الحديث فيهما، فإن لم يكن خرَّجته باختصار من غيرهما.
- لم أترجم للأعلام الوارد ذكرهم في البحث، خشية الإطالة، ولئلا أتجاوز ما حُددت به كتابة البحوث في هذا المؤتمر.
- عزوت الأقوال إلى أصحابها ووثقتها من كتب أصحابها، فإن لم أستطع وثقتها من المصادر والمراجع الأخرى.
- ذكرت تفاصيل المصادر والمراجع في ثبت مستقل في آخر البحث.
وبكل حال فإنني لا أدعي الإحاطة بكتابتي في هذا الموضوع ولا شمول البحث فيه، لما يعتريني من النقص والقصور والخلل، ثم لتشعب الموضوع وسعته.
أسأله - تبارك وتعالى - أن يمنحنا الفقه في الدين، وأن يرزقنا اتباع سنة سيد الأولين والآخرين، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
كما أساله - تعالى - أن يجزي القائمين على جامعتنا وأخص بالذكر منهم معالي مديرها ووكلاءها خير الجزاء، وأن يرزقنا كلنا الإخلاص والتوفيق في القول والعمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

إعـداد
د. بـدر بن ناصــر البـدر
الأستاذ المشارك بقسم القرآن وعلومه
كلية أصول الدين - جامعة الإمام



يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز 2