المبحــث الثاني : تعريف الأمان وأركانه وصيغه
 
المبحــث الثاني : تعريف الأمان وأركانه وصيغه

قال ابن منظور: " استأمن إليه: دخل في أمانه، وقد أمنه وآمنه، والمأمن: موضع الأمن، والأمن: المستجير ليأمن على نفسه " (11) وقال الجوهري: " الأمان والأمانة بمعنى، وآمنت غيري من الأمن والأمان " (12) .
فالأمان يعتمد على ركنين أساسيين، هما المؤمن والمستأمن، فالمستأمن: هو من طلب الأمان لنفسه ليدخل بلاد المسلمين مدة معلومة.
والمؤمن: هو الذي يعطي الأمان، والأصل في هذا أنه الإمام أو نائبه، لأنه ينظر إلى ما فيه مصلحة المسلمين، ويجوز أن يكون المؤمن من أفراد الرعية من المسلمين المكلفين ذكوراً كانوا أو إناثاً، والحر والعبد في ذلك سواء، هذا ما عليه جمهور أهل العلم، وخالف أبو حنيفة في أمان العبد، فإنه لا ينعقد عنده إلا أن يكون مأذوناً له في القتال.
أما صيغ الأمان فغير مقيدة بصيغة معينة، وليس له لفظ خاص به، بل يكفي في ذلك أي لفظ يؤدي المقصود، سواء كان صريحاً كآجرتك وأمنتك أو لا بأس عليك أو لا فزع أو لا خوف ونحوه، أو كناية بنية كقوله: كن كيف شئت، أو أنت على ما تحب، ويصح أيضاً بالمكاتبة والمراسلة ونحو ذلك (13) .
قال ابن قدامة: "إذا دخل حربي دار الإسلام بغير أمان، وادعى أنه رسول قبل منه، ولم يجز التعرض له؛ لقول النبي صلى الله عليه و سلم لرسولي مسيلمة: « لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما » (14) . ولأن العادة جارية بذلك، وإن ادعى أنه تاجر، وقد جرت العادة بدخول تجارهم إلينا، لم يعرض له إن كان معه ما يبيعه؛ لأنهم دخلوا يعتقدون الأمان، أشبه ما لو دخلوا بإشارة مسلم، قال أحمد: " إذا ركب القوم في البحر، فاستقبلهم فيه تجار مشركون من أرض العدو ويريدون بلاد الإسلام لم يعرضوا لهم، ولم يقاتلوهم، وكل من دخل بلاد المسلمين من أرض الحرب بتجارة بويع، ولم يسأل عن شيء" (15) .