المبحــث السادس : الواجب على المستأمنين في بلاد المسلمين
 
المبحــث السادس : الواجب على المستأمنين في بلاد المسلمين

أما الحقوق الواجبة عليهم تجاه المسلمين الذين أمنوهم في ديارهم فأوجزها فيما يأتي :
مراعاة شعور المسلمين واحترام شعائرهم، وأن يراعوا هيبة الدولة الإسلامية التي يستظلون في حمايتها ورعايتها، فلا يجوز لهم سب الإسلام ورسوله وكتابه، ولا أن يروجوا عقائدهم وأفكارهم أو أن ينشروا الفساد بين المسلمين، ولا يجوز لهم أن يشهروا شرب الخمر وأكل لحم الخنزير وغيرهما من المحرمات في دين الإسلام، فضلاً عن بيعها والمتاجرة بها، لما في ذلك من إفساد المجتمع الإسلامي.
كما أن عليهم أن لا يظهروا الأكل والشرب في نهار رمضان ونحو ذلك، مراعاة لمشاعر المسلمين.
كما أن عليهم الالتزام بأنظمة الدولة المسلمة وقوانينها التي تنظمها لأفراد شعبها وتطبقها عليهم، فلا يجوز لهم مخالفتها أو تجاوزها، فإن خالفوا ردعوا وعوقبوا بما يراه ولي أمر المسلمين أو من ينيبه (92) .
الخاتمة والتوصيات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فبعد كتابة هذا البحث ظهرت لي النتائج الآتية:
- عناية الإسلام بحفظ الضروريات الخمس: الدين والنفس والعقل والعرض والمال، ورتب الأحكام المناسبة لها.
- غياب العلم الشرعي وتفشي الجهل سبب عظيم لوقوع الفتن وانتشارها، فوجبت العناية بطلب العلم الشرعي من مصادره الأصلية الصحيحة.
- عالمية رسالة الإسلام للناس أجمعين، وهذه إحدى خصائص النبي صلى الله عليه و سلم الذي بذل واجتهد في دعوة الناس إلى هذا الدين وتحمل من أجله الأخطار والمتاعب، وكان بذلك قدوة لأمته.
- الأصل أن الأمان يعطيه الإمام أو من ينيبه، ويجوز أيضاً إعطاء الأمان من آحاد المسلمين رجالاً ونساء لغيرهم، فيما فيه مصلحة وخير، ولا يتضمن مفسدة أو شراً.
- توافرت الأدلة من الكتاب والسنة في بيان حكم الأمان، وبين أهل العلم الغاية المنشودة منه.
- لا بد من العلم بالفروق بين الأمان والذمة والهدنة، والتي تدخل تحت مسمى العهد، وما يترتب على ذلك من أحكام شرعية ومصالح مرعية، ومعرفة كلام أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم في ذلك.
- وجوب العدل مع المعاهدين وعدم جواز التعدي عليهم في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، بل لا يجوز ترويعهم وإخافتهم، وقد جاء في السنة الوعيد الشديد لمن قتل معاهدًا أو فجر نفسه من أجل قتلهم وغير ذلك.
- وجوب اهتمام المسلمين قادة وعلماء وشعوبًا بالعدل مع المعاهدين والحذر من التعدي عليهم، وصفحات تاريخنا الإسلامي قديمًا وحديثًا شاهدة بذلك، وما يحدث من بعض المسلمين مما هو مخالف للإسلام قليل نادر.
- وجوب دعوة هؤلاء المستأمنين إلى الإسلام واستغلال وجودهم في دياره، وذلك بعلم وحكمة تامة وأسلوب مناسب، وحسن تعامل معهم في حدود ما بينه الشرع وألزمنا به.
- تحقيق الولاء والبراء مع هؤلاء المستأمنين وغيرهم بلا إفراط أو تفريط، وبلا غلو أو جفاء، بل حسب ما أمر به الكتاب والسنة وما بينه العلماء العارفون من النصوص الشرعية.
- جاء في شريعة الإسلام النهي عن مشابهة الكفار عمومًا والأمر بمخالفتهم، لأن في التشبه بهم خنوعًا وخضوعًا لهم، وتعلقًا وتمسكًا بما هم عليه من ضلال، كما أنه قائد للتعلق بهم والانسياق وراءهم في كل شيء.
- ارتباط الأمة بقادتها وعلمائها ورجوعها إليهم من أسباب العز والنصر، والاستقرار واستتباب الأمن وغير ذلك من الثمار المباركة والنتائج الطيبة.
- في مقابل الواجبات اللازمة على المسلمين تجاه المستأمنين، فإن الواجب على المستأمنين تجاه المسلمين كثير، ومن ذلك مراعاة شعور المسلمين واحترام شعائرهم ومراعاة هيبة الدولة الإسلامية واحترام أنظمتها، كما لا يجوز لهم أيضًا إشهار شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ونحو ذلك.
- يجب على المسلمين عموماً والعلماء خصوصًا بيان شريعة الإسلام وأحكامها السامية العادلة مع الناس عمومًا ومن ذلك المستأمنين، والرد على المخالفين وبيان وجه الحق والصواب عن طريق الكتاب والمحاضرة والبحث العلمي وغير ذلك.