باب الصلاة
 
باب الصلاة


روى عبادة بن الصامت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة، فمن حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له» (1) فالصلوات الخمس واجبة على كل مسلم عاقل بالغ


مسألة 1: (الصلوات الخمس واجبة على كل مسلم عاقل بالغ) لقوله عز وجل: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] وقال في حديث معاذ لما بعثه إلى اليمن: «إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة» متفق عليه، ولأن الكافر لا يصح منه أداؤها ولا يلزمه قضاؤها، أشبه المجنون، فإنها لا تجب عليه ولا على الصبي، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، والصبي حتى يبلغ، والنائم حتى يستيقظ» رواه الترمذي.

(2) إلا الحائض والنفساء


مسألة 2: (إلا الحائض والنفساء) ، لقول عائشة: كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة، متفق عليه، والنفساء مثلها.

(3) فمن جحد وجوبها لجهله عرف ذلك، وإن جحدها عناداً كفر


مسألة 3: (فمن جحد وجوبها لجهله عرف ذلك، وإن جحدها عناداً كفر) بالإجماع وحكمه حكم المرتدين، وإن كان متهاوناً بها وهو مقر بوجوبها دعي إليها ويقال له: إن صليت وإلا قتلناك، فإن صلى وإلا قتل بالسيف، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة» حديث صحيح رواه مسلم.

ص : 59



(4) ولا يحل تأخيرها عن وقت وجوبها


مسألة 4: (ولا يحل تأخيرها عن وقتها) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث أبي قتادة: «أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها» أخرجه مسلم، وهذا يدل على أنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها لأنه سماه تفريطاً.

(5) إلا لناو جمعها


مسألة 5: (إلا لناو جمعها) فيجوز تأخير الأولى حتى يدخل وقت الثانية، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يفعله، متفق عليه.

(6) أو مشتغل بشرطها


مسألة 6: (ويجوز تأخيرها للمشتغل بشرطها) ، لأنها لا تصح بدون شرطها المقدور عليه، فمتى كان شرطاً مقدوراً عليه وجب عليه الاشتغال بتحصيله ولا يأثم بتأخير الصلاة في مدة تحصيله كالمشتغل بنفس الوضوء والاغتسال.

(7) فإن تركها تهاوناً بها استتيب ثلاثاً، فإن تاب وإلا قتل)


مسألة 7: (فإن تركها تهاوناً بها استتيب ثلاثاً، فإن تاب وإلا قتل) بالسيف لما سبق، واختلفت الرواية في الذي يجب قتله، فقال القاضي: فيه روايتان: إحداهما يجب قتله إذا ترك صلاة واحدة حتى تضايق وقت الثانية، لأنه إذا ترك الأولى لم يعلم بأنه عزم على تركها، فإذا خرج وقتها علمنا أنه تركها، لكن لا يجب قتله لأنها فائتة، والفائتة وقتها موسع فيصبر له حتى يتضايق وقت الثانية، والرواية الثانية: لا يجب قتله حتى يترك ثلاث صلوات ويتضايق وقت الرابعة عن فعلها لأنه قد يترك الصلاة والصلاتين والثلاث لشبهة،فإذا رأيناه ترك الرابعة علمنا أنه عزم على تركها فيجب قتله، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه الذمة» رواه ابن ماجه، وهذا يدل على إباحة قتله، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نهيت عن قتل المصلين» رواه أبو داود، فمفهومه أنه لم ينه عن قتل غيرهم، وقال: «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة» رواه مسلم، والكفر مبيح للقتل بدليل قوله: «لا يباح دم مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير حق» متفق على معناه.


مسألة 8: فإذا وجب قتله لم يقتل حتى يستتاب ثلاثاً ويضيق عليه ويدعى إلى فعل كل صلاة في وقتها ويقال له: إن صليت وإلا قتلناك، لأنه قتل لترك واجب فتقدمه الاستتابة كقتل المرتد، فإن تاب وإلا قتل بالسيف لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته» رواه مسلم.

ص : 60


الموضوع التالي


باب الأذان والإقامة

الموضوع السابق


باب النفاس