باب شروط الصلاة
 
باب شروط الصلاة

(هي ستة: أحدها الطهارة من الحدث، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا صلاة لمن أحدث حتى يتوضأ» (الشرط الثاني: الوقت، ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله)


(هي ستة: أحدها الطهارة من الحدث، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث أبي هريرة: «لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ» متفق عليه، وقد مضى ذكر الطهارة وحكمها.

(الثاني: الوقت، ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله) بعد القدر الذي زالت عليه الشمس، لما روى ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أمني جبريل عند البيت مرتين فصلى بي الظهر في المرة الأولى حين زالت الشمس والفيء مثل الشراك، ثم صلى بي المرة الأخيرة حين صار ظل كل شيء مثله، وقال: الوقت ما بين هذين» قال الترمذي: حديث حسن، ويعرف زوال الشمس بطول الظل بعد تناهي قصره.

(19) ووقت العصر وهي الوسطى من آخر وقت الظهر إلى أن تصفر الشمس


مسألة 19: (ووقت العصر وهي الوسطى) لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله يوم الأحزاب: «شغلونا عن صلاة العصر صلاة الوسطى، ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً» متفق عليه (وأول وقتها) إذا صار ظل كل شيء مثله وهو (آخر وقت الظهر) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث جبريل: «وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثله» رواه أبو داود (وآخره ما لم تصفر الشمس) لما روى ابن عمر أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «وقت العصر ما لم تصفر الشمس» رواه مسلم، وعنه أن آخره إذا صار ظل كل شيء مثليه لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث جبريل: «وصلى بي العصر في المرة الأخيرة حين صار ظل كل شيء مثليه» رواه الترمذي.

ص : 65



(20) ثم يذهب وقت الاختيار، ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس


مسألة 20: (ثم يذهب وقت الاختيار، ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس) ، والضرورة العذر، يعني لا يباح تأخيرها إلا لعذر، لما روى أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، ومن أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته» متفق عليه، وفي رواية: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» متفق عليه.

(21) ووقت المغرب إلى أن يغيب الشفق الأحمر


مسألة 21: (ووقت المغرب من الغروب إلى مغيب الشفق الأحمر) لما روى بريدة «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بلالاً فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم صلى المغرب في اليوم الثاني قبل أن يغيب الشفق، ثم قال: "وقت صلاتكم ما بين ما رأيتم» رواه مسلم، وفي لفظ رواه الترمذي: «فأخر المغرب إلى قبيل أن يغيب الشفق» .

(22) ووقت العشاء من ذلك إلى نصف الليل


مسألة 22: (ووقت العشاء من ذلك) يعني من مغيب الشفق (إلى نصف الليل) لما روى عبد الله بن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل» رواه مسلم،وعنه إلى ثلث الليل لما روى بريدة: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى العشاء في اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل» رواه مسلم من حديث ابن عباس في صلاة جبريل مثله.

ص : 66



(23) ثم يبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني


مسألة 23: (ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني) وهو البياض المعترض في المشرق ولا ظلمة بعده، لحديث أبي هريرة «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» متفق عليه.

(24) ووقت الفجر من ذلك إلى طلوع الشمس


مسألة 24: (ووقت الفجر من ذلك إلى طلوع الشمس) يعني من طلوع الفجر الثاني إجماعاً إلى طلوع الشمس، لما روى بريدة عن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه أمر بلالاً فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما كان اليوم الثاني صلى الفجر فأسفر بها ثم قال: "وقت صلاتكم ما بين ما رأيتم» رواه مسلم، وفي حديث أبي هريرة: «من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته» متفق عليه، وللنسائي: «فقد أدركها» .

(25) ومن كبر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها


مسألة 25: (ومن كبر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها) كذلك، وأما ما دون الركعة فقال القاضي: ظاهر كلام أحمد أنه يدركها بإدراكه لأن الإدراك إذا تعلق به حكم في الصلاة استوى فيه الركعة وما دونها كإدراك المسافر صلاة المقيم والمأموم صلاة الإمام.

(26) والصلاة في أول الوقت أفضل


مسألة 26: (الصلاة في أول الوقت أفضل) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله» رواه الترمذي، [وروى أبو برزة قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس» ، يعني: تزول، متفق عليه] .

(27) إلا في العشاء الآخرة


مسألة 27: (إلا العشاء الآخرة) لقول أبي برزة: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستحب أن يؤخر العشاء» ، متفق عليه.

ص : 67



(28) وفي شدة الحر الظهرالشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشرة


مسألة 28: (وفي شدة الحر الظهر) لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أبردوا بالظهر في شدة الحر، فإن شدة الحر من فيح جهنم» متفق عليه.
(الشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشرة) واجب؛ لما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» رواه أبو داود.

(29) ويجب سترها بما يستر لون البشرة من الثياب والجلود أو غيرها


مسألة 29: (ويجب سترها بما يستر لون البشرة من الثياب والجلود أو غيرها) فإن وصف لون البشرة لم يعتد به؛ لأنه غير ساتر.

(30) وعورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة


مسألة 30: (وعورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة) لما روى أبو أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أسفل السرة وفوق الركبتين من العورة» رواه أبو بكر بإسناده.
وعن جرهد أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: «غط فخذك، فإن الفخذ من العورة» رواه الإمام أحمد في المسند، وعنه أنها الفرجان من الرجل لما روى أنس: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتى أني لأنظر إلى بياض فخذ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، رواه البخاري.

(31) والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها


مسألة 31: (والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها) لقوله سبحانه: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] قال ابن عباس: وجهها وكفيها، ولأنه يحرم ستر الوجه في الإحرام وستر الكفين بالقفازين، ولو كانا عورة لم يجز كشفهما، وعنه في الكفين هما عورة لأن المشقة لا تلحق بسترهما فأشبها سائر بدنها.

وما عدا هذا عورة لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» رواه أبو داود، وعن أم سلمة أنها قالت: «يا رسول الله تصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟ فقال: "نعم، إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها» رواه أبو داود. مسألة 32: (وعورة الأمة كعورة الرجل) لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته، فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة» يريد الأمة، رواه الدارقطني، ولأن من لم يكن رأسه عورة لم يكن صدره عورة كالرجل.

ص : 68



(33) وأم الولد والمعتق بعضها كالأمة


مسألة 33: (وأم الولد والمعتق بعضها كالأمة) لأن الرق باق فيها، إلا أنه يستحب لهما التستر لما فيها من شبه الأحرار، وعنه أنهما كالحرة لذلك.

(34) ومن صلى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصح صلاته


مسألة 34: (ومن صلى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصح صلاته) ، لأنه استعمل في شرط العبادة ما يحرم استعماله فلم يصح كما لو صلى في ثوب نجس، ولأن الصلاة قربة وهي منهي عنها على هذا الوجه فكيف يتقرب بما هو عاص به أو يؤمر بما هو منهي عنه؟ وعنه يصح، لأن التحريم لا يعود إلى الصلاة فلم يمنع صحتها، كما لو غسل ثوبه بماء مغصوب أو صلى من عليه عمامة حرير.

(35) ولبس الذهب والحرير مباح للنساء دون الرجال


مسألة 35: (ولبس الحرير والذهب مباح للنساء دون الرجال) ، لما روى أبو موسى أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «حرم لبس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم» قال الترمذي: حديث صحيح، قال ابن عبد البر: هذا إجماع.

(36) إلا عند الحاجة لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الذهب والحرير: هذان «حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم»


مسألة 36: (إلا عند الحاجة) كحكة أو قمل أو مرض ينفعه لبسه، لأن أنساً روى «أن عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام شكوا القمل إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرخص لهما في قميص الحرير فرأيته عليهما» ، متفق عليه، وغير القمل الذي ينفع فيه لبس الحرير في معناه فيقاس عليه، فأما لبسه للحرب فظاهر كلام أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إباحته مطلقاً لأنه سئل عن لبسه في الحرب فقال: أرجو أن لا يكون به بأس.

ص : 69



(37) ومن صلى من الرجال في ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه ذلك


مسألة 37: (ومن صلى من الرجال في ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه ذلك) لما روى أبو هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» متفق عليه.

(38) فإن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها


مسألة 38: (فإن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها) ، لأن سترها شرط لصحة الصلاة وقد قدر عليه فلزمه كسائر شروطها، ولأن ذلك واجب في غير الصلاة ففيها أولى.

(39) فإن لم يكف جميعها ستر الفرجين فإن لم يكفهما جميعاً ستر أحدهما فإن عدم الستر بكل حال صلى جالساً يومئ بالركوع والسجود وإن صلى قائماً جاز


مسألة 39: (فإن لم يكف جميعها ستر الفرجين) ، لأنهما أغلظ (فإن لم يكفهما جميعاً ستر أيهما شاء) وستر الدبر أولى في أحد الوجهين، لأنه أفحش، وفي الآخر القبل، لأنه يستقبل به القبلة، والدبر يستر بالإليتين، وأيهما ستر أجزأه (فإن عدم الستر بكل حال صلى جالساً يومئ إيماء بالسجود) ، لأنه يحصل به ستر أغلظ العورة وهو آكد لذلك، وعنه يصلي قائماً ويركع ويسجد لأن المحافظة على ثلاثة أركان أولى من المحافظة على بعض شرط.

(40) ومن لم يجد إلا ثوباً نجساً أو مكاناً نجساً صلى فيهما ولا إعادة عليه الشرط الرابع: الطهارة من النجاسة في بدنه وثوبه وموضع صلاته


مسألة 40: (ومن لم يجد إلا ثوباً نجساً أو مكاناً نجساً صلى فيهما ولا إعادة عليه) لأن ستر العورة واجب في الصلاة وغيرها وهو مخاطب بها مأمور بها، فإذا صلى فقد أتى بما أمر به فيخرج عن العهدة، وعنه يعيد إذا صلى في الثوب النجس لأنه ترك شرطاً مقدوراً عليه.
(الشرط الرابع: الطهارة من النجاسة في بدنه وثوبه وموضع صلاته) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأسماء في دم الحيض: «حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء وصلي فيه» رواه الترمذي، فدل على أنها ممنوعة من الصلاة فيه قبل غسله.

ص : 70



(41) إلا النجاسة المعفو عنها كيسير الدم ونحوه


مسألة 41: (إلا النجاسة المعفو عنها كيسير الدم) لأنه عفي عنها لمشقة التحرز على ما سبق في باب المياه.

(42) وإن صلى وعليه نجاسة لم يكن علم بها أو علم بها ثم نسيها فصلاته صحيحة وإن علم بها في الصلاة أزالها وبنى على صلاته


مسألة 42: (وإن صلى وعليه نجاسة لم يكن علم بها أو علم بها ثم نسيها) ففيها روايتان: إحداهما: يعيد لأنها طهارة واجبة فلم تسقط بالجهل كالوضوء، والثانية: لا يعيد لما روى أبو سعيد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلع نعليه في الصلاة فخلع الناس نعالهم، فقال: "ما لكم خلعتم نعالكم" فقالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: "أتاني جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فأخبرني أن فيهما قذراً» رواه أبو داود، فوجه الحجة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن علم بالنجاسة حتى أخبر بها، وبنى على صلاته، ولو بطلت لاستأنفها [كالسترة] ، والناسي مثله فعلى هذا (إن علم بها في الصلاة) فأمكنه إزالتها بغير عمل كثير (أزالها وبنى على صلاته) كما فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإن لم يمكنه إلا بعمل كثير استأنفها كالسترة إذا وجدها وهو في الصلاة بعيدة منه.

(43) والأرض كلها مسجد تصح الصلاة فيها


مسألة 43: (والأرض كلها مسجد) [وطهور] (تصح الصلاة فيها) ، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً» رواه البخاري.

(44) إلا المقبرة والحمام والحش وأعطان الإبل


مسألة 44: (إلا المقبرة والحمام والحش وأعطان الإبل) أما المقبرة والحمام فلما روى أبو سعيد أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام» رواه أبو داود، وأما الحش فبطريق التنبيه عليه بالنهي في هذين الموضعين، لأن احتمال النجاسة فيه أكثر وأغلب.

ص : 71



(45) وقارعة الطريق الشرط الخامس: استقبال القبلة إلا في النافلة على الراحلة للمسافر فإنه يصلي حيث كان وجهه


مسألة 45: وأما أعطان الإبل فلما روى جابر بن سمرة «أن رجلاً قال: يا رسول الله، أنصلي في مرابض الغنم؟ قال: " نعم"، قال: أنصلي في مبارك الإبل؟ قال: "لا» رواه مسلم، ولأنها مظنة النجاسة فإن البعير إذا برك صار سترة للبائل، بخلاف الغنم فإنها لا تستر فأقمنا المظنة مقام حقيقة النجاسة.

(الشرط الخامس: استقبال القبلة) لقوله سبحانه: {الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] (إلا في النافلة على الراحلة للمسافر فإنه يصلي حيث كان وجهه) لما روى ابن عمر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه، وكان يوتر على بعيره» ، متفق عليه.

(46) والعاجز عن الاستقبال لخوف أو غيره فيصلي كيفما أمكنه


مسألة 46: (والعاجز عن الاستقبال لخوف أو غيره) لأنه فرض عجز عنه أشبه القيام، وقال الله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] ، قال ابن عمر: كان «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي مستقبل القبلة وغير مستقبلها» ، رواه البخاري ولأنه عاجز عن القيام أشبه المربوط.

(47) ومن عداهما لا تصح صلاته إلا مستقبل الكعبة


مسألة 47: (وما عداهما لا تصح صلاته إلا مستقبل القبلة) يعني ما عدا النافلة على الراحلة والعاجز، لقوله سبحانه: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] وهو عام خرج منه الصورتان بما ذكرناه من الدليل، بقي ما عداهما على مقتضى النص.

ص : 72



(48 فإن كان قريباً منها لزمته الصلاة إلى عينها وإن كان بعيداً فإلى جهتها


مسألة 48: (فإن كان قريباً من الكعبة لزمته الصلاة إلى عينها) وهو من كان عند الكعبة يراها أو قريباً منها للآية (وإن كان بعيداً فإلى جهتها) ، لأنه لا يقدر على إصابة العين بخلاف القريب وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما بين المشرق والمغرب قبلة» قال الترمذي: حديث صحيح.

(49) وإن خفيت القبلة في الحضر سأل واستدل بمحاريب المسلمينفإن أخطأ فعليه الإعادة


مسألة 49: (وإن خفيت القبلة في الحضر سأل واستدل بمحاريب المسلمين) لأنها دليل عليها (فإن أخطأ فعليه الإعادة) ، لأن الظاهر أنه فرط في السؤال.

(50) وإن خفيت في السفر اجتهد وصلى ولا إعادة عليه


مسألة 50: (وإن خفيت القبلة في السفر اجتهد وصلى ولا إعادة عليه) وإن أخطأ لأنه أتى بالمأمور فيخرج من عهدة الأمر، ودليل أنه أتى بما أمر به أنه اجتهد وليس عليه أكثر من الاجتهاد، وهو مأمور بالصلاة إلى الجهة التي يغلب على ظنه بعد الاجتهاد أنها جهة الكعبة فيخرج عن العهدة لأنه ليس في وسعه أكثر من ذلك.

(51) وإن اختلف مجتهدان لم يتبع أحدهما صاحبه ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه الشرط السادس النية للصلاة بعينها


مسألة 51: (وإن اختلف مجتهدان لم يتبع أحدهما الآخر) كما نقول في المجتهدين في الأحكام (ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه) كما نقول في الأحكام.

(الشرط السادس النية للصلاة بعينها) فلا تصح إلا بها إجماعاً لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الأعمال بالنيات» رواه البخاري، ولأنها عبادة أشبهت الصوم، ويجب أن ينويها بعينها إن كانت معينة ظهراً أو عصراً لتتميز عن غيرها، وإن كانت سنة معينة كالوتر لزم تعيينها، وإن لم تكن معينة كالنافلة المطلقة أجزأه نية الصلاة، لأنها غير معينة.

(52) ويجوز تقديمها على التكبير بالزمن اليسير إذا لم يفسخها


مسألة 52: (ويجوز تقديم النية على التكبير بالزمن اليسير إذا لم يفسخها) لأنها عبادة يشترط لها النية فجاز تقديمها عليها كالصوم، ولأن أولها من أجزائها يكفي استصحاب النية فيه كسائر أجزائها.



ص : 73