باب صفة الصلاة
 
باب صفة الصلاة


(57) وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر يجهر بها الإمام وبسائر التكبير ليسمع من خلفه ويخفيه غيره


مسألة 57: (وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر) والسنة أن يقوم إليها عند قول المؤذن: "قد قامت الصلاة" لأنه دعا إلى القيام فاستحب المبادرة إليها عنده، والقيام فيها ركن لقوله سبحانه: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمران: «صل قائماً» ثم يقول: "الله أكبر" وهي ركن لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تحريمها التكبير» رواه أبو داود، «وكان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفتتح الصلاة بقوله: "الله أكبر» لم ينقل عنه غير ذلك حتى فارق الدنيا (يجهر بها الإمام وبسائر التكبير حتى يسمع من خلفه) ليكبروا بعد تكبيره (ويخفيه غيره) وبالقراءة بقدر ما يسمع نفسه، ويجب عليه ذلك، ولا يكون كلام بدون الصوت، والصوت ما يتأتى سماعه، وأقرب السامعين إليه نفسه فمتى لم يسمعها لم يعلم أنه أتى بكلام، إلا أن يكون به طرش فيأتي به بحيثما يسمعه لو كان سميعاً.

ص : 76



(58) ويرفع يديه عند ابتداء التكبير إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه ويجعلهما تحت سرته


مسألة 58: (ويرفع يديه عند ابتداء التكبير إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه) لما روى ابن عمر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، ولا يفعل ذلك في السجود» ، متفق عليه.

(59) ويجعل بصره إلى موضع سجوده ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك


مسألة 59: (ويجعل نظره إلى موضع سجوده) لأنه أخشع للمصلي وأكف لنظره (ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) قال الإمام أحمد: أما أنا فأذهب إلى ما روي عن عمر، يعني ما رواه الأسود أنه صلى خلف عمر فسمعه كبر فقال: سبحانك اللهم وبحمدك ... الحديث.

(60) ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم


مسألة 60: (ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) لقوله سبحانه: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقوله [رواه أبو داود] قاله ابن المنذر.

(61) ثم يقول: بسم الله الرحمن الرحيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ولا يجهر بشيء من ذلك لقول أنس: «صليت خلف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم»


مسألة 61: (ثم يقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ولا يجهر بشيء من ذلك لما روى أنس قال: «صليت خلف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وعمر وعثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - فلم أسمع أحداً منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» متفق عليه.

ص : 77



(62) ثم يقرأ الفاتحة


مسألة 62: (ثم يقرأ الفاتحة) وهي ركن، لما روى عبادة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» متفق عليه.

(63) ولا صلاة لمن لم يقرأ بها)


مسألة 63: (ولا صلاة لمن لم يقرأ بها) للحديث.

(64) إلا المأموم فإن قراءة الإمام له قراءة


مسألة 64: (إلا المأموم فإن قراءة الإمام له قراءة) لقوله سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] وروى الإمام محمد بن وكيع عن سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» وروى الخلال والدارقطني عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يكفيك قراءة الإمام خافت أو جهر» ولأن القراءة لو كانت واجبة عليه لم تسقط عن المسبوق كبقية أركانها.

(65) ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام وفيما لا يجهر فيه


مسألة 65: (ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام وما لا يجهر فيه) لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإذا أسررت بقراءتي فاقرأوا» رواه الدارقطني، وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: إن للإمام سكتتان، فاغتنموا فيهما القراءة بفاتحة الكتاب: إذا دخل في الصلاة، وإذا قال: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] .

(66) ثم يقرأ بسورة تكون في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي سائر الصلوات من أوسطه


مسألة 66: (ثم يقرأ سورة تكون في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي سائر الأوقات من أواسطه) ، لما روى جابر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقرأ في الفجر بـ (ق) » رواه مسلم، وعنه «كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ في الظهر والعصر بـ {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق: 1]، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: 1] ونحوها من السور» رواه أبو داود، وعنه «كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا وجبت الشمس صلى الظهر وقرأ بنحو {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] والعصر كذلك والصلاة كلها، إلا الصبح فإنه كان يطيلها» ، رواه أبو داود، وأما المغرب فإنه يستحب تعجيلها للخلاف في وقتها فيقرأ فيها من قصار المفصل، وقد روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرأ فيها بالتين والزيتون [رواه مسلم] .


ص : 78



(67) ويجهر الإمام بالقراءة في الصبح والأوليين من المغرب والعشاء، ويسر فيما عدا ذلك


مسألة 67: (ويجهر الإمام بالقراءة في الصبح والأوليين من المغرب والعشاء، ويسر فيما عدا ذلك) ولا خلاف في استحباب ذلك، والأصل فيه فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف.

(68) ثم يكبر ويركع ويرفع يديه كرفعه الأول


مسألة 68: (ثم يكبر ويركع ويرفع يديه كرفعه الأول) والركوع ركن؛ لقوله سبحانه: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] ويكبر، لما روى أبو هريرة «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا قام إلى الصلاة كبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، يفعل ذلك في صلاته كلها» ، متفق عليه. ويرفع يديه، وهو مستحب في ثلاثة مواضع لما سبق في حديث ابن عمر.

(69) ثم يضع يديه على ركبتيه ويفرج أصابعه ويمد ظهره ويجعل رأسه حياله


مسألة 69: (ثم يضع يديه على ركبتيه ويفرج أصابعه ويمد ظهره ويجعل رأسه حياله) لما روى أبو حميد «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره» ، وفي لفظ «ركع ثم اعتدل ولم يصوب رأسه ولم يقنع» ، وفي حديث أبي حميد «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ووتر يديه فنحاهما عن جنبيه» ، صحيح.

ص : 79



(70) ثم يقول: سبحان ربي العظيم" ثلاثاً


مسألة 70: (ثم يقول: سبحان ربي العظيم" ثلاثاً) وهو واجب لما روى عقبة بن عامر «أنه لما نزل {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 96] قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اجعلوها في ركوعكم" فلما نزل {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] قال: "اجعلوها في سجودكم» رواه أبو داود، وعنه ليس بواجب؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يعلمها للمسيء في صلاته [رواه البخاري] .

(71) ثم يرفع رأسه


مسألة 71: (ثم يرفع رأسه) وهذا الرفع والاعتدال ركنان لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمسيء في صلاته: «ثم ارفع حتى تعتدل قائماً» [رواه النسائي] .

(72) قائلاً سمع الله لمن حمده


مسألة 72: (ثم يقول سمع الله لمن حمده) قال أبو حميد في صفة صلاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثم قال سمع الله لمن حمده ورفع يديه» [رواه الترمذي] وفي حديث ابن عمر المتفق عليه «وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ويقول سمع الله لمن حمده» .

(73) ويرفع يديه كرفعه الأول


مسألة 73: (ويرفع يديه كرفعه الأول) ، وموضع الرفع بعد اعتداله قائماً، ووجه حديث ابن عمر المتفق عليه، وفي بعض ألفاظه: «رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا افتتح الصلاة رفع يديه، وإذا ركع، وبعدما يرفع رأسه» .

ص : 80



(74) فإذا اعتدل قائماً قال: ربنا ولك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد


مسألة 74: (فإذا اعتدل قائماً قال: ربنا ولك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد) لما روى أبو سعيد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا رفع رأسه قال ذلك، متفق عليه.

(75) ويقتصر المأموم على قول ربنا ولك الحمد


مسألة 75: (ويقتصر المأموم على قول ربنا ولك الحمد) لا يستحب له الزيادة على ذلك نص عليه، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد» [رواه البخاري] ولم يأمرهم بغيره.

(76) ثم يخر ساجداً مكبراً (77) ولا يرفع يديه


مسألة 76: (ثم يخر ساجداً مكبراً) والسجود والطمأنينة فيه ركنان لحديث المسيء في صلاته، وينحط مكبراً لحديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يكبر حين يسجد» ، متفق عليه.

مسألة 77: (ولا يرفع يديه) لما سبق من حديث ابن عمر.



(78) ويكون أول ما يقع منه على الأرض ركبتاه ثم كفاه ثم جبهته وأنفه


مسألة 78: (ويكون أول ما يقع منه على الأرض ركبتاه ثم كفاه ثم جبهته وأنفه) لما روى وائل بن حجر قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه» ، رواه أبو داود.

ص : 81



(79) ويجافي عضديه عن جنبه وبطنه عن فخذيه


مسألة 79: (ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه) لما روى أبو حميد أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جافى عضديه عن إبطيه «، ووصف البراء سجود النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوضع يديه بالأرض ورفع عجيزته» ، رواه أبو داود.

(80) ويجعل يديه حذو منكبيه


مسألة 80: (ويجعل يديه حذو منكبيه) لما روى أبو حميد «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وضع كفيه حذو منكبيه» .

(81) ويكون على أطراف قدميه


مسألة 81: (ويكون على أطراف قدميه) لما روى ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أمرت بالسجود على سبعة أعظم: الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين» متفق عليه.

(82) ثم يقول: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً


مسألة 82: (ثم يقول: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً) لما روى ابن مسعود أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا سجد أحدكم فليقل سبحان ربي الأعلى ثلاثاً وذلك أدناه» رواه الأثرم والترمذي.

(83) ثم يرفع رأسه مكبراً ويجلس مفترشاً فيفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ويثني أصابعها نحو القبلة


مسألة 83: (ثم يرفع رأسه مكبراً ويجلس مفترشاً) لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للأعرابي: «ثم ارفع حتى تطمئن جالساً» [رواه مسلم] وهذا الجلوس والطمأنينة فيه ركنان للخبر،ومعنى الافتراش أن (يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ويثني أصابعها نحو القبلة) لقول أبي حميد في صفة صلاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها، ثم اعتدل حتى رجع كل عضو في موضعه» [رواه أبو داود] وقالت عائشة: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى وينهى عن عقبة الشيطان» ، رواه مسلم.

ص : 82



(84) ويقول: ربي اغفر لي ثلاثاً


مسألة 84: (ويقول: رب اغفر لي ثلاثاً) لما «روى حذيفة أنه صلى مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان يقول بين السجدتين: "رب اغفر لي» رواه النسائي.

(85) ثم يسجد السجدة الثانية كالأولى، ثم يرفع رأسه مكبراً وينهض قائماً فيصلي الثانية كالأولى


مسألة 85: (ثم يسجد السجدة الثانية كالأولى سواء، ثم يرفع رأسه مكبراً) لحديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

(وينهض قائماً) لما روى أبو هريرة «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان ينهض على صدور قدميه» [رواه الترمذي] .

وفي حديث وائل بن حجر: «وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه» ، وفي لفظ: «فإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذيه» ، رواه أبو داود.

ص : 83



مسألة 86: (ويصلي الثانية كالأولى) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للأعرابي: «ثم اصنع ذلك في صلاتك كلها» إلا في تكبيرة الإحرام والاستفتاح، وفي الاستعاذة روايتان.

(87) فإذا فرغ منهما جلس للتشهد مفترشاً، ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ويده اليمنى على فخذه اليمنى، يقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة في تشهده مراراً


مسألة 87: (فإذا فرغ منهما جلس للتشهد مفترشاً) ، لقول أبي حميد في صفة صلاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإذا جلس في الركعتين جلس على اليسرى ونصب الأخرى، وفي لفظ فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته» ، حديث صحيح [رواه الترمذي] .

(88) ويقول: "التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" فهذا أصح ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التشهد


مسألة 88: (ويتشهد) كما روى عبد الله بن مسعود قال: «علمني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التشهد - كفي بين كفيه - كما يعلمني السورة من القرآن (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، (متفق عليه) ، وقال الترمذي: هذا أصح حديث روي في التشهد) » اختاره أحمد كذلك، فإن تشهد بغيره مما صح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتشهد ابن عباس وغيره جاز، نص عليه.

(89) ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد


مسألة 89: (ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد) وهو واجب لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث كعب بن عجرة: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» متفق عليه، أمر والأمر يقتضي الوجوب، وقد روي «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد» [رواه مسلم] أي ذلك أجزأه.

ص : 84



(90) ويستحب أن يتعوذ من عذاب القبر ومن عذاب جهنم ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال


مسألة 90: (ويستحب أن يتعوذ) من أربع، وهي ما روى أبو هريرة قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدعو: اللهم إني أعوذ بك (من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال) » متفق عليه.

(91) ثم يسلم عن يمينه "السلام عليكم ورحمة الله" وعن يساره كذلك)



مسألة 91: (ثم يسلم عن يمينه "السلام عليكم ورحمة الله" وعن يساره كذلك) وهو ركن لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وتحليلها التسليم» رواه أبو داود، وروى ابن مسعود «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يسلم عن يمينه: "السلام عليكم ورحمة الله" وعن يساره "السلام عليكم ورحمة الله» وفي لفظ: «رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسلم حتى يرى بياض خده عن يمينه وعن يساره» ، رواه مسلم، والتسليمة الثانية سنة؛ لأن عائشة روت «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سلم فسلم مرة واحدة تلقاء وجهه» ، رواه ابن ماجه، وكذلك روي عن سلمة بن الأكوع عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،ولأنه إجماع حكاه ابن المنذر [عمن يحفظه من أهل العلم، وقال عمار بن أبي عمار: كان مسجد الأنصار يسلمون تسليمتين، وكان مسجد المهاجرين يسلمون فيه تسليمة واحدة، ولأن التسليمة الأولى قد خرج بها من الصلاة فلم يجب ما بعدها كالثالثة] .

ص : 85



(92) وإن كانت الصلاة أكثر من ركعتين نهض بعد التشهد الأول كنهوضه من السجود ثم يصلي ركعتين لا يقرأ فيهما بعد الفاتحة شيئاً


مسألة 92: (وإن كانت الصلاة أكثر من ركعتين نهض بعد التشهد الأول كنهوضه من السجود ثم يصلي ركعتين لا يقرأ فيهما بعد الفاتحة شيئاً) [ولا يجهر فيهما] لما روى أبو قتادة «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بأم الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب» [رواه البخاري] ، وكتب عمر إلى شريح أن اقرأ في الركعتين الأوليين بأم الكتاب وسورة وفي الأخريين بأم القرآن، [وترك الجهر اتباعا للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك بنقل الخلف عن السلف] .

(93) فإذا جلس للتشهد الأخير تورك، فنصب رجله اليمنى، وفرش اليسرى، وأخرجهما عن يمينه


مسألة 93: (فإذا جلس للتشهد الأخير تورك، فنصب رجله اليمنى، وفرش اليسرى، وأخرجهما عن يمينه) ، فإن في بعض روايات أبي حميد: «حتى إذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة» رواه أبو داود، وفي رواية «جلس على إليتيه، وجعل بطن قدمه اليسرى عند مأبض اليمنى، ونصب قدمه اليمنى» كما قال الخرقي، وأيهما فعل جاز.

(94) ولا يتورك إلا في صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما



مسألة 94: (ولا يتورك إلا في صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما) لما روى وائل بن حجر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما جلس للتشهد افترش رجله اليسرى ونصب رجله اليمنى، ولم يفرق بين كونه آخراً أو وسطاً» [رواه أبو داود] ، وفي حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى» ، رواه مسلم، واحتج به أحمد، وهذان الحديثان يقتضيان كل تشهد بالافتراش، إلا أنه خرج من عمومهما التشهد الثاني لحديث أبي حميد، لخصوصه في التشهد الأخير، والخاص يقدم على العام، ففيما عداه يبقى على مقتضى العموم.

ص : 86


(95) فإذا سلم استغفر ثلاثاً وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام


مسألة 95: (فإذا سلم استغفر ثلاثاً وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام) ، قال ثوبان: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا انصرف من صلاته قال ذلك» ، رواه مسلم، قال الأوزاعي: يقول: أستغفر الله أستغفر الله.