باب صلاة المسافر
 
باب صلاة المسافر

(162) وإذا كانت مسافة سفره ستة عشر فرسخاً وهي مسيرة يومين قاصدين وكان مباحاً له قصر الرباعية خاصة


مسألة 162: (والمسافر إذا كانت مسافة سفره ستة عشر فرسخاً، وهي مسيرة يومين قاصدين وكان مباحاً فله قصر الرباعية خاصة) ويشترط للقصر شروط:

منها: أن يكون طويلاً قدره أربعة برد، وهي ستة عشر فرسخاً كل فرسخ ثلاثة أميال، قال القاضي: الميل اثنا عشر ألف قدم وذلك نحو يومين قاصدين، لما روي عن ابن عباس أنه قال: يا أهل مكة، لا تقصروا في أقل من أربعة برد ما بين عسفان إلى مكة، وكان ابن عباس وابن عمر لا يقصران في أقل من أربعة برد، ولأنها مسافة تجمع مشقة السفر من الحل والشد فجاز فيها القصر كمسيرة ثلاثة أيام.

الشرط الثاني: أن يكون سفره مباحاً، فإن سافر في معصية كالآبق وقاطع الطريق والتجارة في الخمر لم يقصر ولم يترخص بشيء من رخص السفر، لأنه لا يجوز تعليق الرخص بالمعاصي لما فيه من الإعانة عليها والدعاية إليها، والشرع لا يرد بذلك.

الشرط الثالث: أن القصر في الرباعية خاصة إلى ركعتين، فلا يجوز قصر الفجر ولا المغرب إجماعاً، لأن قصر الصبح يجحف بها، وقصر المغرب يخرجها عن كونها وتراً.

الشرط الرابع: شروعه في السفر بخروجه من بيوت قريته أو خيام قومه، لأن الله سبحانه قال: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: 101] ولا يكون ضارباً في الأرض حتى يخرج.

(163) إلا أن يأتم بمقيم


مسألة 163: (إلا أن يأتم بمقيم) فعليه الإتمام لأن «ابن عباس سئل: ما بال المسافر يصلي ركعتين حال الانفراد، وأربعاً إذا ائتم بمقيم؟ فقال: تلك السنة» ، رواه الإمام أحمد، وهو ينصرف إلى سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولأنه قول جماعة من الصحابة ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف من الصحابة فكان إجماعاً.

ص : 110



(164) أو لم ينو القصر


مسألة 164: (أو لا ينوي القصر) مع نية الإحرام فإنه يلزمه الإتمام، لأن الإتمام هو الأصل فإطلاق النية ينصرف إليه، كما لو نوى الصلاة مطلقاً انصرف إلى الانفراد الذي هو الأصل.

(165) أو نسي صلاة حضر فيذكرها في السفر أو صلاة سفر فيذكرها في الحضر فعليه الإتمام


مسألة 165: (أو نسي صلاة حضر فيذكرها في السفر، أو صلاة سفر فيذكرها في الحضر فإن عليه الإتمام) لأن صلاة الحضر وجبت أربعاً وصلاة السفر - إذا ذكرها في الحضر - وجبت أربعاً، لأن المبيح للقصر هو السفر وقد زال فيلزمه الإتمام لأنه الأصل.

(166) وللمسافر أن يتم


مسألة 166: (وللمسافر أن يتم) لقوله سبحانه: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: 101] مفهومه أن القصر رخصة يجوز تركها، وعن عائشة أنها قالت: «خرجت مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عمرة رمضان فأفطر وصمت، وقصر وأتممت، فقلت: يا رسول الله بابي أنت وأمي، أفطرت وصمت، وأتممت وقصرت، فقال: " أحسنت» رواه أبو داود الطيالسي، ولأنه تخفيف أبيح في السفر فجاز تركه كالمسح ثلاثاً.

(167) والقصر أفضل


مسألة 167: (والقصر أفضل) لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه داوموا عليه وعابوا من تركه، قال عبد الرحمن بن يزيد: صلى عثمان أربعاً، فقال عبد الله: «صليت مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ركعتين ومع أبي بكر ركعتين ومع عمر ركعتين ثم انصرفت بكم الطرق، ولوددت أن حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان» ، متفق عليه.

(168) ومن نوى الإقامة أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم، وإن لم يجمع على ذلك قصر أبداً


مسألة 168: (ومن نوى الإقامة أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم، فإن لم يجمع على ذلك قصر أبداً) لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقام بمكة فصلى إحدى وعشرين صلاة يقصر فيها،
لأنه قدم لصبح رابعة إلى يوم التروية فصلى الصبح ثم خرج، فمن أقام مثل إقامته قصر، ومن زاد أتم، قال أنس: أقمنا بمكة عشراً نقصر الصلاة، ومعناه ما ذكرناه، لأنه حسب خروجه إلى منى وعرفة وما بعده من العشر.

ص : 111

الموضوع التالي


باب صلاة الخوف

الموضوع السابق


باب صلاة المريض