باب زكاة الخارج من الأرض
 
باب زكاة الخارج من الأرض

وهو نوعان: أحدهما: النبات، فتجب الزكاة منه في كل حب وثمر يكال ويدخر إذا خرج من أرضه وبلغ خمسة أوسق، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس في حب ولا ثمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق» . والوسق ستون صاعًا والصاع رطل بالدمشقي وأوقية وخمسة أسباع أوقية، فجميع النصاب ما قارب ثلاثمائة واثنين وأربعين رطلاً وستة أسباع رطل


(وهو نوعان: أحدهما: النبات، فتجب الزكاة فيه في كل حب وثمر يكال ويدخر) لقوله سبحانه: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر» أخرجه البخاري.


مسألة 23: ولا تجب إلا بخمسة شروط:
أحدها: أن يكون حبًا أو ثمرًا لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا زكاة في ثمر ولا حب حتى يبلغ خمسة أوسق» وهذا يدل على وجوبها في الحب والثمر وانتفائها من غيرهما.
الثاني: أن يكون مكيلا لتقديره بالأوسق وهي مكاييل فيدل ذلك على اعتبارها.
الثالث: أن يكون مما يدخر لأن جميع ما اتفق على زكاته مدخر، ولأن غير المدخر لم تكمل ماليته لعدم التمكن من الانتفاع به في المال.
الرابع: أن يبلغ نصابًا قدره بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» [رواه البخاري] ، والوسق ستون صاعًا حكاه ابن المنذر إجماعًا، والصاع خمسة أرطال وثلث، والمجموع ثلاثمائة صاع وهي ألف وستمائة رطل بالعراقي، والرطل مائة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، وهو بالرطل الدمشقي المقدر بستمائة درهم ثلاثمائة رطل واثنان وأربعون رطلا وستة أسباع رطل. والأوساق مكيلة ونقلت إلى الوزن لتحفظ وتنقل، قال الإمام أحمد: وزنته - يعني الصاع - فوجدته خمسة أرطال وثلثًا حنطة، وهذا يدل على أن قدره ذلك من الحبوب الثقيلة.
الشرط الخامس: أن يكون النصاب مملوكًا له وقت وجوب الزكاة لقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: 24] فلا تجب فيما يكتسبه باللقاط ولا ما يأخذه بحصاده ولا ما يجتنيه من المباح كالبطم والزعبل ونحوه.

ص : 143


(24) ويجب العشر فيما سقي من السماء والسيوح، ونصف العشر فيما سقي بكلفة كالدوالي والنواضح

مسألة 24: (ويجب العشر فيما سقي من السماء والسيوح، ونصف العشر فيما سقي بكلفة) للخبر في أول الباب.

(25) وإذا بدا الصلاح في الثمار واشتد الحب وجبت الزكاة)

مسألة 25: (وإذا بدا الصلاح في الثمار واشتد الحب وجبت الزكاة) لأنه حينئذ يقصد للأكل والاقتيات فأشبه اليابس، وقبله لا يقصد لذلك فهو كالرطبة.

(26) ولا يخرج الحب إلا مصفى ولا الثمر إلا يابسًا

مسألة 26: (ولا يخرج الحب إلا مصفى ولا الثمر إلا يابسًا) لما روى عتاب بن أسيد قال: «أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يخرص العنب كما يخرص النخل وتؤخذ زكاته زبيبًا كما تؤخذ زكاة النخل تمرًا» رواه أبو داود، ولأنه أوان الكمال وحال الادخار، فلو أخرج الزكاة قبل الجفاف لم يجزه ولزمه الإخراج بعد التجفيف، لأنه أخرج غير الفرض فلم يجزه كما لو أخرج الصغيرة من الماشية عن الكبار.

ص : 144


(27) ولا زكاة فيما يكتسبه من مباح الحب والثمر، ولا في اللقاط، ولا يأخذه أجرة لحصاده

مسألة 27: (ولا زكاة فيما يكسبه من مباح الحب والثمر، ولا في اللقاط، ولا فيما يأخذه أجرة لحصاده) لأن هذه الأشياء إنما تملك بحيازتها وأخذها، والزكاة إنما تجب في الحبوب والثمار إذا بدا صلاحها، وفي تلك الحال لم تكن ملكًا له فلا يتعلق به الوجوب ويصير كما لو وهب نصابًا بعد بدو صلاحه أو اشتراه أو ملكه بجهة من الجهات لم تجب زكاته اتفاقًا.

(28) ولا يضم صنف من الحب والثمر إلى غيره في تكميل النصاب

مسألة 28: (ولا يضم صنف من الحب والثمر إلى غيره في تكميل النصاب) لأنهما جنسان مختلفان فلم يضم أحدهما إلى الآخر كالماشية.

(29) فإن كان صنفًا واحدًا مختلف الأنواع كالتمور ففيها الزكاة

مسألة 29: (فإن كان صنفًا واحدًا مختلف الأنواع كالتمور ففيه الزكاة) يعني أنها يضم بعضها إلى بعض في تكميل النصاب كما تضم أنواع الحنطة وأنواع الذهب وأنواع الفضة لا نعلم في ذلك خلافًا.

(30) ويخرج من كل نوع زكاته وإن أخرج جيدًا عن الرديء جاز وله أجره النوع الثاني: المعدن، فمن استخرج من معدن نصابًا من الذهب أو الفضة أو ما قيمته نصابًا من الجواهر أو الكحل والصفر والحديد أو غيره فعليه الزكاة

مسألة 30: (ويخرج من كل صنف على حدته) لأن الفقراء بمنزلة الشركاء فيه، ولا يخرج الرديء عن الجيد لقوله سبحانه: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] (وإن أخرج الجيد عن الرديء جاز وله أجره) ولا يلزمه ذلك لأن الزكاة على سبيل المواساة، ولا مشقة فيما ذكرناه لأنه لا يحتاج إلى تشقيص.

(النوع الثاني: المعدن، فمن استخرج من معدن نصابًا من الذهب أو الفضة أو ما قيمته نصابًا من الجواهر أو الكحل والصفر والحديد أو غيره فعليه الزكاة) في الحال ربع العشر من قيمته لقول الله سبحانه: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] وروى الجوزجاني بإسناده عن بلال بن الحارث المزني «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذ من معادن القبيلة الصدقة وقدرها ربع العشر» ولأنها زكاة في الأثمان فأشبهت زكاة سائر الأثمان، أو تتعلق بالقيمة أشبهت زكاة التجارة، ولا يعتبر لها حول لأنه يراد لتكامل النماء وبالوجود يصل إلى النماء فلم يعتبر له حول كالعشر.

ص : 145


(31) ولا يخرج إلا بعد السبك والتصفية

مسألة 31: (ولا يخرج إلا بعد السبك والتصفية) كالحب والثمرة.

(32) ولا شيء في اللؤلؤ والمرجان والعنبر والمسك

مسألة 32: (ولا شيء في اللؤلؤ والمرجان والعنبر والسمك) ، لأن ابن عباس قال: لا شيء في العنبر إنما هو شيء ألقاه البحر، ولأنه كان على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخلفائه فلم تسبق فيه سنة، وعلى قياسه اللؤلؤ والمرجان، وعنه في العنبر الزكاة، لأنه معدن أشبه معدن البر، والسمك صيد أشبه صيد البر، وعنه فيه الزكاة قياسًا على العنبر.

(33) ولا شيء في صيد البر والبحر

مسألة 33: (ولا شيء في صيد البر والبحر) ، لأنه صيد والصيد لا زكاة فيه لأنه من المباحات فأشبه اللقاط.

(34) وفي الركاز الخمس

مسألة 34: (وفي الركاز الخمس) لما روى أبو هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «في الركاز الخمس» متفق عليه، ولأنه مال مظهور عليه بالإسلام فوجب فيه الخمس كالغنيمة.

(35) أي نوع كان من المال قل أو كثر

مسألة 35: (وتجب في قليله وكثيره من أي نوع كان) من غير حول لذلك. وتجب على كل واجد له من أهل الزكاة وغيرهم لذلك.

(36) ومصرفه مصرف الفيء

مسألة 36: (ومصرفه مصرف الفيء) لذلك، ولأنه روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه رد بعض خمس الركاز على واجده ولا يجوز ذلك في الزكاة، وعنه أنه زكاة، فمصرفه مصرفها اختاره الخرقي لأن عليًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أمر واجد الركاز أن يتصدق به على المساكين، ولأنه حق تعلق بمستفاد من الأرض فأشبه صدقة المعدن.

ص : 146


(37) وباقيه لواجده

مسألة 37: (وباقيه لواجده) إن وجده في موات أو أرض لا يعلم مالكها، لأن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «في الركاز الخمس» دلالة على أن باقيه لواجده، وإنما اشترط ذلك لأنه إذا وجده في أرض غير موات أو أرض يعلم مالكها آدميًا معصومًا أو كانت منتقلة إليه ففيه روايتان: إحداهما: [أنه يملكه] أيضًا لأنه لا يملكه بملك الأرض؛ لأنه ليس من أجزائها إنما هو مودع فيها، فجرى مجرى الصيد والكلأ يملكه من ظفر به كالمباحات كلها.


مسألة 38: وإذا ادعاه مالك الأرض فهو له مع يمينه لثبوت يده على محله. والرواية الأخرى: هو لمالك الأرض أو لمن انتقلت عنه إن اعترف به، فإن لم يعترف به فهو لأول مالك لأنه في ملكه فكان له كحيطانه.

(39) فإن كان فيهما غش فلا زكاة فيهما حتى يبلغ قدر الذهب والفضة نصابًا، فإن شك في ذلك خير بين الإخراج وبين سبكهما ليعلم قدر ذلك

مسألة 39: (فإن كان فيها غش فلا زكاة فيها، حتى يبلغ قدر الذهب والفضة نصابًا) للخبر (فإن شك في ذلك خير بين الإخراج وبين سبكهما ليعلم قدر ذلك) أو يستظهره فيخرج ليسقط الفرض بيقين.

الموضوع التالي


باب زكاة الأثمان

الموضوع السابق


باب زكاة السائمة