باب ما يفسد الصوم من أكل أو شرب
 
باب ما يفسد الصوم من أكل أو شرب


(من أكل أو شرب أو استعط أو أوصل إلى جوفه شيئًا من أي موضع كان أو استقاء أو استمنى أو قبل أو لمس أو أمذى أو حجم أو احتجم عامدًا ذاكرًا لصومه فسد)


أما الأكل والشرب فيحرم على الصائم لقوله سبحانه: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] بعد قوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] فإذا أكل أو شرب مختارًا ذاكرًا لصومه أبطله لأنه فعل ما ينافي الصوم لغير عذر سواء كان غذاء أو غير غذاء كالحصاة والنواة لأنه أكل.

ص : 166


(19) أو استعط

مسألة 19: إن استعط فسد صومه، لقوله للقيط بن صبرة: «بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» وهذا يدل على أنه يفسد الصوم إذا بالغ فيه بحيث يصل إلى خياشيمه.


(20) أو أوصل إلى جوفه شيئًا من أي موضع كان

مسألة 20: وإن أوصل إلى جوفه شيئًا من أي نوع كان، مثل أن احتقن أو داوى جائفة أو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه أو أوصل إلى دماغه شيئًا مثل إن قطر في أذنيه أو داوى مأمومة فوصل إلى دماغه فسد صومه؛ لأنه إذا فسد بالسعوط دل على أنه يفسد بكل واصل من أي موضع كان، ولأن الدماغ أحد الجوفين فأفسد الصوم بما يصل إليه كالأخرى.

(21) واستقاء

مسألة 21: وإن استقاء عمدًا فعليه القضاء، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامدًا، لما روى أبو هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقض» حديث حسن [رواه الترمذي] .

(22) أو استمنى أو قبّل

مسألة 22: وإن استمنى بيده فأنزل أفطر، لأنه أنزل عن مباشرة أشبه القُبلة.

(23) أو لمس أو أمذى

مسألة 23: ولو قبل أو لمس أو أمذى فسد صومه لذلك، أما إذا أمنى فإنه يفطر بغير خلاف علمناه، وإن أمذى أفطر عند إمامنا لأنه خارج تخلله الشهوة فإذا انضم إلى المباشرة أفطر كالمني.


مسألة 24: وإن لم ينزل لم يفسد صومه، لما «روى ابن عمر قال: " قلت: يا رسول الله صنعت اليوم أمرًا عظيمًا، قبلت وأنا صائم. قال: أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت
صائم، قلت: لا بأس، قال: فمه» رواه أبو داود، شبه القبلة بالمضمضة لكونها من مقدمات الشهوة، والمضمضة إذا لم يكن معها نزول الماء لم تفطر، كذلك القبلة.

ص : 167


(25) أو حجم أو احتجم عامدًا ذاكرًا لصومه فسد

مسألة 25: وإن حجم أو احتجم عامدًا ذاكرًا لصومه فسد صومه، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفطر الحاجم والمحجوم» [رواه أبو داود] رواه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد عشر نفسًا، قال أحمد: حديث ثوبان وشداد صحيحان.

(26) وإن فعله ناسيًا

مسألة 26: (وإن فعل شيئًا من هذا ناسيًا لم يفسد صومه) لما روى أبو هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيًا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " متفق عليه. وفي لفظ: " فلا يفطر، فإنما هو رزق رزقه الله» فنص على الأكل والشرب وقسنا عليه سائر ما ذكرنا.

(27) أو مكرهًا لم يفسد صومه

مسألة 27: (وإن فعله مكرهًا لم يفطر) ، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء» فنقيس عليه ما عداه.

(28) وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار

مسألة 28: (وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار لم يفسد صومه) ، لأنه لا يمكن التحرز منه، أشبه الريق.

(29) أو تمضمض، أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء

مسألة 29: (وإن تمضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء لم يبطل صومه) لأنه وصل بغير اختياره أشبه الذباب الداخل حلقه.

ص : 168


(30) أو فكر فأنزل

مسألة 30: (وإن فكر فأنزل لم يفسد صومه) ، لأنه يخرج من غير اختياره.

(31) أو قطر في إحليله

مسألة 31: (وإن قطر في إحليله شيئًا لم يفسد صومه) لأن ما يصل إلى المثانة لا يصل إلى الجوف ولا منفذ بينهما.

(32) أو احتلم

مسألة 32: (وإن احتلم لم يفسد صومه) لأنه يخرج من غير اختياره.

(33) أو ذرعه القيء لم يفسد صومه

مسألة 33: (وإن ذرعه القيء لم يفسد صومه) لحديث أبي هريرة: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء» حديث حسن [رواه الترمذي] .

(34) ومن أكل يظنه ليلًا فبان نهارًا فعليه القضاء

مسألة 34: (ومن أكل يظنه ليلًا فبان نهارًا فعليه القضاء) لما روي عن حنظلة قال: كنا بالمدينة في رمضان فأفطر بعض الناس ثم طلعت الشمس فقال عمر: من أفطر فليقض يومًا مكانه [رواه البيهقي] ولأنه أكل ذاكرًا مختارًا فأفطر كما لو أكل يظنه من شعبان فبان من رمضان.

(35) ومن أكل شاكًا في طلوع الفجر لم يفسد صومه، وإن أكل شاكًا في غروب الشمس فعليه القضاء

مسألة 35: (ومن أكل شاكًا في طلوع الفجر لم يفسد صومه) ، لأن الأصل بقاء الليل (وإن كان شاكًا في غروب الشمس فعليه القضاء) ، لأن الأصل بقاء النهار.