باب صيام التطوع
 
باب صيام التطوع

(36) أفضل الصيام صيام داود - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي يدعونه المحرم وما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة

مسألة 36: (أفضل الصيام صيام داود - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا) لأن في حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «صم يومًا وأفطر يومًا فذلك صيام داود وهو أفضل الصيام. فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا أفضل من ذلك» متفق عليه. (وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي يدعونه المحرم)
لما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم» رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة. قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء» هذا حديث حسن صحيح رواه ابن عباس [رواه الترمذي] . وعن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر» وهذا حديث غريب أخرجه الترمذي. وروى أبو داود بإسناده عن بعض أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالت: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء» .

ص : 169


(37) ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله

مسألة 37: (ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله) لما روى أبو أيوب قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر كله» رواه مسلم والأثرم وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.

(38) وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة وصيام يوم عرفة كفارة سنتين

مسألة 38: (وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة وصيام يوم عرفة كفارة سنتين) لما روى أبو قتادة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده» . وقال في صيام عاشوراء: «إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» أخرجه مسلم.

ص : 170


(39) ولا يستحب لمن بعرفة أن يصومه

مسألة 39: (ولا يستحب لمن كان بعرفة أن يصومه) ليتقوى على الدعاء؛ لما روي «عن أم الفضل بنت الحارث: " أن أناسًا تماروا بين يديها يوم عرفة في رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال بعضهم: صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم. فأرسلت إليه بقدح من لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» متفق عليه. «وقال ابن عمر: " حججت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يصمه - يعني يوم عرفة - ومع أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن. وروى أبو داود «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة» ولأن الصوم يضعفه ويمنعه الدعاء في هذا اليوم العظيم الذي يستجاب فيه الدعاء في ذلك الموقف الشريف الذي يقصد من كل فج عميق رجاء فضل الله فيه وإجابة دعائه فكان تركه أفضل.

(40) ويستحب صيام أيام البيض

مسألة 40: (ويستحب صيام أيام البيض) لما رواه أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: "أوصاني «خليلي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام» [رواه البخاري] وعن عبد الله بن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: «صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر» متفق عليهما. ويستحب أن يجعل هذه الثلاثة أيام البيض لما روى أبو ذر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا أبا ذر، إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثالث عشره ورابع عشره وخامس عشره» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن.

ص : 171


(41) والاثنين والخميس

مسألة 41: (ويستحب صيام الاثنين والخميس) لما روى أبو داود بإسناده عن أسامة بن زيد: «أن نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصوم الاثنين والخميس، فسئل عن ذلك فقال: "إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس - وفي لفظ - فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» .

(42) والصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر ولا قضاء عليه

مسألة 42: (والصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر ولا قضاء عليه) لأنه مخير فيه قبل الشروع، فكان مخيرًا بعده قياسًا لما بعد الشروع على ما قبله ولا يلزمه قضاؤه إذا أفطر لأنه غير واجب، «وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدخل على أهله فيقول: هل عندكم من شيء؟ فإن قالوا: نعم، أفطر، وإن قالوا: لا، قال: فإني صائم» رواه مسلم، ولا قضاء عليه لما سبق.

(43) وكذلك سائر التطوع إلا الحج والعمرة فإنه يجب إتمامهما وقضاء ما أفسد منهما

مسألة 43: (وكذلك سائر التطوع إلا الحج والعمرة فإنه يجب إتمامهما وقضاء ما أفسد منهما) لأنهما لا يوصل إليهما إلا بكلفة شديدة وإنفاق مال كثير في الغالب فإباحة الخروج منهما يفضي إلى تضييع المال بغير فائدة بخلاف غيرهما، وإلزامه قضاء ما أفسد منهما وسيلة إلى المحافظة عليهما فلا يضيع ما أنفق عليهما.

(44) ونهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صوم يومين: يوم الفطر، ويوم الأضحى

مسألة 44: (ونهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صيام يومين: يوم الفطر، والأضحى) لما «روى أبو عبيد مولى ابن أزهر قال: "شهدت العيد مع عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقال: هذان يومان نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم» متفق عليه.

ص : 172



(45) ونهى عن صوم أيام التشريق

مسألة 45: (ونهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صوم أيام التشريق) وروى نبيشة الهذلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل» رواه مسلم.

(46) إلا أنه رخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي

مسألة 46: أنه رخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي) لما روي «عن ابن عمر وعائشة أنهما قالا: " لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لا يجد الهدي» رواه البخاري.

(47) وليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان

مسألة 47: (وليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر» متفق عليه.