باب السبق
 
باب السبق


وتجوز المسابقة بغير جعل في الأشياء كلها


(تجوز المسابقة بغير جعل في الأشياء كلها) الدواب والأقدام والسفن والمزاريق وغيرها، لما روى ابن عمر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "سابق بين الخيل من الحفياء إلى ثنية الوداع، وبين التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق» متفق عليه. وسابق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عائشة على قدميه، وسابق سلمةُ بن الأكوع رجلًا من الأنصار بين يدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، «ومر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على قوم يربعون حجرًا أي يرفعونه ليعلم الشديد منهم فلم ينكر عليهم» .

(150) ولا تجوز بجعل إلا في الخيل والإبل والسهام لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر»

مسألة 150: (ولا تجوز بعوض إلا في الخيل والإبل والسهام لما روى أبو هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر» رواه أبو داود، فتعين حمله على المسابقة بعوض جمعًا بينه وبين ما سبق من الأحاديث. والمراد بالحافر الخيل خاصة، وبالخف الإبل، وبالنصل السهام، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس من اللهو ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبة أهله، ورميه بقوسه ونبله» (رواه أبو داود) ولأن غير الخيل والإبل لا تصلح للكر ولا للفر في القتال، وغير السهام لا يعتاد الرمي بها فلم تجز المسابقة بها كالبقر.

(151) فإن كان الجعل من غير المستبقين جاز، وهو للسابق منهما

مسألة 151: (فإن كان الجعل من غير المستبقين جاز، وهو للسابق منهما) لأنه إخراج مال لمصلحة فجاز أن يكون من غيرهما كارتباط الخيل في سبيل الله عز وجل ويكون للسابق منهما لأنه ليس بقمار.

ص : 291


(152) وإن كان من أحدهما فسبق المخرج أو جاءا معا أحرز سبقه ولا شيء له سواه

مسألة 152: (وإن كان العوض من أحدهما فسبق المخرج أو جاءا معًا أحرز سبقه ولا شيء له سواه) أما إذا جاءا معًا فلا شيء لهما لأنه لم يسبق واحد منهما، وإن سبق المخرج أحرز سبقه ولم يأخذ من الآخر شيئًا لأنه لو أخذ شيئًا كان قمارًا.

(153) وإن سبق الآخر أخذه

مسألة 153: (وإن سبق الآخر أحرز سبق صاحبه) لأنه ليس بقمار.

(154) وأن أخرجا جميعا لم يجز إلا أن يدخلا بينهما محللا يكافئ فرسه فرسيهما، أو بعيره بعيريهما، أو رميه رميهما، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فليس بقمار، ومن أدخل فرسا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار»

مسألة 154: (وإن أخرجا جميعًا لم يجز) لأنه يكون قمارًا (إلا أن يدخلا بينهما محللًا) وهو ثالث لم يخرج (يكافئ فرسه فرسيهما أو بعيره بعيريهما أو رميه رميهما، لما روى أبو هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أدخل فرسًا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فليس بقمار، ومن أدخل فرسًا بين فرسين وهو آمن أن يسبق فهو قمار» رواه أبو داود، فجعله قمارًا إذا أمن أن يسبق لأنه لا يخلو كل واحد منهما أن يغنم أو يغرم، وإذا لم يأمن أن يسبق لم يكن قمارًا لأن كل واحد لا يخلو من ذلك.

(155) فإن سبقهما أحرز سبقيهما، وإن سبق أحدهما أحرز سبق نفسه وأخذ سبق صاحبه

مسألة 155: (فإن سبقهما أحرز سبقيهما) بالاتفاق (وإن سبق أحد المستبقين وحده أحرز سبق نفسه وأخذ سبق صاحبه) ولم يأخذ من المحلل شيئًا، وإن سبق أحد المستبقين والمحلل الثالث أحرز السابق مال نفسه ويكون سبق المسبوق بين السابق والمحلل نصفين.

(156) ولا بد من تحديد المسافة وبيان الغاية

مسألة 156: (ولا بد من تحديد المسافة والغاية) بما جرت به العادة، لأن الغرض معرفة أسبقهما وأرماهما، ولا يعلم ذلك إلا بتساويهما في الغاية، ولأن أحدهما قد يكون مقصرًا في أول عدوه سريعًا في انتهائه، وقد يكون بالضد فيحتاج إلى غاية تجمع حاليه.

ص : 292


(157) وقدر الإصابة وصفتها وعدد الرشق

مسألة 157: (ويشترط معرفة عدد الإصابة وصفتها وعدد الرشق) الرشق بكسر الراء عبارة عن عدد الرمي الذي يتفقان عليه، والرشق بفتح الراء الرمي نفسه مصدر رشقت رشقًا أي رميت رميًا. اشترط معرفة عدده لأن الحذق في الرمي لا يعلم إلا بذلك، وعدد الإصابة ينبغي أن يكون معلومًا فيكون الرشق مثلًا عشرين والإصابة خمسة فيقولان: أيُّنا سبق إلى خمس إصابات من عشرين رمية فهو السابق، اشترط ذلك ليبين أحذقهما.


مسألة 158: وأما صفة الإصابة فإن أطلقاها تناولها على أي صفة كانت لأنها إصابة، فإن قالا: "خواصل" كانت تأكيدًا لأنه اسم لها كيفما كانت، وتسمى الإصابة أيضًا "القرع" ويقال "قرطس" إذا أصاب، ومن أسماء الإصابة الموارق وهو ما نفذ الغرض ووقع من الجانب الآخر ويسمى "الصادر" أيضًا، ومن أسمائها "خواسق" وهو ما خرق الغرض وثبت فيه، و "خوارق" وهو ما خرق الغرض ولم يثبت فيه، و "خواصر" وهو ما وقع في أحد جانبي الغرض، ومنه الخاصرة لأنها في جانب الإنسان، فإن عيَّنا شيئًا من ذلك تقيدت المناضلة به لأن المرجع في ذلك إلى شرطها.

(159) وإنما تكون المسابقة في الرمي على الإصابة لا على البعد

مسألة 159: (وإنما تكون المسابقة في الرمي على الإصابة لا على البعد) لأن المقصود منها الإصابة، وليس البعد مقصودًا.

الموضوع التالي


باب الوديعة

الموضوع السابق


باب اللقطة