باب الوديعة
 
باب الوديعة

الوديعة وهي أمانة عند المودع لا ضمان عليه فيها إلا أن يتعدى


(وهي أمانة عند المودع لا ضمان عليه فيها إلا أن يتعدى) سواء ذهب معها شيء من مال المودع أو لم يذهب، وعنه إن ذهبت من بين ماله غرمها، لما روي عن عمر بن الخطاب أنه ضمن أنس بن مالك وديعة ذهبت من بين ماله، ودليل الأولى أن الله سبحانه سماها أمانة، والضمان ينافي الأمانة، ويروى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ليس على المودع ضمان» (رواه ابن ماجه) ، ويروى ذلك عن جماعة من الصحابة، ولأن المستودع يحفظها لصاحبها متبرعًا فلو ضمن لامتنع الناس من قبول الودائع فيضر بهم لحاجتهم إليها، وما روي عن عمر محمول على التفريط من أنس في حفظها فلا ينافي ما ذكرناه، فأما إن تعدى فيها أو فرط في حفظها فتلفت ضمنها بغير خلاف نعلمه.

ص : 293


وإن لم يحفظها في حرز مثلها

مسألة 160: (ويلزمه حفظها في حرز مثلها، فإن تركها في دون حرز مثلها ضمن) لأن الإيداع يقتضي الحفظ، فإن أطلق حمل على المتعارف وهو حرز المثل، وهو ما جرت العادة بحفظ مثلها فيه، والدراهم والدنانير في الصناديق من وراء الأقفال، والثياب في البيوت والمخازن من وراء السكاكر والأغلاق، والخشب في الحضائر والغنم في الصبر.

أو مثل الحرز الذي أمر بإحرازها فيه

مسألة 161: (فإن أمره صاحبها بإحرازها في حرز فجعلها في دونه ضمن) لأن صاحبها لم يرضه، وإن أحرزها في مثله أو فوقه لم يضمن؛ لأن من رضي شيئًا رضي مثله وفوقه، وقيل: يضمن لأنه خالف أمره لغير حاجة [أشبه ما لو نهاه] .

(162) أو تصرف فيها لنفسه

مسألة 162: (وإن تصرف فيها لنفسه) فركب الدابة لغير نفعها أو لبس الثوب فتلف، (ضمن) لأنه تعدى فيها فبطل استئمانه.

(163) أو خلطها بما لا تتميز منه

مسألة 163: (وإن خلطها بما لا تتميز منه) فقد فوت على نفسه إمكان ردها بعينها فوجب أن (يضمنها) كما لو ألقاها في مهلكة.

(164) أو أخرجها لينفقها ثم ردها

مسألة 164: (وإن أخرجها لينفقها ثم ردها ضمن) لأنه هتك الحرز بغير عذر.

(165) أو كسر ختم كيسها

مسألة 165: (وإن كسر ختم كيسها ضمن) لذلك.

(166) أو جحدها ثم أقر بها

مسألة 166: (وإن جحدها ثم أقر بها ضمنها) لأنه بجحده بطل استئمانه عليها.

(167) أو امتنع من ردها عند طلبها مع إمكانه ضمنها

مسألة 167: (وإن امتنع من ردها عند طلبها مع إمكانه ضمنها) لأنه تعدى بالامتناع من ردها فصار كالغاصب.

ص : 294


(168) وإن قال: ما أودعتني، ثم ادعى تلفها أو ردها لم يقبل منه

مسألة 168: (وإن قال: ما أودعتني، ثم ادعى تلفها أو ردها لم يقبل منه) لأنه مكذب لإنكاره الأول معترف على نفسه بالكذب المنافي للأمانة.

(169) وإن قال: ما لك عندي شيء، ثم ادعى ردها أو تلفها قبل

مسألة 169: (وإن قال: ما لك عندي شيء، ثم ادعى ردها أو تلفها قبل) لأن من تلفت الوديعة عنده من غير تفريط من حرزه فلا شيء لمالكها عنده.

(170) والعارية مضمونة وإن لم يتعد فيها المستعير

مسألة 170: (والعارية مضمونة وإن لم يتعد فيها المستعير) لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال في خطبته عام حجة الوداع: «العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم» وروى صفوان بن أمية «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعار منه يوم حنين أدراعًا، فقال: أغصبًا يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة» رواه أبو داود.

ص : 295


الموضوع التالي


باب الإجارة

الموضوع السابق


باب السبق