باب العتق
 
باب العتق

العتق : وهو تحرير العبد


(وهو) في اللغة الخلوص، ومنه عتاق الخيل والطير إي خالصها. وفي الشرع (تحرير الرقبة) وتخليصها من الرق.

(64) ويحصل بالقول والفعل، فأما القول فصريحه لفظ العتق والتحرير وما تصرف منهما، فمتى أتى بذلك حصل العتق وإن لم ينوه، وما عدا هذا من الألفاظ المحتملة للعتق كناية لا يعتق بها إلا إذا كان نوى، وأما الفعل فمن ملك ذا رحم محرم عتق عليه

مسألة 64: (ويحصل بالقول والفعل: فأما القول فصريحه لفظ العتق والتحرير وما تصرف منهما) نحو أنت حر أو محرر أو عتيق أو معتق أو أعتقتك، لأن هذين اللفظين وردا في الكتاب والسنة وهما يستعملان عرفًا في العتق فكانا صريحين فيه كلفظ الطلاق فيه (فمتى أتى بشيء من هذه الألفاظ حصل العتق وإن لم ينو شيئًا، وما عدا هذا من الألفاظ المحتملة للعتق كناية لا يعتق به إلا إذا نوى) نحو قوله: خليتك، والحق بأهلك، واذهب حيث شئت ونحوه، كما قلنا في صريح الطلاق وكنايته (وأما الفعل فمن ملك ذا رحم محرم عتق عليه) لما روى سمرة بن جندب أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من ملك ذا رحم محرم فهو حر» رواه أبو داود، ولأنه ذو رحم فعتق عليه إذا ملكه كالولد، وعنه لا يعتق إلا عمود النسب بناء على أن نفقة غيرهم لا تجب.

ص : 375


(65) ومن أعتق جزءًا من عبد مشاعًا أو معينًا عتق كله

مسألة 65: (ومن أعتق جزءًا من عبده مشاعًا أو معينًا عتق كله) فإذا قال: ربع عبدي حر أو يده حرة عتق جميعه، لأنه موسر بما يسري إليه فأشبه ما لو أعتق شركًا له في عبد وهو موسر بقيمة باقيه.

(66) وإن أعتق ذلك من عبد مشترك وهو موسر بقيمة نصيب شريكه عتق كله وقوم عليه نصيب شريكه

مسألة 66: (وإن أعتق ذلك من عبد مشترك وهو موسر بقيمة نصيب شريكه عتق كله، وعليه قيمة باقيه يوم العتق لشريكه) لما روى ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أعتق شركًا له في عبد فإن كان له ما يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل فأعطى شركاءه حصصهم، وإلا فقد عتق منه ما عتق» متفق عليه. وفي لفظ " فكان له ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل فهو عتق " رواه أبو داود، وفي لفظ «فقد عتق كله» .

(67) وله ولاؤه، وإن كان معسرا لم يعتق إلا حصته لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أعتق شركا له في عبد فكان له ما يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل، فأعطي شركاؤه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق»

مسألة 67: (وله ولاؤه) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الولاء لمن أعتق» (وإن كان معسرًا لم يعتق منه إلا حصته) للخبر.

(68) وإن ملك جزءا من ذي رحمه عتق عليه باقيه إن كان موسرا

مسألة 68: (وإن ملك جزءًا من ذي رحم عتق عليه باقيه إن كان موسرًا، إلا أن يملكه بالميراث) فلا يعتق عليه إلا ما ملك، وذلك أنه متى ملكه بغير الميراث وهو موسر عتق عليه كله لأنه عتق بسبب من جهته فأشبه إعتاقه بالقول.

(69) إلا أن يملكه بالميراث فلا يعتق عليه إلا ما ملك

مسألة 69: (وإن ملكه بالميراث لم يعتق منه إلا ما ملك) موسرًا كان أو معسرًا، لأنه لا اختيار له في إعتاقه ولا بسبب من جهته، ونقل عن المروذي ما يدل على أنه يعتق عليه نصيب الشريك إذا كان موسرًا؛ لأنه ملك بعضه، أشبه ما لو ملكه بالشراء.

ص : 376


فصل: وإذا قال لعبده: أنت حر في وقت سماه، أو علق عتقه على شرط يعتق إذا جاء ذلك الوقت أو وجد الشرط ولم يعتق قبله ولا يملك إبطاله بالقول وله بيعه وهبته والتصرف فيه ومتى عاد إليه عاد الشرط


فصل في إضافة العتق لوقت أو تعليقه بشرط
(فصل: وإذا قال لعبده: أنت حر في وقت سماه، أو علق عتقه على شرط عتق إذا جاء الوقت أو وجد الشرط) لأنه عتق بصفة فجاز كالتدبير (ولا يعتق قبل وجود ذلك) لأنه حق علق على شرط فلا يثبت قبله كالجعل في الجعالة، (ولا يملك إبطال ذلك بالقول) لأنه كالتدبير، (ويملك ما يزيل الملك فيه من البيع والهبة) والوقف كما ملك ذلك في المدبر، فإن باعه ثم اشتراه عاد الشرط، لأن التعليق والصفة وجدا في ملكه فعتق كما لو لم يزل ملكه.

(70) وإن كانت الأمة حاملا حين التعليق أو وجد الشرط عتق حملها وإن حملت ووضعت فيما بينهما لم يعتق ولدها

مسألة 70: (وإن كانت الأمة حاملة حين وجود التعليق أو وجود الشرط عتق حملها) لأنه كعضو من أعضائها (وإن حملت ووضعت فيما بينهما لم يعتق ولدها) في أحد الوجهين، وفي الآخر يتبع أمه لأنه نوع استحقاق للحرية فتبع الولد أمه فيه كالتدبير. ودليل الأول أن التدبير أقوى من التعليق لأن التعليق بصفة في الحياة يبطل بالموت، والتدبير لا يبطل بالموت بل يتحقق مقصود منه.

الموضوع التالي


باب التدبير

الموضوع السابق


باب الميراث بالولاء