باب نكاح الكفار
 
باب نكاح الكفار

(22) لا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال ولا لمسلم نكاح كافرة إلا الحرة الكتابية

مسألة 22: (لا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال) لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] ، (ولا لمسلم نكاح كافرة) لقوله سبحانه: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] (إلا الحرة الكتابية) لقوله سبحانه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] . 50

(23) ومتى أسلم زوج الكتابية أو أسلم الزوجان الكافران معًا فهما على نكاحهما

مسألة 23: (ومتى أسلم زوج الكتابية أو أسلم الزوجان الكافران معًا فهما على نكاحهما) لأن للمسلم أن يبتدئ العقد على كتابية فاستدامته أولى، ولا خلاف في هذا بين القائلين بجواز نكاح الكتابيات. وأما إذا أسلما معًا فهما على نكاحهما إجماعًا، ذكره ابن عبد البر، ولأنه لم يوجد منهما اختلاف دين. وروى أبو داود «أن رجلًا جاء مسلمًا على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم جاءت امرأته مسلمة بعده، فقال: يا رسول الله إنها كانت أسلمت معي، فردها عليه» . ويعتبر تلفظهما بالإسلام دفعة واحدة لئلا يسبق إسلام أحدهما إسلام صاحبه فيفسد نكاحه، ويحتمل أن يقف على المجلس كالقبض فإن حكمه حكم حالة العقد، لأنه يبعد اتفاقهما على النطق بكلمة الإسلام دفعة واحدة.

(24) وإن أسلم أحدهما غير زوج الكتابية


مسألة 24: (وإن أسلم أحدهما غير زوج كتابية) مثل أن يسلم أحد الزوجين غير الكتابيين كالوثنيين أو المجوسيين أو كتابيّ متزوج لوثنية أو مجوسية قبل الدخول بها تعجلت الفرقة بينهما من حين إسلامه ويكون فسخًا ليس بطلاق، لأنها فرقة لاختلاف دين فكانت فسخًا كما لو أسلم الزوج، ولأنه اختلاف دين يمنع الإقرار على النكاح، فإذا وجد قبل الدخول تعجلت الفرقة كالردة أو كما لو أسلم الزوج، ولأنه إن كان هو المسلم فليس له إمساك الزوجة لقوله سبحانه: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] ، وإن كانت هي المسلمة فلا يجوز بقاؤها في نكاح مشرك لقوله سبحانه: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] .

ص : 413


(25) أو ارتد أحد الزوجين المسلمين قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، وإن كان ذلك بعد الدخول فأسلم الكافر منهما في عدتها فهما على نكاحهما وإلا تبينا أن النكاح انفسخ منذ اختلف دينهما

مسألة 25: (وإن ارتد أحد الزوجين المسلمين قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال) لقوله سبحانه: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] ولقوله سبحانه: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] ، ولأنه اختلاف دين يمنع الإصابة فأوجب فسخ النكاح كما لو أسلمت تحت كافر (وإن كانت الردة بعد الدخول) فهل تعجل الفرقة، أو تقف على انقضاء العدة؟ على روايتين: إحداهما: تتعجل الفرقة لأن ما أوجب فسخ النكاح استوى فيه ما قبل الدخول وبعده كالرضاع، والثانية: تقف على انقضاء العدة (فإن أسلم المرتد قبل انقضائها فهما على النكاح، وإن لم يسلم حتى انقضت تبينا انفساخ النكاح منذ اختلف الدينان) لأنه لفظ تقع به الفرقة، فإذا وجد بعد الدخول جاز أن يقف على انقضاء العدة كالطلاق الرجعي.

(26) وما سمى لها وهما كافران فقبضته في كفرهما فلا شيء لها غيره وإن كان حرامًا، وإن لم تقبضه وهو حرام فلها مهر مثلها أو نصفه حيث وجب ذلك

مسألة 26: (وما سمى لها وهما كافران فقبضته في كفرهما فلا شيء لها غيره وإن كان حرامًا، وإن لم تقبضه وهو حرام فلها مهر مثلها أو نصفه حيث وجب ذلك) وذلك أن الكفار إذا أسلموا أو تحاكموا إلينا بعد العقد والقبض لم نتعرض لما فعلوه، وما قبضت من المهر فقد نفذ وليس لها غيره حلالًا كان أو حرامًا، لقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278] فأمر بترك ما بقي دون ما قبض، ولأن التعرض للمقبوض بابطاله يشق لتطاول الزمان وكثرة تصرفاتهم في الحرام ففيه تنفيرهم عن الإسلام، ولأنهما تقابضا بحكم الشرك فبرئت ذمة من هو عليه كما لو تبايعا بيوعًا فاسدة وتقابضا، وإن لم يتقابضوا وكان المسمى حلالًا وجب ما سمياه لأنه مسمى صحيح فهو كتسمية المسلم، وإن كان حرامًا كالخمر والخنزير بطل ولم يحكم به لأن ما سمياه لا يجوز إيجابه في الحكم ولا يجوز أن يكون صداقًا لمسلمة ولا في نكاح مسلم، ويجب مهر المثل إن كان بعد الدخول ونصفه إن وقعت الفرقة قبل الدخول وهو معنى قوله: " حيث وجب ذلك ".

ص : 414


فصل: وإن أسلم الحر وتحته إماء فأسلمن معه وكان في حال اجتماعهم على الإسلام ممن لا يحل له نكاح الإماء انفسخ نكاحهن، وإن كان ممن يحل له نكاحهن أمسك منهن من تعفه وفارق سائرهن


فصل في الحر يسلم وتحته إماء فيسلمن معه]
(فصل: فإن أسلم الحر وتحته إماء فأسلمن معه وكان في حال اجتماعهم على الإسلام ممن لا يحل له نكاح الإماء انفسخ نكاحهن) لأنه في هذه الحالة لا يملك ابتداء نكاحهن (وإن كان في حال اجتماعهم على الإسلام ممن يحل له الإماء فله الاختيار منهن واحدة) لأنه يملك ابتداء نكاحها فملك اختيارها كالحرة.

ص : 415


الموضوع التالي


باب الشروط في النكاح

الموضوع السابق


باب الرضاع