مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَرَى طِنْفِسَةً لِعَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تُطْرَحُ إِلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْغَرْبِيِّ فَإِذَا غَشِيَ الطِّنْفِسَةَ كُلَّهَا ظِلُّ الْجِدَارِ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ قَالَ مَالِكٌ (...) |
مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَرَى طِنْفِسَةً لِعَقِيلِ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تُطْرَحُ إِلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْغَرْبِيِّ فَإِذَا غَشِيَ الطِّنْفِسَةَ كُلَّهَا ظِلُّ الْجِدَارِ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ قَالَ مَالِكٌ ((وَالِدُ أَبِي سُهَيْلٍ)) ثُمَّ نَرْجِعُ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَنَقِيلُ قَائِلَةَ الضَّحَاءِ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ فِيهِ ((كَانَ لِعَقِيلٍ طِنْفِسَةٌ مِمَّا يَلِي الرُّكْنَ الْغَرْبِيَّ فَإِذَا أَدْرَكَ الظِّلُّ الطِّنْفِسَةَ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَقِيلُ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ ((أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَتْ لَهُ طِنْفِسَةٌ فِي أَصْلِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ عَرْضُهَا ذِرَاعَانِ أَوْ ذِرَاعَانِ وَثُلُثٌ وَكَانَ طُولُ الْجِدَارِ سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فَإِذَا نَظَرَ إِلَى الظِّلِّ قَدْ جَاوَزَ الطِّنْفِسَةَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَإِذَا أَذَّنَ نَظَرْنَا إِلَى الطِّنْفِسَةِ فَإِذَا الظِّلُّ قَدْ جَاوَزَهَا)) قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ مَالِكٌ الطِّنْفِسَةَ لِعَقِيلٍ وَجَعَلَهَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ لِلْعَبَّاسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 الْمَعْنَى فِي طَرْحِ الطِّنْفِسَةِ لِعَقِيلٍ عِنْدَ الْجِدَارِ الْغَرْبِيِّ مِنَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ يَجْلِسُ عَلَيْهَا وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ وَكَانَ نَسَّابَةً عَالِمًا بِأَيَّامِ النَّاسِ وَأَدْخَلَ مَالِكٌ هَذَا الْخَبَرَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ وَرَدًّا عَلَى مَنْ حَكَى عَنْهُ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ الْجُمُعَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِنْكَارًا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا صَلَاةُ عِيدٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُصَلَّى قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) الْخَبَرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ الْجُمُعَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ ضُحًى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ ((كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُصَلِّي بِنَا الْجُمُعَةَ ضُحًى وَيَقُولُ إِنَّمَا عَجَّلْتُ بِكُمْ خَشْيَةَ الْحَرِّ عَلَيْكُمْ)) وَحَدِيثُ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ ((كُنَّا نُبَكِّرُ الْجُمُعَةَ وَنَقِيلُ بَعْدَهَا)) وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ((كُنَّا نُبَكِّرُ بِالْجُمُعَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَتَغَدَّى وَنَقِيلُ)) وَحَدِيثُ جَابِرٍ قَالَ ((كُنَّا نُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَقِيلُ)) وَذَكَرْنَا عِلَلَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَضَعْفَ أَسَانِيدِ بَعْضِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ مِنْ وَجْهٍ يُحْتَجُّ بِهِ إِلَى مَا يَدْفَعُهَا مِنَ الْأُصُولِ الْمَشْهُورَةِ وَلِهَذَا وَمِثْلِهِ أَدْخَلَ مَالِكٌ حَدِيثَ طِنْفِسَةِ عَقِيلٍ لِيُوَضِّحَ أَنَّ وَقْتَ الْجُمُعَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا مَعَ قِصَرِ حِيطَانِهِمْ وَعَرْضِ الطِّنْفِسَةِ لَا يَغْشَاهَا الظِّلُّ إِلَّا وَقَدْ فَاءَ الْفَيْءُ وَتَمَكَّنَ الْوَقْتُ وَبَانَ فِي الْأَرْضِ دُلُوكُ الشَّمْسِ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ تَدُورُ الْفَتْوَى عَلَيْهِمْ كُلُّهُمْ يَقُولُ إِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُصَلَّى إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ إِلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ مَنْ صَلَّى قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ أَعِبْهُ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَثْرَمَ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! مَا تَرَى فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَقَالَ فِيهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا عَلِمْتَ ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآثَارِ عَنْ أبي بكر وعمر وبن مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَنَسٍ وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهَا صَلَاةُ عِيدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وَهِيَ آثَارٌ كُلُّهَا لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ وَلَا نَقَلَهَا الْأَئِمَّةُ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ تَمْنَعُ مِنَ الظُّهْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ - دَلَّ عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا وَقْتُ الظُّهْرِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّاهَا وَقْتَ الظُّهْرِ فَقَدْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كَصَلَاةِ الْعِيدِ لِأَنَّ الْعِيدَ لَا تُصَلَّى بَعْدَ الزَّوَالِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّايِغُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ ((صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الجمعة بعد ما زَالَتِ الشَّمْسُ)) قَالَ سُنَيْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَبُعٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ ((صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْجُمُعَةَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ)) وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ كُلِّهِمْ لَا تَجُوزُ الْجُمُعَةُ عِنْدَهُمْ وَلَا الْخُطْبَةُ لَهَا إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ إِلَّا أَنَّهُمُ اختلفوا في سعة وقتها وآخره فروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ لَا تَجِبُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ وَتُصَلَّى إلى غروب الشمس قال بن الْقَاسِمِ إِنْ صَلَّى مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً ثُمَّ غَرَبَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الرَّكْعَةَ الْأُخْرَى بَعْدَ الْمَغِيبِ وَكَانَتْ جُمُعَةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَقْتُ الْجُمُعَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ فَإِنْ فَاتَ وَقْتُ الظُّهْرِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ لَمْ تُصَلَّ الْجُمُعَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْجُمُعَةِ سَجْدَةً أَوْ قَعْدَةً فَسَدَتِ الْجُمُعَةُ وَيَسْتَقْبِلُ الظُّهْرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَتَمَّهَا ظُهْرًا يَعْنِي إِذَا زَادَ الظِّلُّ عَنِ الْمِثْلِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَصْلِهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونِ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ نَرْجِعُ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَنَقِيلُ قَائِلَةَ الضَّحَاءِ - فَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ صَلَّى بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ الْجُمُعَةَ لَا يَرَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ضُحًى فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَا تَأَوَّلَهُ أَصْحَابُنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْجُرُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُصَلُّونَ فِي الْجَامِعِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ عُمَرُ بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 الْخَطَّابِ فَإِذَا صَلَّوُا الْجُمُعَةَ انْصَرَفُوا فَاسْتَدْرَكُوا رَاحَةَ الْقَائِلَةِ وَالنَّوْمَ فِيهَا عَلَى مَا جَرَتْ عَادَتُهُمْ لِيَسْتَعِينُوا بِذَلِكَ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ حَسَنٌ غَيْرُ مَدْفُوعٍ |