وَفِي قَوْلِ عَلِيٍّ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ وَقَوْلِ بِلَالٍ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ مَعَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ ((إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْكُمْ أَرْوَاحَكُمْ (...) |
وَفِي قَوْلِ عَلِيٍّ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ وَقَوْلِ بِلَالٍ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ مَعَ قَوْلِهِ
عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ ((إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْكُمْ أَرْوَاحَكُمْ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا) الزَّمْرِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الرُّوحَ وَالنَّفْسَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَقَدْ أَثْبَتْنَا بِمَا بَيَّنَّا فِي النَّفْسِ وَالرُّوحِ عَنِ السَّلَفِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ بِمَا فِيهِ شِفَاءٌ فِي مُرْسَلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنَ ((التَّمْهِيدِ)) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ ((فَبَعَثُوا رَوَاحِلَهُمْ وَاقْتَادُوا شَيْئًا)) - فَإِنَّهُ أَرَادَ أَثَارُوا جِمَالَهُمْ وَاقْتَادُوا سَيْرًا قَلِيلًا وَالْإِبِلُ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا الْأَوْقَارُ فَهِيَ الرَّوَاحِلُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى اقْتِيَادِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي فَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَقْتَ قَدْ كَانَ خَرَجَ فَلَمْ يَخَفْ فَوْتًا آخَرَ وَتَشَاءَمَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي نَابَهُمْ فِيهِ فَقَالَ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ)) كَمَا قَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) الْكَهْفِ 63 وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزهري في هذا الحديث عن بن الْمُسَيَّبِ قَالَ ((فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ وَارْتَحَلُوا عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَتْهُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ)) وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ ((أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ تَزَحْزَحُوا عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَتْكُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ فَصَلَّى ثُمَّ قَالَ (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) وَذَلِكَ كُلُّهُ نَحْوٌ مِمَّا أَشَرْنَا إِلَيْهِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الطِّيَرَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْكَرَاهَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَزَعَمُوا أَنَّ تَأْخِيرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْوَادِي إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُ انْتَبَهَ فِي حِينِ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَالُوا وَمِنْ سُنَّتِهِ أَلَّا يُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا وَمِنْ حُجَّتِهِمْ مَا أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالُوا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ علقمة قال سمعت بن مَسْعُودٍ يَقُولُ ((إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ يَكْلَأُنَا اللَّيْلَةَ فَقَالَ بِلَالٌ أَنَا فَنَامُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ افْعَلُوا كَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ فَفَعَلْنَا قَالَ ((كَذَلِكَ فَافْعَلُوا ثَمَّ نَامَ أَوْ نَسِيَ)) وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((إِذَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وَبِالْآثَارِ الَّتِي رَوَاهَا الصُّنَابِحِيُّ وَغَيْرُهُ فِي النَّهْيِ عن الصلاة في حين طلوع الشمس وحين غُرُوبِهَا وَحَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى الْفَرَائِضِ وَعَلَى النَّوَافِلِ وَقَالُوا لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى لَا يُؤَدَّى فِيهِمَا صِيَامُ رَمَضَانَ وَلَا نَفْلٌ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صِيَامِهِمَا - فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْأَوْقَاتُ لَا تُصَلَّى فِيهَا فَرِيضَةٌ وَلَا نَافِلَةٌ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ)) وَرَوَى أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ ((إِذَا أَدْرَكْتَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى)) وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَهَذِهِ إِبَاحَةٌ مِنْهُ لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ فِي حِينِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَحِينِ غُرُوبِهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ الْمَذْكُورَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي حِينِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَحِينِ غُرُوبِهَا لَمْ يَكُنْ عَنِ الْفَرَائِضِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ التَّطَوُّعَ وَالنَّافِلَةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ ((فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ)) فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْأَذَانِ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْإِقَامَةِ فَقَطْ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ فِي الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ أَنَّهَا تُقَامُ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَأَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لِصَلَاةِ فَرِيضَةٍ إِلَّا فِي وَقْتِهَا وَيَحْتِمَلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرُهُ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ بِمَا تُقَامُ بِهِ مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ حِينَ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي سَفَرِهِ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ فَأَقَامَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِلصَّلَوَاتِ الْفَوَائِتِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ أَوْ صَلَوَاتٌ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا أَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِقَامَةً إِقَامَةً وَلَمْ يُؤَذِّنْ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْفَوَائِتِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ صَلَّاهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ فَإِنْ صَلَّاهُنَّ بِإِقَامَةِ إِقَامَةٍ كَمَا فَعَلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَحَسَنٌ وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَحَسَنٌ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوَدُ يُؤْذِّنُ وَيُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَاتَتْهُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ نَامَ فِي سَفَرِهِ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مَا ذَكَرَ الصَّحَابَةُ وَالرُّوَاةُ فِي أَحَادِيثِ نَوْمِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي سَفَرِهِ مِنَ الْأَذَانِ مَعَ الْإِقَامَةِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَذْكُرْ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا مِنِ احْتِمَالِ لَفْظِ الْإِقَامَةِ فِي التَّأْوِيلِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَحَادِيثَ بِذَلِكَ فِي ((التَّمْهِيدِ)) مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهَا مَا أَنْبَأَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ ((سَرَيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَرَّسَ بِنَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ فَاسْتَيْقَظْنَا وَقَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَالَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَثُورُ إِلَى طُهُورِهِ دَهِشًا فَازِعًا فَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((ارْتَحِلُوا قَالَ فَارْتَحَلْنَا حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ نَزَلْنَا فَقَضَيْنَا مِنْ حَوَائِجِنَا ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ فَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَنَقْضِيهَا لِمِيقَاتِهَا مِنَ الْغَدِ فَقَالَ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الرِّبَا وَيَأْخُذُهُ مِنْكُمْ)) وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْفَائِتَةَ يُقَامُ لَهَا وَلَا يُؤْذَّنُ - حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَحَدِيثُ بن مَسْعُودٍ عَنْ يَوْمِ الْخَنْدَقِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُبِسَ يَوْمَئِذٍ عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِلَى هَوِيٍّ مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ أَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حدثنا عمار بن عبد الجبار الخرساني قال حدثنا بن أَبِي ذِئْبٍ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا الطحاوي حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا بن أبي بديل عن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى كَانَ هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى كُفِينَا وَذَلِكَ قَوْلُهُ (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) الْأَحْزَابِ 25 فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا ثُمَّ أَقَامَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) الْبَقَرَةِ 239 مَعْنَى حَدِيثِهِمَا سَوَاءٌ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ عن مطعم عن أبي عبيدة عن بن مَسْعُودٍ قَالَ ((كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحُبِسْنَا عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَالَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ قَالَ مَا عَلَى الْأَرْضِ عِصَابَةٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ غَيْرُكُمْ)) قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي الصَّلَاةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ حُجَّةٌ فِي أَنَّ الْفَوَائِتَ يُقَامُ لَهَا وَلَا يُؤَذَّنُ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهَا يُؤْذَّنُ لَهَا وَيُقَامُ بِمَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ ((ثُمَّ أَقَامَ لِلْعِشَاءِ فَصَلَّاهَا)) وَالْعِشَاءُ مَفْعُولَةٌ فِي وَقْتِهَا لَيْسَتْ بِفَائِتَةٍ وَلَا بُدَّ لَهَا مِنَ الْأَذَانِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ ((ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ)) إِنَّمَا أَرَادَ إِقَامَتَهَا بِمَا تُقَامُ بِهِ عَلَى سُنَّتِهَا مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ قَالَ فَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا ذُكِرَ مَعَهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْعِشَاءُ صُلِّيَتْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ ((هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ)) وَذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا فَكَانَ حُكْمُهَا فِي ذَلِكَ حُكْمَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ عَلَى مَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ وَإِذَا احْتُمِلَ ذَلِكَ فَهِيَ فَائِتَةٌ حُكْمُهَا حُكْمُ غَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ مِنَ الصَّلَاةِ مَعَهَا وَصَحَّ بِظَاهِرِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْفَوَائِتَ يُقَامُ لَهَا وَلَا يُؤَذَّنُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا صَلَاةُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ لِمَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَلَمْ يَنْتَبِهْ لَهَا إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ يَبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَا ذُكِرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ يَوْمَئِذٍ وَذَكَرَ أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ فِي سَمَاعِهِ مِنْ مَالِكٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِنَّهُ لَا يَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَلَا يَبْدَأُ بِشَيْءٍ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حِينَ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 قال بن وَهْبٍ سُئِلَ مَالِكٌ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ مَا عَلِمْتُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا صَارَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا رَوَى وَعَلَى مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ إِلَّا أَشْهَبَ وَعَلِيَّ بْنَ زِيَادٍ فَإِنَّهُمَا قَالَا يَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ قَالَا قَدْ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ صَلَّاهُمَا يَوْمَئِذٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ يَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِنْ شَاءَ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدَعَهُمَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوَدُ لِمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ مُرْسَلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنَ التَّمْهِيدِ وَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ أَنْ يُرْكَعَهُمَا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَنْ أَتَى مَسْجِدًا قَدْ صُلِّيَ فِيهِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَوَّعَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ إِذَا كَانَ فِي سَعَةٍ مِنَ الْوَقْتِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنِ انْتَبَهَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَا يَخَافُ مِنْ فَوْتِ الْوَقْتِ أَكْثَرَ مِمَّا هُوَ فِيهِ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاوَدُ يَتَطَوَّعُ إِذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ ابْدَأْ بِالْمَكْتُوبَةِ ثُمَّ تَطَوَّعْ بِمَا شِئْتَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ كُلُّ وَاجِبٍ مِنْ صَلَاةِ فَرِيضَةٍ أَوْ صَلَاةِ نَذْرٍ أَوْ صيام - يبدأ به قبل النفل رواه بن وهب عنه وقد روى عنه بن وهب خلاف ذلك قال بن وَهْبٍ سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ فِي الَّذِي يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَلَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ أَنَّهُ يُصَلِّي مَعَهُمْ بِصَلَاتِهِمْ فَإِذَا فَرَغَ صَلَّى الْعِشَاءَ قَالَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ فِي الْقِيَامِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ مَكَانًا طَاهِرًا فَلْيُصَلِّ الْعِشَاءَ ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِي الْقِيَامِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ ((مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا)) مِنْ وُجُوهٍ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي التَّمْهِيدِ وَفِي بَعْضِهَا ((فَذَلِكَ وَقْتُهَا)) وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي صَلَاةٍ فَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا حَتَّى يُصَلِّيَ الَّتِي ذَكَرَ قَبْلَهَا مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ - بِقَوْلِهِ هَذَا ((فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا)) قَالُوا فَهُوَ مَأْمُورٌ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي حِينِ الذِّكْرِ فَصَارَ ذَلِكَ وَقْتًا لَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 فَإِذَا ذَكَرَهَا وَهُوَ فِي صَلَاةٍ فَكَأَنَّهَا مَعَ صَلَاةِ الْوَقْتِ صَلَاتَانِ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ اجْتَمَعَتَا عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْأُولَى مِنْهُمَا فَلِذَلِكَ فَسَدَتْ عَلَيْهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا كَمَا لَوْ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفَسَادُهَا مِنْ جِهَةِ التَّرْتِيبِ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ يَقُولُ بِقَوْلِهِمْ لَا تَجِبُ إِلَّا مَعَ الذِّكْرِ وَحُصُولِ الْوَقْتِ بِالتَّرْتِيبِ وَقِلَّةِ الْعَدَدِ وَذَلِكَ صَلَاةُ يَوْمٍ فَمَا دُونَ فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ سقط الترتيب وَكَذَلِكَ سَقَطَ التَّرْتِيبُ مَعَ كَثْرَةِ الْعَدَدِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَمَا لَا يُطَاقُ عَلَيْهِ وَيَفْحُشُ الْقِيَاسُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ صَلَاةَ عَامٍ فَرَّطَ فِيهَا أَوْ ذَكَرَ صَلَاةً بَيْنَ وَقْتِهَا وَبَيْنَ صَلَاةِ وَقْتِهِ عَامٌ قَبُحَ بِالْمُفْتِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِصَلَاةِ عَامٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ وَقْتِهِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بِحَدِيثِ أَبِي جُمُعَةَ وَاسْمُهُ حَبِيبُ بْنُ سِبَاعٍ وَلَهُ صُحْبَةٌ قَالَ ((صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنِّي صَلَّيْتُ الْعَصْرَ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ)) وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا عَنِ بن لَهِيعَةَ عَنْ مَجْهُولِينَ لَا تَقُومُ بِهِمْ حُجَّةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَدَاوَدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ لَا يَلْزَمُ التَّرْتِيبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا فِيمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي صَلَاةٍ غَيْرِهَا وَحْدَهُ أَوْ وَرَاءَ إِمَامٍ يَتَمَادَى فِي صِلَاتِهِ فَإِذَا أَتَمَّهَا صَلَّى الَّتِي ذَكَرَ وَلَمْ يُعِدِ الْأُخْرَى بَعْدَهَا وَلَيْسَ التَّرْتِيبُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ بِوَاجِبٍ فِيمَا قَلَّ وَلَا فِيمَا كَثُرَ إِلَّا فِي صَلَاةِ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ التَّرْتِيبَ إِنَّمَا يَجِبُ فِي الْيَوْمِ وَأَوْقَاتِهِ كَمَا يَجِبُ تَرْتِيبُ أَيَّامِ رَمَضَانَ فِي رَمَضَانَ لَا فِي غَيْرِهِ فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ سَقَطَ التَّرْتِيبُ أَلَا تَرَى أَنَّ رَمَضَانَ تَجِبُ الرُّتْبَةُ فِيهِ وَالنَّسَقُ لِوَقْتِهِ فَإِذَا انْقَضَى سَقَطَتِ الرُّتْبَةُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَى الَّذِي لَمْ يَصُمْهُ فِي وَقْتِهِ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ إِلَّا عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَكَذَلِكَ مَنْ عَلَيْهِ أَيَّامٌ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمْ يَصُمْهَا حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانٌ آخَرُ أَنَّهُ يَصُومُهُ ثُمَّ يَصُومُ الْأَيَّامَ مِنَ الْأَوَّلِ بَعْدَهُ وَلَا يُعِيدُهُ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْإِطْعَامِ مَعَ قَضَاءِ الْأَيَّامِ لِمَنْ فَرَّطَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الصيام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 فَأَمَّا دَاوُدُ وَمَنْ نَفَى الْقِيَاسَ فَإِنَّهُمُ احْتَجُّوا فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلصُّبْحِ قَالُوا فَقَدْ صَلَّى صَلَاةَ سُنَّةٍ وَهُوَ ذَاكِرٌ فِيهَا لِصَلَاةِ فَرِيضَةٍ فَلَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ فَأَحْرَى أَلَّا تَفْسُدَ عَلَيْهِ صَلَاةُ فَرِيضَةٍ إِذَا ذَكَرَ فِيهَا أُخْرَى قَبْلَهَا وَهَذَا عِنْدِي احْتِجَاجٌ فَاسِدٌ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنْ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ صَلَاةً قَبْلَهَا وَإِنَّمَا كَانَ ذَاكِرًا فِيهَا صَلَاةً بَعْدَهَا وَهَذَا لَا خَفَاءَ فِيهِ لِمَنْ أَنْصَفَ نَفْسَهُ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى التَّرْتِيبَ إِلَّا إِيجَابَ الصَّلَاةِ عَلَى كُلِّ مَنْ نَامَ عَنْهَا أَوْ تَرَكَهَا أَوْ نَسِيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَأَنَّهُ لَازِمٌ لِكُلِّ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً لَمْ يُصَلِّهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَأَنَّ النائم عنها والناس لَهَا إِذَا ذَكَرَهَا فِي حُكْمِ مَنْ ذَكَرَهَا فِي وَقْتِهَا وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ إِيجَابُ تَرْتِيبٍ وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً كَصَلَاةِ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مَا زَادَ عَلَى صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ تَرْتِيبُ ذَلِكَ مَعَ صَلَاةِ وَقْتِهِ فَكَذَلِكَ الْقَلِيلُ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي الْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَسَيَأْتِي مِنْ هَذَا الْمَعْنَى زِيَادَةُ مَسَائِلَ عَنِ الْعُلَمَاءِ يَزِيدُ النَّاظِرُ فِيهَا بَيَانًا وَعِلْمًا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا مَعْنَاهُ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ إِذَا ذَكَرَهَا هَذَا قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَقَدْ قُرِئَتْ (لِلذِّكْرَى) عَلَى هَذَا المعنى وكان بن شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) أَنْ يَذْكُرَ فِيهَا قَالَ فَإِذَا صَلَّى عَبْدٌ ذَكَرَ رَبَّهُ |