مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ آلِ بَنِي الْأَزْرَقِ عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ آلِ بَنِي الْأَزْرَقِ عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ
مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ))
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التِّرْمِذِيُّ سَأَلْتُ الْبُخَارِيَّ عَنْهُ
فَقَالَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ
فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ هُشَيْمًا يَقُولُ فِيهِ الْمُغِيرَةُ بْن أَبِي بَرْزَةَ
فَقَالَ وهم فيه إنما هو المغيرة بن بُرْدَةَ
وَهُشَيْمٌ إِنَّمَا وَهِمَ فِي الْإِسْنَادِ وَهُوَ فِي الْمُقَطَّعَاتِ أَحْفَظُ
وَقَالَ غَيْرُ الْبُخَارِيِّ سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ
وَحْدَهُ
قَالَ وَلَمْ يَرْوِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ غَيْرُ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ رَوَاهُ عنه سفيان بن عيينة
وغيره
ذكر بن أبي عمرو الحميدي والمخزومي عن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ
رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ يُقَالُ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ ((أَنَّ نَاسًا
مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا نَرْكَبُ
الْبَحْرَ)) وَسَاقَ الْحَدِيثَ بمعنى حديث مالك
قد ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ وَهُوَ مُرْسَلٌ لَا يَصِحُّ فيه الاتصال
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158
وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَحْفَظُ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَأَثْبَتُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ
وَلَيْسَ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ لِأَنَّ فِيهِ رَجُلَيْنِ
غَيْرَ مَعْرُوفَيْنِ بِحَمْلِ الْعِلْمِ فِي رِوَايَةِ صَفْوَانِ بْنِ سُلَيْمٍ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
نَحْوُ ذَلِكَ فِي الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ حَدِيثِ الْفِرَاسِيِّ رَجُلٌ
مِنْ بَنِي فِرَاسٍ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ بِإِسْنَادٍ لَيْسَ بِالْقَائِمِ أَيْضًا فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ
وَالْفِرَاسِيُّ مَذْكُورٌ فِي الصَّحَابَةِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ كَانَ مَعَ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ فِي مَغَازِيهِ بِالْمَغْرِبِ
وَكَانَ مُوسَى يُؤَمِّرُهُ عَلَى الْجُيُوشِ هُنَالِكَ وَفَتَحَ فِي الْمَغْرِبِ فُتُوحَاتٍ
وَهَذَا إِسْنَادٌ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ أَصْحَابُ الصِّحَاحِ فَإِنَّ فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ وَجَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ
الْحَدِيثِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَاءَ الْبَحْرِ طَهُورٌ بَلْ هُوَ أَصْلٌ عِنْدَهُمْ فِي طَهَارَةِ الْمِيَاهِ
الْغَالِبَةِ عَلَى النَّجَاسَاتِ الْمُسْتَهْلِكَةِ لَهَا وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحُ الْمَعْنَى يُتَلَقَّى
بِالْقَبُولِ وَالْعَمَلِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنَ الْإِسْنَادِ الْمُنْفَرِدِ
وَاخْتَلَفَ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مِنْ آلِ بَنِي الْأَزْرَقِ كَمَا قَالَ يَحْيَى وَبَعْضُهُمْ
يَقُولُ مِنْ آلِ الْأَزْرَقِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَعْنَبِيُّ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ من آل بن الأزرق وكذلك
قال بن القاسم وبن بُكَيْرٍ وَهَذَا كُلُّهُ غَيْرُ مُتَضَادٍّ
وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَرَاهِيَةُ الْوُضُوءِ
بِمَاءِ الْبَحْرِ
وَلَيْسَ فِي أَحَدٍ حُجَّةٌ مَعَ خِلَافِ السُّنَّةِ
وَقَدْ رَوَى قَتَادَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ سلمة الهذلي قال سألت بن عَبَّاسٍ عَنِ الْوُضُوءِ بِمَاءِ
الْبَحْرِ فَقَالَ هُمَا الْبَحْرَانِ يُرِيدُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى (هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ)
الْفُرْقَانِ 53 لَا تُبَالِ بِأَيِّهِمَا تَوَضَّأْتَ
وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَتْبَاعِهِمُ الْفَتْوَى وَكَذَلِكَ
عِنْدَهُمْ كُلُّ مَاءٍ مُسْتَبْحِرٍ كَثِيرٍ غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ بِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنَ الْأَنْجَاسِ
وَهَذَا مَوْضِعُ الْقَوْلِ فِي الْمَاءِ وَاخْتِلَافِ مَا فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ
فَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَالنَّجَاسَةُ تُفْسِدُ عِنْدَهُمْ قَلِيلَ الْمَاءِ وَكَثِيرَهُ إِذَا حَلَّتْ فِيهِ إِلَّا الْمَاءَ
الْمُسْتَبْحِرَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ آدَمِيٌّ عَلَى تَحْرِيكِ جَمِيعِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبَحْرِ الَّذِي قَالَ فِيهِ
رَسُولُ اللَّهِ ((هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159
وَأَمَّا مَالِكٌ فَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَرَوَى الْمِصْرِيُّونَ عَنْهُ خِلَافَ رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
فَأَمَّا رواية أصحابه المصريين عنه فإن بن الْقَاسِمِ رَوَى عَنْ مَالِكٍ فِي الْجُنُبِ يَغْتَسِلُ
فِي حَوْضٍ مِنَ الْحِيَاضِ الَّتِي تُسْقَى فِيهَا الدَّوَابُّ وَلَمْ يَكُنْ غُسِلَ مَا بِهِ مِنَ الْأَذَى أَنْ
قَدْ أَفْسَدَ الْمَاءَ وَكَذَلِكَ جَوَابُهُ فِي إِنَاءِ الْوُضُوءِ يَقَعُ فِيهِ مِثْلُ الْإِبَرِ مِنَ الْبَوْلِ إِنَّهُ
يُفْسِدُهُ
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْجُنُبِ يَغْتَسِلُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الْكَثِيرِ مِثْلَ الْحِيَاضِ الَّتِي تَكُونُ
بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ولم يكن غسل ما به من الأذى إِنَّ ذَلِكَ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ
وَهَذَا مَذْهَبُ بن القاسم وأشهب وبن عَبْدِ الْحَكَمِ كُلُّهُمْ يَقُولُ إِنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ يُفْسِدُهُ
قَلِيلُ النَّجَاسَةِ وَإِنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ لَا يُفْسِدُهُ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنَ النَّجَاسَةِ أَوْ غَيْرِهَا
فَغَيَّرَهُ عَنْ حَالِهِ فِي لَوْنِهِ وَطَعْمِهِ وَرِيحِهِ
وَلَمْ يَحُدُّوا حَدًّا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ
وَنَحْوَ هَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا أَنَّهُ حَدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا لِحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ فَقَالَ مَا كَانَ دُونَ
الْقُلَّتَيْنِ فَحَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَفْسَدَتْهُ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ وَإِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُفْسِدْهُ مَا
يَحِلُّ فِيهِ مِنَ النَّجَاسَةِ إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ فَتُغَيِّرَ مِنْهُ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا
وَحُجَّتُهُ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
أَنَّهُ قَالَ ((إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ تَلْحَقْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا))
وَبَعْضُ رُوَاتِهِ يَقُولُونَ ((إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا))
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْعِلَّةَ فِيهِ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ تَلْحَقُهُ النَّجَاسَةُ إِذَا حَلَّتْ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ شَيْءٌ
مِنْهَا بِحَدِيثِ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي الْإِنَاءِ وَبِحَدِيثِ ((إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ)) وَبِنَحْوِ ذَلِكَ
مِنَ الْأَحَادِيثِ
وَالْقُلَّتَانِ عِنْدَهُ وعند أصحابه نحو خمس مئة رَطْلٍ عَلَى مَا قَدَّرَهُمَا بَعْضُ رُوَاةِ هَذَا
الحديث
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160
واعتمد فيه على قول بن جُرَيْجٍ وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ قَالَ فِيهِ
قُلَّتَانِ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ
وَقَدْ تَكَلَّمَ إِسْمَاعِيلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرَدَّهُ بِكَثِيرٍ مِنَ الْقَوْلِ فِي كِتَابِ ((أَحْكَامِ الْقُرْآنِ))
وَقَدْ رَدَّ الشَّافِعِيُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ بِضُرُوبٍ مِنَ الرَّدِّ وَمِمَّنْ نَقَضَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو
يَحْيَى فِي كِتَابِ ((أَحْكَامِ الْقُرْآنِ))
وَمَذْهَبُ إِسْمَاعِيلَ فِي الْمَاءِ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ
خِلَافُ مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي الْمَاءِ
وَلَوْ ذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ فِي ذَلِكَ مَذْهَبَ الْمِصْرِيِّينَ الْمَالِكِيِّينَ مَا احْتَاجَ إِلَى رَدِّ حَدِيثِ
الْقُلَّتَيْنِ وَلَا إِلَى الْإِكْثَارِ فِي ذَلِكَ
وَرَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَنْ مَالِكٍ - ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو مُصْعَبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ وَغَيْرُهُمَا -
أَنَّ الْمَاءَ لَا تُفْسِدُهُ النَّجَاسَةُ الَّتِي تَحِلُّ فِيهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا فِي بِئْرٍ أَوْ مُسْتَنْقَعٍ أَوْ
إِنَاءٍ إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ وَتُغَيِّرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى أَصْلِهِ
وَهُوَ قَوْلُ بن وَهْبٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمِصْرِيِّينَ وَإِلَى هَذَا مَالَ إِسْمَاعِيلُ وَأَبُو الْفَرَجِ
وَالْأَبْهَرِيُّ وَسَائِرُ الْمَالِكِيِّينَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَبِهِ قَالُوا وَلَهُ احْتَجُّوا وَإِلَيْهِ ذَهَبُوا وذكر بن
وهب عن بن لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمَاءِ الرَّاكِدِ الَّذِي لَا يَجْرِي تَمُوتُ فِيهِ الدَّابَّةُ أَيُشْرَبُ مِنْهُ أَوْ تُغْسَلُ مِنْهُ
الثِّيَابُ فَقَالَا انْظُرْ بِعَيْنِكَ فَإِنْ رَأَيْتَهُ لَا يُغَيِّرُهُ مَا وَقَعَ فِيهِ فَنَرْجُوا أَلَّا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ
قَالَ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ بن شِهَابٍ كُلُّ مَاءٍ فِيهِ فَضْلٌ عَمَّا يُصِيبُهُ مِنَ الْأَذَى حَتَّى لَا
يُغَيِّرَ ذَلِكَ لَوْنَهُ وَلَا طَعْمَهُ وَلَا رِيحَهُ فَهُوَ طَاهِرٌ يُتَوَضَّأُ بِهِ
قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ إِذَا وَقَعَتِ الْمَيْتَةُ فِي الْبِئْرِ فَلَمْ
تُغَيِّرْ طَعْمَهَا وَلَا رِيحَهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُتَوَضَّأَ مِنْهَا وَإِنْ رُئِيَ فِيهَا الْمَيْتَةُ
قَالَ وَإِنْ تَغَيَّرَتْ نُزِعَ مِنْهَا قَدْرُ مَا يُذْهِبُ الرَّائِحَةَ عَنْهَا
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بن وهب وروى هذا عن بن عباس وبن مسعود وبن الْمُسَيَّبِ -
عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُمْ - وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْحَسَنِ
بْنِ صَالِحٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمَنِ اتَّبَعَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ
وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا فِي النَّظَرِ وَثَابِتِ الْأَثَرِ
وَقَدْ ذكرنا الآثار بذلك في التمهيد
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ فِي صَبِّ رَسُولِ الله الذَّنُوبِ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ إِذْ بَالَ فِي
المسجد
ومنها حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ ((الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ
شَيْءٌ))
وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بِئْرِ
بُضَاعَةَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ يُطْرَحُ فِيهَا لُحُومُ الْكِلَابِ وَالْعَذِرَةُ وَأَوْسَاخُ النَّاسِ فَقَالَ ((الْمَاءُ لَا
يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ فَغَيَّرَهُ))
وَهَذَا إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ إِذَا تَغَيَّرَ بِمَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ نَجَسٍ أَوْ طَاهِرٍ أَنَّهُ غَيْرُ
مُطَهِّرٍ
وَقَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ ((سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بِئْرِ
بُضَاعَةَ بِيَدِي))
وَقَدْ ذَكَرْنَا آثَارَ هَذَا الْبَابِ الْمُسْنَدَةِ وَغَيْرَهَا مِنْ أَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينِ فِي بَابِ
إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنَ التَّمْهِيدِ
وَذَكَرْنَا هُنَاكَ الْحُجَّةَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَبِي سُكَيْنَةَ الْحَلَبِيُّ بِحَلَبَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ
إِنَّكَ تَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَفِيهَا مَا يُنْجِي النَّاسُ وَالْمَحَايِضُ وَالْجُنُبِ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ))
وَهَذَا اللَّفْظُ غَرِيبٌ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ وَمَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمْ يَأْتِ بِهِ
فِي حَدِيثِ سهل غير بن أَبِي حَازِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162
وَقَالَ قَاسِمٌ هَذَا مِنْ أَحْسَنِ شَيْءٍ رُوِيَ فِي بِئْر بُضَاعَةَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((الحل ميتته)) فإن العلماء اختلفوا مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى مَا جَرَى
بِهِ الْقَوْلُ عَنْهُمْ وَثَبَتَ مُفَسَّرًا عَنْهُمْ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِذْ ذَلِكَ
أَوْلَى بِهِ