مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن حمران مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ
عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَلَسَ عَلَى الْمَقَاعِدِ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ فَآذَنَهُ بصلاة

الْعَصْرِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَوْلَا أَنَّهُ فِي كِتَابِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن حمران مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ
عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَلَسَ عَلَى الْمَقَاعِدِ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ فَآذَنَهُ بصلاة
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195
الْعَصْرِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَوْلَا أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا
حَدَّثْتُكُمُوهُ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ((ما من امْرِئٍ
يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى
(1) حَتَّى يُصَلِّيَهَا))
قَالَ مَالِكٌ أَرَاهُ يُرِيدُ هَذِهِ الْآيَةَ (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا من اليل إِنَّ
الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) هُودٍ 14
حُمْرَانُ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ هُوَ حُمْرَانُ بْنُ أَبَانَ بْنِ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ عَمِّ
صُهَيْبٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا نَسَبَهُ عِنْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ ((التَّمْهِيدِ)) وَكَانَ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ
وَهُوَ أَوَّلُ سَبْيٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَسَبَاهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَ حُمْرَانَ مُسْتَوْعَبًا فِي التَّمْهِيدِ
وَكَانَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ الْجِلَّةِ رَوَى عَنْهُ كِبَارُ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمْ فِي
التَّمْهِيدِ
وَهَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاتِهِ لَيْسَ فِيهِ صِفَةُ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا وَلَا
اثْنَتَيْنِ
وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِإِسْنَادِهِ هَذَا فَذَكَرُوا فِيهِ صِفَةَ الْوُضُوءِ
وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْثَارِ وَغَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ثَلَاثًا وَاخْتَلَفُوا فِي أَلْفَاظِهِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ
فمنهم شعبة وأبو أسامة وبن عُيَيْنَةَ وَرَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ أَيْضًا جَمَاعَةٌ ذَكَرُوا فِيهِ أَنَّ
النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَوَضَّأَ ثَلَاثًا مِنْهُمْ أَبُو الزِّنَادِ وَأَبُو الْأَسْوَدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي
بَكْرَةَ
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثْنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُمْرَانَ قَالَ
تَوَضَّأَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يتوضأ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ((مَا مِنْ رَجُلٍ يَتَوَضَّأُ
فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يُصَلِّي إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى حَتَّى يُصَلِّيَهَا))
الْمَقَاعِدُ مَصَاطِبُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ كَانَ يَقْعُدُ عَلَيْهَا عُثْمَانُ وَقِيلَ بَلْ كَانَتْ حِجَارَةً بِقُرْبِ
دَارِ عُثْمَانَ يَقْعُدُ بِهَا مَعَ النَّاسِ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196
وَإِنَّمَا كَانَ الْخُلَفَاءُ يَحْتَاجُونَ إِلَى الْإِذْنِ بِالصَّلَاةِ مَعَ الْأَذَانِ لِمَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الشُّغْلِ
بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ تَقْدِيمُ كِتَابِ اللَّهِ وَمَعَانِيهِ فِي طَلَبِ الْحُجَّةِ وَرِوَايَةِ مَنْ
رَوَى لَوْلَا أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ - هُوَ يَحْيَى - مَعْنَاهُ لَوْلَا أَنَّ تَصْدِيقَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَتَأَوَّلَ مَالِكٌ ذَلِكَ عَلَى الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَ قَوْلَهُ تَعَالَى (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا
مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى) الْآيَةَ وَقَالَ بِكِلَا الْوَجْهَيْنِ جَمَاعَةُ العلماء
ورواية بن بُكَيْرٍ وَطَائِفَةٍ لَوْلَا أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَرِوَايَتُهُ أَيْضًا مُحْتَمِلَةٌ لِلْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ الصَّلَاةَ تُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وَهُوَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ
السَّيِّئَاتِ) عَلَى مَا نَزَعَ بِهِ مَالِكٌ
وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي كَالْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا
بَيْنَهُمَا مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ)) لِأَنَّ الْكَبَائِرَ لَا يَمْحُوهَا إِلَّا التَّوْبَةُ مِنْهَا وَقَدِ افْتَرَضَهَا تَعَالَى
عَلَى كُلِّ مُذْنِبٍ بقول (وتوبوا إلى الله جميعا أيه الْمُؤْمِنُونَ) النُّورِ 31
وَالْفَرَائِضُ أَيْضًا لَا تُؤَدَّى إِلَّا بِقَصْدٍ وَإِرَادَةٍ وَنِيَّةٍ صَادِقَةٍ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي التَّمْهِيدِ وَذَكَرْنَا هناك حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ
السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ ((لَمْ أَرَ شَيْئًا أَحْسَنَ طَلَبًا وَلَا أَحْسَنَ إِدْرَاكًا مِنْ حَسَنَةٍ حَدِيثَةٍ لِذَنْبٍ
قَدِيمٍ)) ثُمَّ قَرَأَ (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)