مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدِمَ الْكُوفَةَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ أَمِيرُهَا فَرَآهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ سَلْ أَبَاكَ (...) |
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدِمَ
الْكُوفَةَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ أَمِيرُهَا فَرَآهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 الْخُفَّيْنِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ سَلْ أَبَاكَ إِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِ فَقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ فَنَسِيَ أَنْ يَسْأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ سَعْدٌ فَقَالَ أَسَأَلْتَ أَبَاكَ فَقَالَ لَا فَسَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَإِنْ جَاءَ أَحَدُنَا مِنَ الْغَائِطِ فَقَالَ عُمَرُ نَعَمْ وَإِنْ جَاءَ أَحَدُكُمْ مِنَ الْغَائِطِ وَذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كُلُّهُمْ عن بن عمر بهذا المعنى وإنكار بن عُمَرَ عَلَى سَعْدٍ إِنَّمَا كَانَ الْمَسْحَ فِي الْحَضَرِ لِأَنَّهُ جَهِلَ مَسْحَ الْخُفَّيْنِ فِي الْحَضَرِ وَهُوَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَفِي رِوَايَةِ بن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ ((وَهُوَ مُقِيمٌ بِالْكُوفَةِ)) وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ مَالِكٍ وَهَذَا يَقْتَضِي الْمَسْحَ لِلْمُقِيمِ فَمَنْ أَرَادَ رِوَايَةَ هَذَا الْخَبَرِ بِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهِ وَاتِّفَاقِ مَعَانِيهِ نَظَرَهُ فِي التَّمْهِيدِ وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ وَشَرْطُهُ فِيهِ ((إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ)) فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَوَاهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وذكره بن أَبِي زَائِدَةَ وَمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الشَّعْبِيُّ شَهِدَ لِي عُرْوَةُ عَلَى أَبِيهِ كَذَلِكَ وَشَهِدَ أَبُوهُ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي ((التَّمْهِيدِ)) بِالطُّرُقِ وَالْأَسَانِيدِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِلَّا مَنْ لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْمَعْنَى فِيمَنْ قَدَّمَ فِي وُضُوئِهِ غَسْلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَتَمَّ وُضُوءَهُ هَلْ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا أَمْ لَا) وَهَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ تَقْدِيمَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يُوجِبِ النَّسَقَ وَلَا التَّرْتِيبَ فِيهَا وَهِيَ مَسْأَلَةٌ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَأَمَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَكْمَلَ وُضُوءَهُ أَجْزَأَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَبِسَ خُفَّيْهِ بَعْدَ أَنْ أَكْمَلَ الْوُضُوءَ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ مُحْتَجًّا لِلْكُوفِيِّينَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ رِجْلَيْهِ طَاهِرَتَانِ إِذَا غَسَلَهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 وَلَمْ يُكْمِلِ الطَّهَارَةَ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا يُقَالُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْهُمْ إِنَّمَا يُرَاعَى الْحَدَثُ وَالْحَدَثُ لَا يَرِدُ إِلَّا عَلَى طِهَارَةٍ كَامِلَةٍ فَهُوَ كَمَنْ يُقَدِّمُ رِجْلَيْهِ وَحُجَّةُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَنْ لَبِسَ خُفَّيْهِ قَبْلَ كَمَالِ طَهَارَتِهِ فَكَأَنَّهُ مَسَحَهُمَا قَبْلَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الْخُفَّيْنِ وَأَنْتَ طَاهِرٌ فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا وَلَا يَكُونُ طَاهِرًا إِلَّا بِكَمَالِ الطَّهَارَةِ وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ مَسَحَ عَلَيْهِمَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لُبْسُهُ خُفَّيْهِ بَعْدَ تَقَدُّمِ طَهَارَتِهِ عَلَى الْكَمَالِ وَأَمَّا أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فَيُبْطِلُونَ الطَّهَارَةَ عَلَى غَيْرِ التَّرْتِيبِ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ عَلَى طَهَارَةٍ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَمْسَحُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَفَرَّعَ الْجَوَابُ فِيمَنْ لَبِسَ أَحَدَ خُفَّيْهِ بَعْدَ غَسْلِ إِحْدَى رِجْلَيْهِ وَقَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ الْأُخْرَى فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَبِسَ الْخُفَّ الْآخَرَ قَبْلَ تَمَامِ طَهَارَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْمُزَنِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَدَاوُدُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ مُطَرِّفٌ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ نَزَعَ الْخُفَّ الْأَوَّلَ بَعْدَ لُبْسِهِ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ وَفِي هَذَا الْبَابِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ خُفَّاهُ وَسَهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا حَتَّى جَفَّ وُضُوءُهُ وَصَلَّى قَالَ لِيَمْسَحْ عَلَى خُفَّيْهِ وَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ وَلَا يُعِدِ الْوُضُوءَ هَذَا لِأَنَّ تَبْعِيضَ الْوُضُوءِ عِنْدَهُ سَهْوًا لَا يَضُرُّهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ وَهَذَا أَصْلٌ قَدْ تَكَرَّرَ الْقَوْلُ فِيهِ |