مَالِكٌ عَنِ الصَّلْتِ بْنِ زُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنِ الْبَلَلِ أَجِدُهُ فَقَالَ انْضَحْ مَا تَحْتَ ثَوْبِكَ بِالْمَاءِ وَالْهُ عَنْهُ وَتَرْجَمَتُهُ فِي هَذَا الْبَابِ بِالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَذْيِ لَيْسَتْ مِنَ الْبَابِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا رُخْصَةَ عِنْدَ (...) |
مَالِكٌ عَنِ الصَّلْتِ بْنِ زُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنِ الْبَلَلِ أَجِدُهُ
فَقَالَ انْضَحْ مَا تَحْتَ ثَوْبِكَ بِالْمَاءِ وَالْهُ عَنْهُ وَتَرْجَمَتُهُ فِي هَذَا الْبَابِ بِالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَذْيِ لَيْسَتْ مِنَ الْبَابِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا رُخْصَةَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَذْيِ الْخَارِجِ عَلَى الصِّحَّةِ كُلُّهُمْ يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِنْهُ وَهِيَ سُنَّةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا لَا خِلَافَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بن وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَذْيِ فَقَالَ ((فِيهِ الْوُضُوءُ وَفِي الْمَنِيِّ الْغُسْلُ)) وَلَمَّا صَحَّ الْإِجْمَاعُ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَذْيِ لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الرُّخْصَةُ فِي خُرُوجِهِ مِنْ فَسَادٍ وَعِلَّةٍ فَإِذَا كَانَ خُرُوجٌ كَذَلِكَ فَلَا وُضُوءَ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا عِنْدَ سَلَفِهِ وَعُلَمَاءِ أَهْلِ بَلَدِهِ لِأَنَّ مَا لَا يَرْقَأُ وَلَا يَنْقَطِعُ فَلَا وَجْهَ لِلْوُضُوءِ مِنْهُ وَمَعْنَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ فَحُشَ سَلَسُ بَوْلِهِ أَوْ مَذْيِهِ وَلَمْ يَرْقَأْ دَمُ جَرْحِهِ أَوْ دُمَّلِهِ أَنْ يَغْسِلَهُ مِنْ ثَوْبِهِ وَلَا يَدْخُلْ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَغْسِلَ مَا فَحُشَ مِنْهُ وَكَثُرَ فَإِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَقْطَعْهَا وَلَوْ سَالَ عَلَى فَخِذِهِ فَأَرَادَ سَعِيدٌ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَنَّ كَثْرَةَ الْمَذْيِ وَفُحْشَهُ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ لَا يَمْنَعُ الْمُصَلِّيَ مِنْ تَمَامِ صَلَاتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ابْتِدَاءَهُ لِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِغَسْلِ الْكَثِيرِ الْفَحِشِ مِنْهُ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِقَطْعِهَا وَفِي رواية بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَأَخْبَرَنِي مَنْ كَانَ عِنْدَ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ لِلرَّجُلِ فَإِذَا انْصَرَفْتَ إِلَى أَهْلِكَ فَاغْسِلْ ثَوْبَكَ قَالَ يَحْيَى وَأَمَّا أَنَا فَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ رَوَاهَا يحيى بن مسكين وغيره عن بن الْقَاسِمِ وَهِيَ تُوَضِّحُ لَكَ مَا فَسَّرْنَا وَبِاللَّهِ توفيقنا ذكر بن وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ كَثِيرَ بْنِ فَرْقَدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ إِنِّي لَأَجِدُ الْمَذْيَ يَنْحَدِرُ مِنِّي مِثْلَ الْجُمَانِ أَوِ اللُّؤْلُؤِ فَمَا الْتَفَتُّ إِلَيْهِ وَلَا أُبَالِيهِ وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّ عُمَرَ اسْتَنْكَحَهُ أَمْرُ الْمَذْيِ وَغَلَبَ عَلَيْهِ وَسَلِسَ مِنْهُ كَمَا يَسْلَسُ الْبَوْلُ فَقَالَ فِيهِ الْقَوْلَ وَهَذَا خِلَافُ الْقَوْلِ الَّذِي حَكَى عَنْهُ أَسْلَمُ مَوْلَاهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ عَلَى ما في الموطأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وذكر بن أَبِي ذِئْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ أَخِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ كَانَ يَخْرُجُ مِنِّي الْمَذْيُ قَالَ فَرُبَّمَا تَوَضَّأْتُ الْمَرَّتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَأَتَيْتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي ائْتِ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَسَلْهُ عَسَى أَنْ تَجِدَ عِنْدَهُ عِلْمًا قَالَ فَجِئْتُ الْقَاسِمَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَالْهُ عَنْهُ فَلَهَوْتُ عَنْهُ فَانْقَطَعَ عَنِّي وَهَذَا الْبَابُ فِيمَنْ كَانَ خُرُوجُ الْمَذْيِ مِنْهُ لِعِلَّةٍ وَفَسَادٍ لَا لِصِحَّةٍ وَشَهْوَةٍ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَصْحَابُنَا الْمُسْتَنْكَحَ وَهُوَ صَاحِبُ السَّلَسِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ مَذْيُهُ أَوْ بَوْلُهُ لِعِلَّةٍ نَزَلَتْ بِهِ مِنْ كِبَرٍ أَوْ بَرْدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ ذَلِكَ عَنْهُ فَرْضَ الصَّلَاةِ وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِهَا عَلَى حَالَتِهِ تِلْكَ إِذْ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي إِيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ حَالِهِ تِلْكَ فَذَهَبَ مَالِكٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِالْمُسْتَحَاضَةِ وَالْوُضُوءُ عِنْدَهُ لَهَا اسْتِحْبَابٌ أَيْضًا وَحُجَّتُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) النِّسَاءِ 43 وَالْمَائِدَةِ 6 وَذَلِكَ لِمَا كَانَ مُعْتَادًا مَعْرُوفًا قَصَدَ الْغَائِطَ مِنْ أَجْلِهِ وَلِأَنَّ دَمَ الْمُسْتَحَاضَةِ دَمُ عِرْقٍ وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ عِنْدَهُ وُضُوءًا وَقَدْ مَضَى فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ وَجْهُ قَوْلِهِ وَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا الْوُضُوءُ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ وَاجِبٌ لِكُلِّ صَلَاةٍ رَوَوْا فِي ذَلِكَ آثَارًا سَنَذْكُرُهَا أَوْ بَعْضَهَا فِي بَابِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالُوا تُؤَدِّي صَلَاتَهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَكَذَلِكَ وُضُوءَهَا وَكَذَلِكَ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((فَإِذَا أَدْبَرَتِ الْحَيْضَةُ فَاغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لكل صلاة)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وَسَنُوَضِّحُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْمُسْتَحَاضَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ |