مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ هُوَ الْفَرَقُ مِنَ الْجَنَابَةِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) مَنْ وَافَقَ مَالِكًا عَلَى لَفْظِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَنْ زَادَ فِيهِ
 
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ هُوَ الْفَرَقُ مِنَ الْجَنَابَةِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) مَنْ وَافَقَ مَالِكًا عَلَى لَفْظِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَنْ زَادَ فِيهِ
مِنْ رُوَاتِهِ
وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا إِلَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يَكْفِي مِنَ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَأَنَّ
الْإِسْرَافَ فِيهِ مَذْمُومٌ
وَذَلِكَ رَدٌّ عَلَى الْإِبَاضِيَّةِ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ فِي الْإِكْثَارِ مِنَ الْمَاءِ
وَهُوَ مَذْهَبٌ ظَهَرَ قَدِيمًا وَسُئِلَ عَنْهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَلِذَلِكَ سِيقَ هَذَا الْحَدِيثُ
ومثله
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266
وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ آثَارِ هَذَا الْبَابِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) كَثِيرًا يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَجُمْلَةُ الْآثَارِ الْمَنْقُولَةِ فِي هَذَا عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا تَوْقِيتَ
فِيمَا يَكْفِي مِنَ الْمَاءِ فِي الْغُسْلِ وَالطَّهَارَةِ وَلِذَلِكَ مَا اسْتَحَبَّ السَّلَفُ ذِكْرَ الْمِقْدَارِ مِنْ
غَيْرِ كَيْلٍ
رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ يَقُولُ صَاعٌ
لِلْغُسْلِ مِنْ غَيْرِ أن يكال قال وأخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ كَمْ بَلَغَكَ أَنَّهُ يَكْفِي
الْجُنُبَ قَالَ صَاعٌ مِنْ مَاءٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَالَ
وَقَدْ رَوَى الْقَعْنَبِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ
بْنَ الْمُسَيَّبِ سَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَمَّا يَكْفِي الْإِنْسَانَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ
لِي سَعِيدٌ إِنَّ لِي تَوْرًا يَسَعُ مُدَّيْنِ مِنْ مَاءٍ أَوْ نَحْوَهُمَا وَأَغْتَسِلُ بِهِ فَيَكْفِينِي وَتَفْضُلُ
فِيهِ فَضْلَةً
فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَنْثِرُ بِمُدَّيْنِ مِنْ مَاءٍ
فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَلْعَبُ بِكَ
فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ فَإِنْ لَمْ يَكْفِنِي فَإِنِّي رَجُلٌ - كَمَا تَرَى - عَظِيمٌ
فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ ثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ فَقَالَ إِنَّ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ قَلِيلٌ قَالَ لَهُ فَصَاعٌ
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقَالَ لِي سَعِيدٌ إِنَّ لِي رَكْوَةً أَوْ قَدَحًا مَا تَسَعُ إِلَّا نِصْفَ الْمُدِّ أَوْ
نَحْوَهُ وَإِنِّي لَأَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَرُبَّمَا فَضَلَ فَضْلٌ
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ لِسُلَيْمَانَ بْنِ
يَسَارٍ فَقَالَ وَأَنَا يَكْفِينِي مِثْلُ ذَلِكَ
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَقَالَ أَبُو
عُبَيْدَةَ هَكَذَا سَمِعْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَفِي ((التَّمْهِيدِ)) زِيَادَاتٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي
هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَأَمَّا الْفَرَقُ فَبِتَحْرِيكِ الرَّاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى وَغَيْرِهِ بإسكان الراء
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267
قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَرَقُ مِكْيَالٌ
وَقَالَ بن وهب الفرق مكيال من خشب
كان بن شِهَابٍ يَقُولُ إِنَّهُ يَسَعُ خَمْسَةَ أَقْسَاطٍ بِأَقْسَاطِ بَنِي أُمَيَّةَ
وَقَدْ فَسَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَعْشَى الْفَرَقَ بِثَلَاثَةِ أَصْوُعٍ قَالَ وَهِيَ خَمْسَةُ أَقْسَاطٍ
قَالَ وَفِي الْخَمْسَةِ أَقْسَاطٍ اثْنَا عَشَرَ مدا بمد النبي عليه السلام
قال بن مُزَيْنٍ قَالَ لِي عِيسَى بْنُ دِينَارٍ قَالَ لي بن الْقَاسِمِ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ الْفَرَقُ
يَحْمِلُ ثَلَاثَةَ أَصْوُعٍ
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنِ الْفَرَقِ فَقَالَ ثَلَاثَةُ أَصْوُعٍ
وَهَذَا كُلُّهُ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ
رَوَى مُوسَى الْجُهَنِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ أَتَى بِقَدَحٍ حَزَرْتُهُ بِثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ فَقَالَ حَدَّثَتْنِي
عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يَغْتَسِلُ بِمِثْلِ هَذَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَسَائِرِ الْجِسْمِ فِي الْغُسْلِ إِنَّمَا يَكُونُ
بِمُبَاشَرَةِ الْمَاءِ لِذَلِكَ وَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِغُسْلِهِ فَلَا يُجْزِئُ فِيهِ الْمَسْحُ فَمَنْ قَدَرَ أَنْ يَتَوَضَّأَ
بِمُدٍّ أَوْ أَقَلَّ وَيَغْتَسِلَ بِصَاعٍ أَوْ دُونَ بَعْدَ أَنْ يُسْبِغَ وَيَعُمَّ فَذَلِكَ حَسَنٌ جَائِزٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ
الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَلَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ إِلَّا ضَالٌّ مبتدع وبالله التوفيق
وأما فعل بن عُمَرَ فِي نَضْحِهِ الْمَاءَ فِي عَيْنَيْهِ إِذْ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ - فَشَيْءٌ
لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ لَا مَا بَطَنَ
وَلَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَشْيَاءُ شَذَّ فِيهَا حَمَلَهُ الْوَرَعُ عَلَيْهَا
وَفِي أَكْثَرِ الموطآت سئل مالك عن نضح بن عُمَرَ الْمَاءَ فِي عَيْنَيْهِ فَقَالَ لَيْسَ عَلَى
ذَلِكَ الْأَمْرِ عِنْدَنَا وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَ يَحْيَى