إِذَا أَصَابَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ فَلَا يَنَمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْوُضُوءَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ هُوَ الوضوء للصلاة ثم أتبعه بفعل بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَغْسِلُ (...) |
إِذَا أَصَابَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ فَلَا يَنَمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 لِلصَّلَاةِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْوُضُوءَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ هُوَ الوضوء للصلاة ثم أتبعه بفعل بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ إِذَا تَوَضَّأَ وَهُوَ جُنُبٌ لِلْأَكْلِ أَوْ لِلنَّوْمِ وَلَمْ يعجب مالكا فعل بن عُمَرَ وَأَظُنُّهُ أَدْخَلَهُ إِعْلَامًا أَنَّ ذَلِكَ الْوُضُوءَ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْجَبَهُ فَرْضًا إِلَّا طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَأَمَّا سَائِرُ الْفُقَهَاءِ بِالْأَمْصَارِ فَلَا يُوجِبُونَهُ وَأَكْثَرُهُمْ يَأْمُرُونَ بِهِ وَيَسْتَحِبُّونَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَجَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَالَ وَلَهُ أَنْ يُعَاوِدَ أَهْلَهُ وَيَأْكُلَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ قَذَرٌ فَيَغْسِلَهَا قَالَ وَأَمَّا الْحَائِضُ فَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تَتَوَضَّأَ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كُلِّهِ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يَنَامَ الْجُنُبُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَأَحَبُّ إِلَيْهِمْ أَنْ يَتَوَضَّأَ قَالَ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ مَضْمَضَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ إِذَا أَرَادَا أَنْ يَأْكُلَا أَوْ يَنَامَا غَسَلَا أَيْدِيَهُمَا وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ إِنْ شَاءَ الْجُنُبُ نَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ الْمَرْفُوعَةَ عَنْ عُمَرَ وَعَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي وُضُوءِ الْجُنُبِ عِنْدَ النَّوْمِ وَلَمْ تَخْتَلِفْ عَنْهُمَا الْآثَارُ فِي ذَلِكَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مَنْ أَخْطَأَ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي التَّمْهِيدِ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ الْمَرْفُوعَةُ عَنْ عَائِشَةَ فِي وُضُوءِ الْجُنُبِ عِنْدَ النَّوْمِ وَأَحْسَنُ الْأَسَانِيدِ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذلك ما رواه بن الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلُ ويشرب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 وَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وذكرنا طرق حديث عائشة وطرق حديث بن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ وَرَوَاهُ الْحَكَمُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ - وَهُوَ جُنُبٌ - تَوَضَّأَ وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ تَرَكَ شُعْبَةُ حَدِيثَ الْحَكَمِ فِي الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَأَمَّا حُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَا بَأْسَ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَحَدِيثٌ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ الْخَرَسَانِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَخَّصَ لِلْجُنُبِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَقَالُوا مَعْنَاهُ أَلَّا يَتَوَضَّأَ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ وَهَذَا مُحْتَمَلٌ لِلتَّأْوِيلِ لَا حُجَّةَ فِيهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَبَيْنَ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِيهِ رَجُلٌ وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَمَسُّ مَاءً قَالَ سُفْيَانُ وَهَذَا الْحَدِيثُ خَطَأٌ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا قَوْلَ سُفْيَانَ هَذَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) وقد عارض حديث بن عُمَرَ وَحَدِيثَ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ بِحَدِيثِ سعيد بن الحويرث عن بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فَقَالُوا أَلَا نَأْتِيكَ بِطُهْرٍ فَقَالَ ((لَا أُصَلِّي فَأَتَطَهَّرُ)) وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ أَلَا تَتَوَضَّأَ فَقَالَ ((مَا أَرَدْتُ الصَّلَاةَ فَأَتَوَضَّأَ)) ثُمَّ تَنَاوَلْ عِرْقًا فَأَكَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَيُّوبُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ بن عيينة وبن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ سَعِيدَ بن الحويرث سمع بن عباس وقد سمعه بن جُرَيْجٍ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَطُرُقُهُ فِي التَّمْهِيدِ قَالُوا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ وَذَلِكَ رَفَعَ الْوُضُوءَ عِنْدَ النَّوْمِ وَعِنْدَ الْأَكْلِ وَاللَّهُ أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 |