عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمَّتِهِ عَنِ ابْنَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ بَلَغَهَا أَنَّ
نِسَاءً كُنْ يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ فَكَانَتْ تَعِيبُ ذَلِكَ
عَلَيْهِنَّ وَتَقُولُ مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا مَا (...)
 
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمَّتِهِ عَنِ ابْنَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ بَلَغَهَا أَنَّ
نِسَاءً كُنْ يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى الطُّهْرِ فَكَانَتْ تَعِيبُ ذَلِكَ
عَلَيْهِنَّ وَتَقُولُ مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا مَا كَانَ نِسَاءُ السَّلَفِ عَلَيْهِ مِنَ الِاهْتِبَالِ بِأَمْرِ الدِّينِ وَسُؤَالِ
مَنْ يُطْمَعُ بِوُجُودِ عِلْمِ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِنَّ عِنْدَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَحِمَ اللَّهُ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ لَمْ
يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَسْأَلْنَ عَنْ أَمْرِ دِينِهِنَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَكَذَا الْمُؤْمِنُ مُهْتَبِلٌ بِأَمْرِ دِينِهِ فَهُوَ رَأْسُ مَالِهِ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ رَأْسُ
مَالِ الْمُؤْمِنِ دِينُهُ لَا يُخَلِّفُهُ فِي الرِّحَالِ وَلَا يَأْتَمِنُ عَلَيْهِ الرِّجَالَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ ((الدُّرْجَةُ)) فَمَنْ رَوَاهُ هَكَذَا فَهُوَ عَلَى تَأْنِيثِ الدُّرْجِ وَكَانَ الْأَخْفَشُ يَرْوِيهِ
الدِّرَجَةُ وَيَقُولُ (هِيَ) جَمْعُ دُرْجٍ مِثْلُ خرجه خرج وَتِرَسَةٍ وَتُرْسٍ
وَأَمَّا الْكُرْسُفُ فَالْقُطْنُ وَالصُّفْرَةُ بَقِيَّةُ دَمِ الْحَيْضِ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ
فَفِي ((الْمُدَوَّنَةِ)) لِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ فِي أَيَّامِ
حَيْضَتِهَا وَفِي غَيْرِ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ حَيْضٌ وَإِنْ لَمْ تَرَ مَعَ ذلك دما
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324
وذكر بن عَبْدُوسٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِعَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ
الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ أَوْ فِي أَيَّامِ الْاسْتِطْهَارِ فَهُوَ كَالدَّمِ وَمَا رَأَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ
فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَشْهَرُ عَنْهُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْمَدِينَةِ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ فَهُوَ أَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ
حَيْضٌ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَكُونُ الْكُدْرَةُ حَيْضًا إِلَّا بِأَثَرِ الدَّمِ
وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ أَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ لَا تُعَدُّ حَيْضًا إِلَّا بَعْدَ الْحَيْضِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْأُمَّةَ
قَدِ اخْتَلَفَتْ فِيهِمَا قَبْلَ الْحَيْضِ وَبَعْدَهُ فَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ قَبْلُ لَمْ يَثْبُتْ إِذْ لَا
دَلِيلَ عَلَيْهِ
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِيهِمَا بَعْدُ فَلَنْ يَزُولَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ إِلَّا بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ النَّقَاءُ بِالْجُفُوفِ
وَالْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ ((كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَلَا الْكُدْرَةَ بَعْدَ الْغُسْلِ شَيْئًا))
قَالَ تُرِيدُ بَعْدَ الطُّهْرِ وَأَمَّا مَا اتَّصَلَ مِنْهَا بِالْحَيْضِ فَهُوَ مِنَ الْحَيْضِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِيَاسُ أَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ قَبْلَ الْحَيْضِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ كَمَا أَنَّ الْحَيْضَ
فِي كُلِّ زَمَانٍ سَوَاءٌ وَمَا احْتَجَّ بِهِ دَاوُدُ لَا مَعْنَى لَهُ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَمَرَّةً قَالُوا الصُّفْرَةُ
وَالْكُدْرَةُ حَيْضٌ فِي أَيَّامِهَا الْمَعْهُودَةِ وَمَرَّةً قَالُوا لَيْسَ ذَلِكَ بِحَيْضٍ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ
وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهَا حَيْضٌ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ
وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ ((لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ)) فَإِنَّهَا تُرِيدُ لَا تَعْجَلْنَ
بِالِاغْتِسَالِ إِذَا رَأَيْتُنَّ الصُّفْرَةَ لِأَنَّهَا بَقِيَّةٌ مِنَ الْحَيْضَةِ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ وَهُوَ
الْمَاءُ الْأَبْيَضُ الَّذِي يَدْفَعُهُ الرَّحِمُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ (يُشَبَّهُ) لِبَيَاضِهِ بِالْقَصِّ وَهُوَ
الْجَصُّ
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَقْصِيصِ الْقُبُورِ وَيُرْوَى عَنْ
تَجْصِيصِ الْقُبُورِ يُرِيدُ تَلْبِيسَهَا بِالْجَصِّ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْهُ فِي عَلَامَةِ الطُّهْرِ
فَفِي ((الْمُدَوَّنَةِ)) قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ تَرَى الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ فَلَا تُصَلِّي
حَتَّى تَرَاهَا إِلَّا أن يطول ذلك بها
وقال بن حَبِيبٍ تَطْهُرُ بِالْجُفُوفِ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَرَى الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ
قَالَ وَالْجُفُوفُ أَبَرَأُ لِلرَّحِمِ مِنَ الْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ فَمَنْ كَانَ طُهْرُهَا الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ فَرَأَتِ
الْجُفُوفَ فَقَدْ طَهُرَتْ قَالَ وَلَا تَطْهُرُ الَّتِي طُهْرُهَا الْجُفُوفُ بِرُؤْيَتِهَا الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ حَتَّى
تَرَى الْجُفُوفَ
قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ الْحَيْضِ دَمٌ ثُمَّ صُفْرَةٌ ثُمَّ كُدْرَةٌ ثُمَّ يَكُونُ نَقَاءً كَالْقَصَّةِ ثُمَّ يَنْقَطِعُ
فَإِذَا انْقَطَعَ قَبْلَ هَذِهِ الْمَنَازِلِ فَقَدْ بَرِئَتِ الرَّحِمُ مِنَ الْحَيْضِ
قَالَ وَالْجُفُوفُ أَبْرَأُ وَأَوْعَبُ وَلَيْسَ بَعْدَ الْجُفُوفِ انْتِظَارُ شَيْءٍ
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَإِنَّمَا أَنْكَرَتْ عَلَى النِّسَاءِ افْتِقَادَهُنَّ أَحْوَالَهُنَّ فِي غَيْرِ
أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَمَا قَارَبَهَا لِأَنَّ جَوْفَ اللَّيْلِ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِلصَّلَاةِ وَإِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ
افْتِقَادُ أَحْوَالِهِنَّ (لِلصَّلَاةِ) فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَإِنْ كُنَّ قَدْ طَهُرْنَ تَأَهَّبْنَ بِالْغُسْلِ لِمَا
عَلَيْهِنَّ مِنَ الصَّلَاةِ
وَفِي هَذَا الْبَابِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْحَائِضِ تَطْهُرُ فَلَا تَجِدُ مَاءً أَتَتَيَمَّمُ قَالَ نَعَمْ فَإِنَّ مِثْلَهَا
مِثْلُ الْجُنُبِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ تَيَمَّمَ وَهَذَا إِجْمَاعٌ - كَمَا قَالَ - مَالِكٌ - لَا خِلَافَ فِيهِ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ هـ
22 -