وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ ((كُنْتُ أُرَجِّلُ (1) رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ وَأَنَا حَائِضٌ)) فَفِيهِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ في المحيض الْبَقَرَةِ 222 لِأَنَّ اعْتِزَالَهُنَّ كَانَ يَحْتَمِلُ أَلَّا يُقْرَبْنَ وَلَا (...) |
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ
((كُنْتُ أُرَجِّلُ (1) رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ وَأَنَا حَائِضٌ)) فَفِيهِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ في المحيض الْبَقَرَةِ 222 لِأَنَّ اعْتِزَالَهُنَّ كَانَ يَحْتَمِلُ أَلَّا يُقْرَبْنَ وَلَا يُجْتَمَعُ مَعَهُنَّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اعْتِزَالُ الْوَطْءِ خَاصَّةً فَأَتَتِ السُّنَّةُ بِمَا قَدَّمْنَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ الْجِمَاعَ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَا وَبِمِثْلِ ذَلِكَ مَعْنَى تَرْجِيلِ عَائِشَةَ - وَهِيَ حَائِضٌ - لِرَأْسِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ مَنْ قَالَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ وَذَكَرْنَا مَعَانِيَ الِاعْتِكَافِ وَحُكْمَ الْمُبَاشَرَةِ فِيهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي تَرْجِيلِ عَائِشَةَ لِرَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَائِضٌ - دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْحَائِضِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ نَجِسٌ غَيْرَ مَوْضِعِ الْحَيْضِ وَلِذَلِكَ قَالَ لَهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ ((إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ)) حِينَ سَأَلَهَا أَنْ تُنَاوِلَهُ الْخُمْرَةَ فَقَالَتْ إِنِّي حَائِضٌ وَفِيهِ تَرْجِيلُ الشَّعْرِ وَفِي تَرْجِيلِهِ لِشَعْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَسِوَاكِهِ وَأَخْذِهِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 شَارِبِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ وَلَا الشَّرِيعَةِ مَا خَالَفَ النَّظَافَةَ وَحُسْنَ الْهَيْئَةِ فِي اللِّبَاسِ وَالزِّينَةِ الَّتِي مِنْ شَكْلِ الرِّجَالِ - لِلرِّجَالِ وَمِنْ شَكْلَ النِّسَاءِ للنساء ويدل على أن قوله عليها السَّلَامُ ((الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ)) أَرَادَ بِهِ اطِّرَاحَ الشَّهْوَةِ فِي الْمَلْبَسِ وَالْإِسْرَافَ فِيهِ الدَّاعِيَ إِلَى التَّبَخْتُرِ وَالْبَطَرِ لِيَصِحَّ مَعَانِي الْآثَارِ وَلَا تَتَضَادَّ وَمِنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا يُرِيدُ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِئَلَّا يَكُونَ ثَائِرَ الرَّأْسِ شَعِثَهُ كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ كَمَا جَاءَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ الْمَرْفُوعَةَ فِي مَعَانِي هَذَا الْبَابِ وَشَوَاهِدَ بِمَا وَصَفْنَا فِي مَوَاضِعَ مِنَ التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ |