وعن بن شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِهِ لَأَمَرَهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِهِ تَفْسِيرُهُ مَا (...) |
وعن بن شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ
قَالَ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِهِ لَأَمَرَهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِهِ تَفْسِيرُهُ مَا رَوَاهُ الْأَعْرَجُ وَغَيْرُهُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا عَلِمَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرِوَايَتِهِ لَهُ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ ((لَوْلَا أَنَّ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي)) كَثِيرًا جِدًّا مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِيهَا ((مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ)) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِيهَا ((مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ)) وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْهَا فِي التَّمْهِيدِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ الِاخْتِلَافَ عن بن شِهَابٍ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِهِ الْأَوَّلِ فِي هَذَا الباب عن بن السَّبَّاقِ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلُهُ ((يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ)) الْحَدِيثَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَاغْتَسِلُوا فَفِيهِ الْأَمْرُ بِالْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ وَذَلِكَ عِنْدَنَا مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَالْفَضْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ عَائِشَةَ ((كَانَ النَّاسُ عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ وَكَانُوا يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ بِهَيْئَاتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ لِئَلَّا يُؤْذِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِرِيحِهِ)) وَأُمِرُوا مَعَ ذَلِكَ بِأَخْذِ الطِّيبِ وَالْمَسِّ مِنْهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ (سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى) بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ((كَانَ النَّاسُ عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ فَكَانُوا يَرُوحُونَ بِهَيْئَاتِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقِيلَ لَهُمْ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ)) وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعُمَرُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ عُمَرُ مَا بَالُ رِجَالٍ يَسْتَأْخِرُونَ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ فَقَالَ عُثْمَانُ مَا كَانَ إِلَّا الْوُضُوءُ فَقَالَ عُمَرُ الْوُضُوءُ أَيْضًا)) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ قَالَ لَهُ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا زِدْتُ أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ فَقَالَ عُمَرُ الْوُضُوءُ أَيْضًا! ! وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالِانْصِرَافِ لِلْغُسْلِ وَلَا بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَا قَالَ له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 إِنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجُمُعَةِ لَا تُجْزِيكَ بِغَيْرِ غُسْلٍ وَلَا رَأَى ذَلِكَ عُثْمَانُ وَاجِبًا عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ الْجُمُعَةِ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ عُمَرَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَبْيَنُ مِنْ هَذَا فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ سَمُرَةَ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كِلَاهُمَا عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ ((مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ)) وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ وَحَدِيثَ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ كِلَاهُمَا عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَسَانِيدِهِمَا وَذَكَرْنَا مَنْ رَوَى مِنَ الصَّحَابَةِ مِثْلَ حَدِيثِهِمَا بِإِسْنَادِهِ أَيْضًا فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ الْغُسْلَ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ وَفَضِيلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ وَأَبُو سَعِيدٍ هَذَا الَّذِي رَوَى عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ ((غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ)) قَدْ رَوَى ((وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ)) وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِالِاغْتِسَالِ لِلْجُمُعَةِ نَدْبٌ وَفَضْلٌ وَسُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ فَرْضًا وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى وَاضِحًا أَيْضًا فِي بَابِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا الْغُسْلُ لِلْعِيدَيْنِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((إِنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا فَاغْتَسِلُوا)) وَالْقَوْلُ فِي غُسْلِ الْعِيدَيْنِ كَالْقَوْلِ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ إِلَّا أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ آكَدُ فِي السُّنَّةِ وَفِيهِ أَخْذُ الطِّيبِ وَمَسُّهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفِي الْعِيدَيْنِ وَذَلِكَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ حَسَنٌ مُرَغَّبٌ فِيهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ خُرُوجُهُ بِرَائِحَةِ الطِّيبِ إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَإِذَا مَشَى وَقَدْ قِيلَ إِنَّ رَائِحَتَهُ كَانَتْ تِلْكَ بِلَا طِيبٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وذكر ذلك إسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((لَا تَرُدُّوا الطِّيبَ فَإِنَّ طِيبَ الرِّيحِ خَفِيفُ الْمَحْمَلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ)) وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُوجِبُ الطِّيبَ وُجُوبَ سُنَّةٍ وَأَدَبٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُوجِبُ الطِّيبَ يوم الجمعة فسألت بن عَبَّاسٍ عَنْهُ فَقَالَ لَا أَعْلَمُهُ قَالَ سُفْيَانُ وأخبرني بن جريج عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَمَسَّ طِيبًا إِنْ كَانَ لِأَهْلِهِ غَيْرُ مُؤْثِمٍ مَنْ تَرَكَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَيُوجِبُ الطِّيبَ مَا كَانَ فِي قَوْلِهِ حُجَّةٌ إِذْ كَانَ الْجُمْهُورُ يُخَالِفُونَهُ فِيمَا تَأَوَّلَ مِنْ ذَلِكَ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ الطِّيبُ يُغْنِي مِنَ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفِيهِ التَّرْغِيبُ فِي السِّوَاكِ وَالْآثَارُ فِي السِّوَاكِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَكَانَ سِوَاكُ الْقَوْمِ الْأَرَاكَ وَالْبَشَامَ وَكُلَّ مَا يَجْلُو الْأَسْنَانَ وَلَا يُؤْذِيهَا وَيُطَيِّبُ نَكْهَةَ الفم فجائز الاستنان به وقال بن عَبَّاسٍ ((مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِالسِّوَاكِ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُنْزَلُ عَلَيْهِ فِيهِ)) وَقَالَتْ عَائِشَةُ ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِالسِّوَاكِ)) وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ((السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)) وَكَانَ رُبَّمَا اسْتَاكَ فِي اللَّيْلَةِ مِرَارًا وَالْعُلَمَاءُ كُلُّهُمْ يَنْدُبُونَ إِلَيْهِ وَيَسْتَحِبُّونَهُ وَيَحُثُّونَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَمَرَهُمْ بِهِ شَقَّ أَوْ لَمْ يَشُقَّ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَحْمِلُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَأْتِيَ فِي خُطْبَتِهِ بِكُلِّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي فُصُولِ الْأَعْيَادِ وَفَضْلِ رَمَضَانَ وَالتَّرْغِيبِ فِي صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ وَمَا كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا بِالنَّاسِ مِنْ حَاجَةٍ إِلَى مَعْرِفَتِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ فَقَدْ بَرَّ وَلَمْ يَحْنَثْ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عمرو عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَهُوَ خَيْرٌ وَأَطْهَرُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ النَّاسَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَكَانَ الْمَسْجِدُ ضَيِّقًا مُتَقَارِبَ السَّقْفِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ شَدِيدِ الْحَرِّ وَمِنْبَرُهُ صَغِيرٌ إِنَّمَا هُوَ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ فَخَطَبَ النَّاسَ فَعَرِقُوا فِي الصُّوفِ فَصَارَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى بَلَغَتْ أَرْوَاحُهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمَ فَاغْتَسِلُوا وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَطْيَبَ مَا يَجِدُ مِنْ طِيبِهِ أَوْ دُهْنِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 |