مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ
أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ خَشَبَتَيْنِ يَضْرِبُ بِهِمَا لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ فَأُرِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ
الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ خَشَبَتَيْنِ فِي النَّوْمِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ
أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ خَشَبَتَيْنِ يَضْرِبُ بِهِمَا لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ فَأُرِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ
الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ خَشَبَتَيْنِ فِي النَّوْمِ فَقَالَ إِنَّ هَاتَيْنِ لَنَحْوٌ
مِمَّا يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ أَلَا تُؤَذِّنُونَ لِلصَّلَاةِ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين استيقظ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِالْأَذَانِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ
وَرُؤْيَاهُ فِي بَدْءِ الْأَذَانِ - جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمَعَانٍ مُتَقَارِبَةٍ قَدْ ذَكَرْتُ
مِنْهَا فِي التَّمْهِيدِ مَا فِيهِ بَلَاغٌ وَشِفَاءٌ
عَلَى أَنَّا لَمْ نَقْتَصِرْ مِنْهَا إِلَّا عَلَى أَحْسَنِهَا وَهِيَ مُتَوَاتِرَةُ الطُّرُقِ مِنْ نَقْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
وَأَهْلِ الْكُوفَةِ
وَلَا أَعْلَمُ فِيهَا ذِكْرَ الْخَشَبَتَيْنِ إِلَّا فِي مُرْسَلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا
وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَابِرٍ الْبَيَاضِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ذَكَرَهُ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي جَابِرٍ الْبَيَاضِيِّ وَإِبْرَاهِيمُ وَأَبُو جَابِرٍ
مَتْرُوكَانِ
وَأَمَّا سَائِرُ الْآثَارِ فَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ بُوقًا كَبُوقِ الْيَهُودِ وَفِي بعضها
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367
شبور كشبور النصارى وفي أكثرها الناقوس كَنَاقُوسِ النَّصَارَى حَتَّى رَأَى عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ زَيْدٍ رُؤْيَاهُ فِي الْأَذَانِ وَرَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا حَكَى عَبْدُ اللَّهِ بن
زيد لرسول الله الْأَذَانَ الَّذِي عُلِّمَهُ فِي الْمَنَامِ قَالَ لَهُ ((أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى
مِنْكَ صَوْتًا))
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي التَّمْهِيدِ
وَفِي ذَلِكَ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَا مِنَ الْوَحْيِ وَالنُّبُوَّةِ وَحَسْبُكَ بِذَلِكَ فَضْلًا لَهَا
وَشَرَفًا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَحْيِ مَا جَعَلَهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا لِدِينِهِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي الْأَذَانِ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْأَلْفَاظُ فِيهَا فَهِيَ مُتَّفِقَةٌ كُلُّهَا فِي أَنَّ أَصْلَ
أَمْرِهِ وَبَدْءَ شَأْنِهِ كَانَ عَنْ رُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ
وَقَدْ رَآهُ عُمَرُ أَيْضًا
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُذِّنَ لَهُ بِالصَّلَاةِ حَيَاتَهُ كُلَّهَا
فِي كُلِّ مَكْتُوبَةٍ وَأَنَّهُ نَدَبَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْأَذَانِ وَسَنَّهُ لَهُمْ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِهِ عَلَى الْجَمَاعَاتِ وَالْمُنْفَرِدِينَ عَلَى حَسَبِ مَا نَذْكُرُهُ فِي
هَذَا الْبَابِ وَفِيمَا بَعْدَهُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْأَحَادِيثُ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ فِي الْأَذَانِ أَيْضًا
مُخْتَلِفَةٌ فِي التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِهِ وَفِي التَّرْجِيعِ
وَعَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ عَنْ بِلَالٍ وَأَبِي مَحْذُورَةَ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ
وَاخْتَلَفَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ بِبَلَدِهِ أَيْضًا إِلَّا أَنَّ الْأَذَانَ مِمَّا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ فِيهِ بِالْعَمَلِ
الْمُتَوَاتِرِ فِي ذَلِكَ فِي كُلِّ بَلَدٍ وَلِذَلِكَ قَالَ الْجِلَّةُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالتَّخْيِيرِ وَالْإِبَاحَةِ فِي
كُلِّ وَجْهٍ نُقِلِ مِنْهُ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ
وَأَصْحَابُهُمَا إِلَى أَنَّ الْأَذَانَ مَثْنَى مَثْنَى وَالْإِقَامَةَ مَرَّةً مَرَّةً
إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي أَوَّلِ التَّكْبِيرِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَذَلِكَ مَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَةِ
الثِّقَاتِ فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ وَهِيَ زِيَادَةٌ يَجِبُ
قَبُولُهَا
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368
وَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ أَذَانَ أَهْلِ مَكَّةَ لَمْ يَزَلْ فِي آلِ أَبِي مَحْذُورَةَ كَذَلِكَ إِلَى وَقْتِهِ
وَعَصْرِهِ
قَالَ أَصْحَابُهُ وَكَذَلِكَ هُوَ حَتَّى الْآنَ عِنْدَهُمْ
وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ مَرَّتَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ
وُجُوهٍ صِحَاحٍ فِي أَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَفِي أَذَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَالْعَمَلُ عِنْدَهُمْ
بِالْمَدِينَةِ عَلَى ذَلِكَ فِي آلِ سَعْدٍ الْقَرَظِ إِلَى زَمَانِهِمْ
وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ وَذَلِكَ رُجُوعُ الْمُؤَذِّنِ إِذَا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَرَّتَيْنِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ رَجَّعَ فَمَدَّ صَوْتَهُ جَهْرَةً
بِالشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْأَذَانِ إِلَّا فِي التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِهِ فَإِنَّ مَالِكًا يَقُولُهُ
مَرَّتَيْنِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَالشَّافِعِيَّ يَقُولُهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ
وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِقَامَةِ إِلَّا فِي قَوْلِهِ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّ مَالِكًا يَقُولُهَا مَرَّةً
وَالشَّافِعِيَّ يَقُولُهَا مَرَّتَيْنِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَبِهِ جَاءَتِ الْآثَارُ
وَأَمَّا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَمَذْهَبُهُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ سَوَاءً لَا يُخَالِفُهُ فِي
شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حي وعبيد اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْأَذَانُ
وَالْإِقَامَةُ جَمِيعًا مَثْنَى مَثْنَى وَالتَّكْبِيرُ عِنْدَهُمْ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ وَأَوَّلِ الْإِقَامَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ
أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَالُوا كُلُّهُمْ وَلَا تَرْجِيعَ فِي الْأَذَانِ وَإِنَّمَا يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
مَرَّتَيْنِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ إِلَى الشَّهَادَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَمُدُّ
صَوْتَهُ
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ
السَّلَامُ - أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ!
رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلًا قَامَ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ عَلَى جِذْمِ حَائِطٍ فَأَذَّنَ مَثْنَى
مَثْنَى وَأَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى وَقَعَدَ قَعْدَةً بَيْنَهُمَا قَالَ فَسَمِعَ بِذَلِكَ بِلَالٌ فَقَامَ فَأَذَّنَ مَثْنَى وَقَعَدَ
قَعْدَةً وَأَقَامَ مَثْنَى يَشْفَعُونَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ بالعراق
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ كَانَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ يَشْفَعُونَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ
فَهَذَا أَذَانُ الْكُوفِيِّينَ مُتَوَارَثٌ عِنْدَهُمْ بِهِ الْعَمَلُ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ أَيْضًا كَمَا تَوَارَثَ
الْحِجَازِيُّونَ فِي الْأَذَانِ زَمَنًا بَعْدَ زَمَنٍ عَلَى مَا وَصَفْنَا
وَأَمَّا الْبَصْرِيُّونَ فَأَذَانُهُمْ تَرْجِيعُ التَّكْبِيرِ مِثْلُ الْمَكِّيِّينَ ثُمَّ الشَّهَادَةُ بِأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
مَرَّةً واحدة وبأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّةً ثُمَّ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّةً ثُمَّ حَيَّ
عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّةً ثُمَّ يُرَجِّعُ الْمُؤَذِّنُ فَيَمُدُّ صَوْتَهُ وَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْأَذَانُ
كُلُّهُ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى آخِرِهِ
أَخْبَرْنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ
قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا يزيد بن
إبراهيم أنه سمع الحسن وبن سِيرِينَ يَصِفَانِ الْأَذَانَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ
اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ
حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ يُسْمِعُ بِذَلِكَ مَنْ حَوْلَهُ ثُمَّ يُرَجِّعُ فَيَمُدُّ صَوْتَهُ وَيَجْعَلُ إِصْبَعَيْهِ فِي
أُذُنَيْهِ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَرَّتَيْنِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ حَيَّ
عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَذَكَرَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ أَنَا أَذْهَبُ فِي الْأَذَانِ
إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ وَصَفَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا وَتَشَهَّدَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ لَمْ
يُرَجِّعْ
قَالَ أَحْمَدُ وَالْإِقَامَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ وَسَائِرُهَا مَرَّةً مَرَّةً إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ
فَإِنَّهَا مَرَّتَيْنِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - يَقُولُ مَنْ أَقَامَ مَثْنَى
مَثْنَى لَمْ أُعَنِّفْهُ وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ صَحِيحٌ
فَقَالَ أَمَّا أَنَا فَلَا أَدْفَعُهُ
(قِيلَ لَهُ أَفَلَيْسَ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ)
فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ رَجَعَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَرَّ بِلَالًا عَلَى أَذَانِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ
جَرِيرٍ إِلَى إِجَازَةِ الْقَوْلِ بِكُلِّ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ وحملوه على
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370
الْإِبَاحَةِ وَالتَّخْيِيرِ وَقَالُوا كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَوَازُ
ذَلِكَ وَعَمِلَ بِهِ أَصْحَابُهُ فَمَنْ شَاءَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ مَرَّتَيْنِ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ وَمَنْ
شَاءَ قَالَ ذَلِكَ أَرْبَعًا وَمَنْ شَاءَ رَجَّعَ فِي أَذَانِهِ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُرَجِّعْ وَمَنْ شَاءَ ثَنَّى
الْإِقَامَةَ وَمَنْ شَاءَ أَفْرَدَهَا إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَرَّتَانِ مَرَّتَانِ عَلَى كُلِّ
حَالٍ
ذَكَرَ بن أبي شيبة قال حدثنا بن عُلَيَّةَ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ الْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً
فَإِذَا قَالَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَالَ مَرَّتَيْنِ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ حَدِيثُ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ
قَالَ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ يَعْنِي قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يُثَنِّيهِ
وَحَدِيثُ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمُؤَذِّنِ عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى أَنَّهُ سمع بن عُمَرَ يَقُولُ كَانَ
الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنَى مَثْنَى وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً إِلَّا
قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ الْمُؤَذِّنُ مَرَّتَيْنِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْأَذَانِ
فَأَمَّا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فَإِنَّ الْأَذَانَ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا يَجِبُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ
النَّاسُ وَقَدْ نَصَّ ذَلِكَ فِي مُوَطَّئِهِ
وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَاجِبَةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ فِي الْمِصْرِ وَمَا جَرَى مَجْرَى الْمِصْرِ مِنَ
الْقُرَى
وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِنْ تَرَكَ أَهْلُ مِصْرٍ الْأَذَانَ عَامِدِينَ أَعَادُوا الصَّلَاةَ وَلَا
أَعْلَمُ خِلَافًا فِي وُجُوبِ الْأَذَانِ جُمْلَةً عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ لِأَنَّهُ مِنَ الْعَلَامَةِ الدَّالَّةِ
الْمُفَرِّقَةِ بَيْنَ دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارِ الْكُفْرِ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً يَقُولُ لَهُمْ ((إِذَا سَمِعْتُمُ الْأَذَانَ
فَأَمْسِكُوا
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371
وَكُفُّوا وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا الْأَذَانَ فَأَغِيرُوا)) أَوْ قَالَ ((فَشُنُّوا الْغَارَةَ))
وَقَالَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُدُ الْأَذَانُ فَرْضٌ وَلَمْ يَقُولُوا عَلَى الْكِفَايَةِ
وَسَنَزِيدُ الْمَسْأَلَةَ بَيَانًا فِيمَا بَعْدُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - مِنْ هَذَا الْبَابِ وَمِنْ بَابِ النِّدَاءِ فِي
السَّفَرِ بِعَوْنِ اللَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بذلك في التمهيد