وأما حديثه عن بن شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ)) فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الَّذِي (...) |
وأما حديثه عن بن شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ)) فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الَّذِي يَسْمَعُ النِّدَاءَ يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ مِنْ أَوَّلِ الْأَذَانِ إِلَى آخِرِهِ وَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَعُمُومُهُ وَحَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ عِنْدِي فَسَمِعَ الْمُؤَذِّنَ قَالَ كَمَا يَقُولُ حَتَّى يَسْكُتَ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا بَالُ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ((قُلْ كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَ)) وَقَالَ آخَرُونَ يَقُولُ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَإِنَّهُ يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ ذَلِكَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ يُتِمُّ الْأَذَانَ مَعَهُ إِلَى آخِرِهِ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ مُضْطَرِبُ الْأَلْفَاظِ وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَهُ فِي التَّمْهِيدِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ فِي التَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدِ وَرَوَوْا بِذَلِكَ أَثَرًا تَأَوَّلُوهُ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ فِي التَّشَهُّدِ خَاصَّةً وَإِنْ شَاءَ قَالَ وَأَنَا أَشْهَدُ بِمَا تَشْهَدُ بِهِ وَنَحْوَ هَذَا وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا - غُفِرَ لَهُ)) وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ إِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ قَالَ ((وَأَنَا أَشْهَدُ وَأَنَا أَشْهَدُ)) وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ فِيهِمَا الْإِتْيَانُ بِمَعْنَى الْأَذَانِ وَبِمَعْنَى الذِّكْرِ وَالْإِخْلَاصِ وَالتَّشَهُّدِ دُونَ لَفْظِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ كُلَّهَا بِطُرُقِهَا فِي التَّمْهِيدِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُصَلِّي يَسْمَعُ الْأَذَانَ - وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا أُذِّنَ وَأَنْتَ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَلَا تَقُلْ مِثْلَ مَا يَقُولُ وَإِذَا كُنْتَ فِي نَافِلَةٍ فَقُلْ - مِثْلَ مَا يَقُولُ - التَّكْبِيرَ وَالتَّشَهُّدَ فَإِنَّهُ الَّذِي يَقَعُ فِي نَفْسِي أَنَّهُ أُرِيدَ بالحديث هذه رواية بن القاسم ومذهبه وقال بن خواز مَنْدَادَ فَإِنْ قَالَ عِنْدَ مَالِكٍ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ إِلَى آخِرِ الْأَذَانِ فِي النَّافِلَةِ كَانَ مُسِيئًا وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَكَرِهَهُ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَقَالَ بن وَهْبٍ يَقُولُ الْمُصَلِّي مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَالنَّافِلَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَقُولُ ذَلِكَ فِي نَافِلَةٍ وَلَا مَكْتُوبَةٍ وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَيَقُولُ فِي مَوْضِعِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَقُولُ الْمُصَلِّي مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ لَا فِي نَافِلَةٍ وَلَا مَكْتُوبَةٍ إِذَا سَمِعَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَكِنْ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَهُ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ لَمْ أَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا شَيْئًا مَنْصُوصًا وقد حدثنا بن أبي عمران عن بن سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ أَذَّنَ فِي صَلَاتِهِ إِلَى قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ - أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ إِنْ أَرَادَ الْأَذَانَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ إِذَا أَرَادَ الْأَذَانَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ يَقُولُ فِيمَنْ يُجِيبُ إنسانا - وهو يصلي - بلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ قَالَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَقُولُهُ وذكر بن خواز مَنْدَادَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَقُولُ فِي النَّافِلَةِ الشَّهَادَتَيْنِ فَإِنْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ - بَطَلَتْ صَلَاتُهُ نَافِلَةً كَانَتْ أَوْ فَرِيضَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ وَالنَّافِلَةِ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ الْكَلَامَ مُحَرَّمٌ فِيهِمَا وَقَوْلُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ كَلَامٌ فِيهَا فَلَا يَصْلُحُ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَأَمَّا سَائِرُ الْأَذَانِ فَمِنَ الذِّكْرِ الَّذِي يَصْلُحُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ قَوْلُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فِي مَكَانِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَحَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((قُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ وَلَمْ يَخُصَّ نَافِلَةً مِنْ فَرِيضَةٍ)) فَمَا جَازَ فِي الْفَرِيضَةِ جَازَ فِي الْمَكْتُوبَةِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا كَرِهَهُ فِي الْمَكْتُوبَةِ كَرَاهِيَةً مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ كَتَحْرِيمِ الْكَلَامِ وَالَّذِي يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ أَنَّ مَا كَانَ مِنَ الذِّكْرِ الْجَائِزِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهِ بَيْنَ نَافِلَةٍ وَلَا مَكْتُوبَةٍ وَأَمَّا مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَأَبْطَلَ الصَّلَاةَ بِهِ فَجَعَلَهُ مِثْلَ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ وَرَدَّ السَّلَامِ مِنَ الْكَلَامِ وَالْكَلَامُ مُحَرَّمٌ فِي الصَّلَاةِ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ لَمَّا نَزَلَتْ (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) الْبَقَرَةِ 238 أمرنا بالسكون ونهينا عن الكلام وقال بن مَسْعُودٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَلَّا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ)) وَقَدْ أَبَاحَ فِيهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الذِّكْرَ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ وَالدُّعَاءِ فَعُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ الْمُحَرَّمَ فِيهَا غَيْرُ الْمُبَاحِ مِنَ الذِّكْرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ ((لَوْ يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ - لَاسْتَهَمُوا (2) وَلَوْ عَلِمُوا مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا)) فَفِيهِ فَضْلُ الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 وَالْأَذَانُ إِنَّمَا هُوَ النِّدَاءُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ) الْجُمُعَةِ 9 وَقَالَ (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ) الْمَائِدَةِ 58 وَفِي فَضَائِلِ الْأَذَانِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ قَدْ جَمَعَهَا جَمَاعَةٌ وَحَسْبُكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((لَا يَسْمَعُ صَوْتَ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ له يوم القيامة)) وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ)) وَقَالَتْ عَائِشَةُ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُؤَذِّنِينَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فُصِّلَتْ 32 وَرَوَى بَيَانٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَوْ كُنْتُ أُطِيقُ الْأَذَانَ مَعَ الْخِلَافَةِ لَأَذَّنْتُ وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ لَأَنْ أَقْوَى عَلَى الْأَذَانِ أَحَبُّ إِلَيَّ من أن أحج أو أعتمر وقال بن مَسْعُودٍ لَوْ كُنْتُ مُؤَذِّنًا لَمْ أُبَالِ أَلَّا أَحُجَّ أَوْ أَعْتَمِرَ وَقَالَ عُمَرُ لِبَعْضِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَنْ مُؤَذِّنُوكُمْ فَقَالُوا عَبِيدُنَا وَمَوَالِينَا فَقَالَ إن ذلك لنقص بكم وقال بن عُمَرَ لِرَجُلٍ مَا عَمَلُهُ قَالَ الْأَذَانُ قَالَ نِعْمَ الْعَمَلُ يَشْهَدُ لَكَ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ يسعك وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ وَرَوَى السُّكَّرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ)) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ تَرَكْتَنَا بَعْدَكَ نُنَافِسُ فِي الْأَذَانِ فَقَالَ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا سَفِلَتُهُمْ مُؤَذِّنُوهُمْ)) وَهَذَا الْحَدِيثُ انْفَرَدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فِيهِ أَبُو حَمْزَةَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَأَمَّا الصَّفُّ الْأَوَّلُ فَفِي فَضْلِهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ وَأَحْسَنُهَا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي الِاسْتِهَامِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَرْشَدَ وَنَدَبَ إِلَيْهِ مُؤَكِّدًا وَمِنْهَا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ لَعَلَى مِثْلِ صَفِّ الْمَلَائِكَةِ وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِيهِ لَابْتَدَرْتُمُوهُ)) وَمِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ وَأَبَى هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ مُقَدَّمُهَا وَشَرُّهَا مُؤَخَّرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ الْمُؤَخَّرُ)) حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ)) وَحَدِيثُ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُصَلِّي عَلَى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ثَلَاثًا وَعَلَى الثَّانِي وَاحِدَةً)) وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَأَى فِي بَعْضِ أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا فَقَالَ لَهُمْ ((تَقَدَّمُوا وَأْتَمُّوا بِي وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ وَلَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ)) وَرَوَتْ عَائِشَةُ مِثْلَهُ وَزَادَتْ ((حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 وَهَذَا الْوَعِيدُ إِنَّمَا خَرَجَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَرْغَبُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَعَنِ الْقُرْبِ مِنْهُ وَيَتَأَخَّرُونَ عَنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ ((ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا)) فَالْهَاءُ فِي (عَلَيْهِ) عَائِدَةٌ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَا عَلَى النِّدَاءِ وَهُوَ حَقُّ الْكَلَامِ أَنْ يُرَدَّ الضَّمِيرُ مِنْهُ إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَلَا يُرَدَّ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ يَنْصَرِفُ إِلَى النِّدَاءِ أَيْضًا وَفَسَّرَهُ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَا يُؤَذِّنُ فِيهِ إِلَّا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَهَذَا مَوْضِعٌ لَا أَعْرِفُهُ فِي سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ وَلَا قَوْلٍ صَحِيحٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ أَقْرَعَ بَيْنَ قَوْمٍ اخْتَلَفُوا فِي الْأَذَانِ وَلِقَوْلِ سَعْدٍ وُجُوهٌ مُحْتَمَلَةٌ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا جَاءَ الِاسْتِهَامُ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَا عَلَى الْأَذَانِ وَقَدْ رُوِيَ مَنْصُوصًا عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ((لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَا صَفُّوَا فِيهِ إِلَّا بِقُرْعَةٍ)) وَآثَارُ هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا عِنْدَ بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي دَاوُدَ وَسَائِرِ الْمُصَنَّفَاتِ وَأَمَّا التَّهْجِيرُ فَمَعْرُوفٌ وَهُوَ الْبِدَارُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَقَبْلَ وَقْتِهَا لِمَنْ شَاءَ ثُمَّ انتظارها قال الله تعالى (فاستبقوا الخيرات) الْبَقَرَةِ 148 وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((الْمُهَجِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً)) وَتَوَاتَرَتِ الْآثَارُ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ مَنِ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ - فَهُوَ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَهَا وَحَسْبُكَ مِنْ هَذَا فَضْلًا إِذِ الصَّلَاةُ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهَا إِلَّا مَنْ هَجَّرَ إِلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 وَقَدْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - انْتِظَارَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ رِبَاطًا وَجَاءَ رِبَاطُ يَوْمٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ بَكَّرَ وَانْتَظَرَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِمَّنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا ثُمَّ صَلَّى فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَفِي هَذَا مَا يُوَضِّحُ لَكَ مَعْنَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ وَرَدَ مِنْ أَجْلِ الْبُكُورِ إِلَيْهِ وَالتَّقَدُّمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ ((أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الْمُؤَخَّرِ)) وَأَمَّا الْعَتَمَةُ وَالصُّبْحُ فَالْآثَارُ فِيهِمَا كَثِيرَةٌ أَيْضًا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَعَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّهُ قَالَ ((أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا)) وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ((اسْمَعُوا وَبَلِّغُوا مَنْ خَلْفَكُمْ حَافِظُوا عَلَى هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ - يَعْنِي فِي جَمَاعَةٍ - الْعَشَاءِ وَالصُّبْحِ وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَيْتُمُوهُمَا وَلَوْ حَبْوًا عَلَى مَرَافِقِكُمْ وَرُكَبِكُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((شُهُودُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ)) وَعَنْ عُمَرَ قَالَ لَأَنْ أَشْهَدَ الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحْيِيَ مَا بَيْنَهُمَا وَعَنِ الْحَسَنِ مثله وقال بن عُمَرَ كُنَّا إِذَا فَقَدْنَا الرَّجُلَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا بِطُرُقِهَا فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ |