مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ فَقَالَ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ يَقُولُ ((أَلَا (...) |
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 وَرِيحٍ فَقَالَ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ يَقُولُ ((أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ)) هَكَذَا عَنْ يَحْيَى فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْبَابِ وَعَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ وَلَا فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ فِي مَكَانِ قَوْلِهِ وَعَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَالْأَذَانِ رَاكِبًا - كَانَ صَوَابًا لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ فِي الْبَابِ مَذْكُورَةٌ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا أَنَّهُ كَانَ فِي السَّفَرِ وَلَكِنَّهُ قَيَّدَهُ بِتَرْجَمَةِ الْبَابِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ مِنْ وُجُوهٍ ذَكَرْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ الْأَذَانُ فِي السَّفَرِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ في ذلك فروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمِصْرِ لِلْجَمَاعَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ إِنْ تَرَكَ الْأَذَانَ مُسَافِرٌ عَمْدًا أَعَادَ الصَّلَاةَ وَذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَمَّا الْمُسَافِرُ فَيُصَلِّي بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ قَالُوا وَأَمَّا الْمِصْرُ فَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ فَإِنِ اسْتَجْزَأَ بِأَذَانِ النَّاسِ وَإِقَامَتِهِمْ أَجْزَأَهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ تُجْزِئُكَ الْإِقَامَةُ مِنَ الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ شِئْتَ أَذَّنْتَ وَأَقَمْتَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُؤَذِّنُ الْمُسَافِرُ عَلَى حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَقَالَ دَاوُدُ الْأَذَانُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسَافِرٍ فِي خَاصَّتِهِ وَالْإِقَامَةُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَلِصَاحِبِهِ ((إِذَا كُنْتُمَا فِي سَفَرٍ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا وَلِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا)) وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَاتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِنْ تَرَكَ الْأَذَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ عِنْدَهُمْ - وَهُمْ أَشَدُّ كَرَاهِيَةً لِتَرْكِهِ الْإِقَامَةَ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْأَذَانَ غَيْرُ وَاجِبٍ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ بِسُقُوطِ أَذَانِ الْوَاحِدِ عِنْدَ الْجَمِيعِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي ((التَّمْهِيدِ)) بِالْآثَارِ وَوُجُوهِ الْأَقْوَالِ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ كَالشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ وَفِيهِ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ الرُّخْصَةُ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ كُلُّ عُذْرٍ مَانِعٍ وَأَمْرٍ مُؤْذٍ وَإِذَا جَازَ التَّخَلُّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ لِلْعَشَاءِ وَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ - فَالتَّخَلُّفُ عَنْهَا لِمِثْلِ هَذَا أَحْرَى وَالسَّفْرُ عِنْدِي وَالْحَضَرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ السَّفْرَ إِنْ دَخَلَ بِالنَّصِّ دَخَلَ الْحَضَرُ بِالْمَعْنَى لِأَنَّ الْعِلَّةَ مِنَ الْمَطَرِ وَالْأَذَى قَائِمَةٌ فِيهِمَا وَاسْتَدَلَّ قَوْمٌ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَذَانِ جَائِزٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِذَا كَانَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ وَذَكَرْنَا حَدِيثَ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ مُنَادِيَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ فِي السَّفَرِ يَقُولُ إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِ مِنْ طُرُقٍ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهِيَةِ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ وَإِجَازَتِهِ فَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الْكَلَامَ فِي الْأَذَانِ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا يُقْتَدَى بِهِ تَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ وَكَرِهَ رَدَّ السَّلَامِ فِي الْأَذَانِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ الْمُؤَذِّنُ بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَا يُشَمِّتُ عَاطِسًا فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنَ ذَلِكَ وَتَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَيُبْنَى عَلَى أَذَانِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ فِي ذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ قَالُوا لَا يَتَكَلَّمُ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِهِ وَلَا إِقَامَتِهِ وَإِنْ تَكَلَّمَ مَضَى وَيُجْزِئُهُ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وبن سِيرِينَ كَرَاهَةُ الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا عَلِمْتُ - إِعَادَةَ الْأَذَانِ وَابْتِدَاءَهُ لِمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ إِلَّا عَنِ بن شِهَابٍ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْكَلَامِ فِي الْأَذَانِ مِنْهُمْ الْحَسَنُ وَعُرْوَةُ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ غُلَامَهُ بِالْحَاجَةِ فِي أَذَانِهِ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ لَا بَأْسَ بِرَدِّ السَّلَامِ فِي أَذَانِهِ وَلَا يَرِدُ فِي الْإِقَامَةِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَا سَمِعْتُ أَنَّ مُؤَذِّنًا قَطُّ أَعَادَ أَذَانَهُ وَقَدْ زِدْنَا فِي التَّمْهِيدِ هَذَا الْحَدِيثَ بَيَانًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ |