وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى رَفَعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَغَيْرِهِ - خُضُوعٌ وَاسْتِكَانَةٌ وَابْتِهَالٌ
وَتَعْظِيمٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَاتِّبَاعٌ (...)
 
وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى رَفَعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَغَيْرِهِ - خُضُوعٌ وَاسْتِكَانَةٌ وَابْتِهَالٌ
وَتَعْظِيمٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَاتِّبَاعٌ لِسُّنَّةِ رَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ والتكبير في كل
رفع وخفض أو كد مِنْهُ
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّهُ مِنْ زينة الصلاة
ذكر بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ
يَقُولُ لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةٌ وَزِينَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ ورفع الأيدي فيها
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407
وعن بن لهيعة عن بن عَجْلَانَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ كَانَ يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةٌ
وَزِينَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرُ وَرَفْعُ الْأَيْدِي عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَحِينَ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَعَ وَحِينَ يُرِيدُ أَنْ
يَرْفَعَ
وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ لَهُ بِكُلِّ إِشَارَةِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ بِكُلِّ إِصْبَعِ حَسَنَةٌ وَقَدْ ذَكَرْتُ
الْإِسْنَادَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي رَفْعِ الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ
الرُّكُوعِ وَعِنْدَ السُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى جَوَازِ رَفْعِ الْأَيْدِي عِنْدَ افْتِتَاحِ
الصَّلَاةِ مَعَ تَكْبِيرَةِ الإحرام
فقال مالك فيما روى عنه بن الْقَاسِمِ يَرْفَعُ لِلْإِحْرَامِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَلَا يَرْفَعُ فِي
غَيْرِهَا
قَالَ وَكَانَ مَالِكٌ يَرَىَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ ضَعِيفًا
وَقَالَ إِنْ كَانَ فَفِي الْإِحْرَامِ
وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَسَائِرِ فقهاء الكوفة
قديما وحديثا وهو قول بن مَسْعُودٍ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ بِهَا
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ لَا أَعْلَمُ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ تَرَكُوا
بِأَجْمَعِهِمْ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا أَهْلَ الْكُوفَةِ فَكُلُّهُمْ لَا يَرْفَعُ
إِلَّا فِي الْإِحْرَامِ
وذكر بن خواز بنداد قَالَ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فَمَرَّةً
قَالَ يَرْفَعُ فِي كل خفض ورفع على حديث بن عُمَرَ وَمَرَّةً قَالَ لَا يَرْفَعُ إِلَّا فِي
تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَمَرَّةً قَالَ لَا يَرْفَعُ أَصْلًا وَالَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَنَّ الرَّفْعَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ
لَا غَيْرَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَحُجَّةُ مَنْ ذهب مذهب بن الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ حديث
بن مَسْعُودٍ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ عِنْدَ
الْإِحْرَامِ مَرَّةً لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا
وَبَعْضُ رُوَاتِهِمَا يَقُولُ كَانَ لَا يَرْفَعُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا مَرَّةً (وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ كَانَ يَرْفَعُ
يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ)
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَدِيثَيْنِ مِنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ وَذَكَرْنَا الْعِلَّةَ عَنِ الْعُلَمَاءِ فِيهِمَا هُنَا
وروى أبو مصعب وبن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا أَحْرَمَ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا
رَفَعَ مِنَ الركوع على حديث بن عمر
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ فِي التَّمْهِيدِ
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَقَالَ بن عَبْدِ الْحَكَمِ لَمْ
يَرْوِ أَحَدٌ عَنْ مَالِكٍ مثل رواية بن الْقَاسِمِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ
قَالَ مُحَمَّدٌ وَالَّذِي آخذ به أن أرفع على حديث بن عُمَرَ
وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ كَانَ عِنْدَنَا جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِنَا يَرْفَعُونَ
أَيْدِيَهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى حَدِيثِ بن عُمَرَ وَرِوَايَةِ مَنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٌ لَا
يَرْفَعُونَ إِلَّا فِي الْإِحْرَامِ عَلَى رواية بن الْقَاسِمِ فَمَا عَابَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَا
هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ
وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا عُمَرَ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَاشِمٍ يَقُولُ كَانَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْحَاقُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ شَيْخُنَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ عَلَى حَدِيثِ بن عُمَرَ فِي الْمُوَطَّأِ
وَكَانَ أَفْضَلَ مَنْ رَأَيْتُ وَأَفْقَهَهُمْ وَأَصَحَّهُمْ عِلْمًا فَقُلْتُ لِأَبِي عُمَرَ لِمَ لَا تَرْفَعُ فَنَقْتَدِي
بِكَ قَالَ لَا أُخَالِفُ رواية بن الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ عِنْدَنَا الْيَوْمَ عَلَيْهَا وَمُخَالَفَةُ الْجَمَاعَةِ
فِيمَا أُبِيحَ لَنَا لَيْسَتْ مِنْ شِيَمِ الْأَئِمَّةِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ وَمُحَمَّدُ بْنُ
جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِالرَّفْعِ عَلَى حديث بن عُمَرَ إِلَّا أَنَّ مِنْ أَهْلِ
الْحَدِيثِ مَنْ يَرْفَعُ عِنْدَ السُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ عَلَى حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَعَنْ النَّبِيِّ -
عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي ذَلِكَ
وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّفْعُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَاجِبٌ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الرَّفْعُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَاجِبٌ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجِبُ الرَّفْعُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا غَيْرِهِ فَرْضًا لِأَنَّهُ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجِبُ الرَّفْعُ إِلَّا عِنْدَ الْإِحْرَامِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ وَاجِبٌ كُلُّهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي))
وَحُجَّةُ مَنْ رَأَى الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ حديث بن عمر المذكور في
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409
هذا الباب عن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ حَدِيثٌ
لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فيه
وروى مثل ما روى بن عُمَرَ مِنْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَحْوُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ
رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالْمُصَنِّفِينَ فِيهِ مِنْهُمْ أَبُو
دَاوُدَ وَأَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
وَأَفْرَدَ لِذَلِكَ بَابًا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَصْرِيُّ الْبَزَّارُ وَصَنَّفَ فِيهِ
كِتَابًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ مِنْ كِتَابِهِ الْكَبِيرِ أَكْثَرَ فِيهِ مِنَ الْآثَارِ
وَطَوَّلَ
وَرُوِيَ الرَّفْعُ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ منهم بن عُمَرَ وَأَبُو مُوسَى
وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وأنس وبن عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي الصَّلَاةِ
إِذَا رَكَعُوا وَإِذَا رَفَعُوا كَأَنَّهَا الْمَرَاوِحُ
وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ تَرْكُ الرَّفْعِ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ ورفع ممن لم يختلف فيه
إلا بن مَسْعُودٍ وَحْدَهُ
وَرَوَى الْكُوفِيُّونَ عَنْ عَلِيٍّ مَثَلَ ذَلِكَ وَرَوَى عَنْهُ الْمَدَنِيُّونَ الرَّفْعَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ رَافِعٍ
وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَرَوَى عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْقَارِئُ وَنُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ أَنَّهُ كَانَ
يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَيُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ ويقول أنا أشبهكم صلاة
برسول الله
وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ
رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَوْلَى لِمَا فِيهَا مِنَ الزِّيَادَةِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنَا أشبهكم صلاة برسول الله فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ أَبُو سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ عَنْهُ فِي التَّكْبِيرِ
فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَرُوِيَ الرَّفْعُ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410
وَالشَّامِ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِمْ مِنْهُمْ الْقَاسِمُ بْنُ محمد وسالم والحسن وبن سيرين
وعطاء وطاوس ومجاهد ونافع مولى بن عمر وعمر بن عبد العزيز وبن أَبِي نَجِيحٍ
وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ
وَقَالَ بن سِيرِينَ هُوَ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ وَقَالَ عُمَرُ بن الْعَزِيزِ إِنْ كُنَّا لَنُؤَدَّبُ عَلَيْهَا
بِالْمَدِينَةِ إِذَا لَمْ نَرْفَعْ أَيْدِيَنَا
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيْضًا يَقُولُ فِي ذَلِكَ سَالِمٌ قَدْ حَفِظَ عَنْ أَبِيهِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا بِكُلِّ مَا وَصَفْنَا فِي التَّمْهِيدِ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ رَأَيْتُ مُعْتَمِرَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَيَحْيَى بْنَ
سَعِيدٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّةَ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عِنْدَ الرُّكُوعِ وإذا
رفعوا رؤوسهم
وَقِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نَرْفَعُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ اثْنَتَيْنِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ لَا أَنَا أَذْهَبُ
إِلَى حَدِيثِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَا أَذْهَبُ إِلَى وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي أَلْفَاظِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فِي التَّمْهِيدِ وَقَدْ عارضه حديث بن
عُمَرَ بِقَوْلِهِ وَكَانَ يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
وَقِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَرْفَعُ الْمُصَلِّي عِنْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ كَانَ
بن عُمَرَ إِذَا رَأَى رَجُلًا لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَصَبَهُ
قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ نافعا قال كان
بن عُمَرَ إِذَا رَأَى مَنْ لَا يَرْفَعُ حَصَبَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ رَأَى الرَّفْعَ وَعَمِلَ بِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا يُبْطِلُ صَلَاةَ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ
إِلَّا الْحُمَيْدِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَرِوَايَةٌ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ بَلَغَنَا
أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ فِيمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -
عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَحِينَ يُكَبِّرُ
لِلرُّكُوعِ وَحِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْهُ إِلَّا أَهْلَ الْكُوفَةِ فَإِنَّهُمْ خَالَفُوا فِي ذَلِكَ أُمَّتَهُمْ
قِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ فَإِنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا قَالَ ذَلِكَ نَقْصٌ مِنْ صَلَاتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ
رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فِي الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ صَلَاتَهُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ
ثُمَّ عَلَّمَهُ فَرَائِضَ الصَّلَاةِ دُونَ سُنَنِهَا قَالَ لَهُ ((إِذَا أَرَدْتَ الصَّلَاةَ فأسبغ الوضوء
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411
وَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَافِعًا
ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا)) الْحَدِيثَ فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِرَفْعِ
الْيَدَيْنِ وَلَا مِنَ التَّكْبِيرِ إِلَّا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَعَلَّمَهُ الْفَرَائِضَ فِي الصَّلَاةِ وَسَنُبَيِّنُ هَذَا
فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
فَلَا وَجْهَ لِمَنْ جَعَلَ صَلَاةَ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ نَاقِصَةً وَلَا لِمَنْ أَبْطَلَهَا مَعَ اخْتِلَافِ الْآثَارِ فِي
الرَّفْعِ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَاخْتِلَافِ أَئِمَّةِ
الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ
وَالْفَرَائِضُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِمَا لَا مَدْفَعَ لَهُ وَلَا مَطْعَنَ فِيهِ وَقَوْلُ الْحُمَيْدِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ
شُذُوذٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَخَطَأٌ لَا يَلْتَفِتُ أَهْلُ الْعِلْمِ إِلَيْهِ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَعَانِي هَذَا الْبَابَ وَبَسَطْنَاهَا فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَاخْتَلَفَتِ الْآثَارُ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي كَيْفِيَّةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فَرُوِيَ
عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَدًّا فَوْقَ أُذُنَيْهِ مَعَ رَأْسِهِ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ
أُذُنَيْهِ وَرَوِي عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَرَوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُهَا إِلَى
صَدْرِهِ
وَكُلُّهَا آثَارٌ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ وأثبت ما في ذلك حديث بن عُمَرَ هَذَا وَفِيهِ ((حَذْوَ
مَنْكِبَيْهِ)) وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ التَّابِعِينَ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ