وقراءة بن عُمَرَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَرُبَّمَا قَرَأَ السُّورَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فِي رَكْعَةٍ فَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْمُبَاحِ الْجَائِزِ أَنْ يَقُولَ الْمَرْءُ بِمَا شَاءَ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ مَا لَمْ يَكُنْ إِمَامًا يُطَوِّلُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ تَوَاتَرَتِ (...) |
وقراءة بن عُمَرَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَرُبَّمَا قَرَأَ السُّورَتَيْنِ
وَالثَّلَاثَ فِي رَكْعَةٍ فَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْمُبَاحِ الْجَائِزِ أَنْ يَقُولَ الْمَرْءُ بِمَا شَاءَ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ مَا لَمْ يَكُنْ إِمَامًا يُطَوِّلُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ فِي الْقِرَاءَةِ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الصَّلَاةِ مَرَّةً يُخَفِّفُ وَرُبَّمَا طَوَّلَ صَنَعَ ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا تَوْقِيتَ فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بَعْدَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ)) وَلَمْ يحد شيئا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَفِي أُمِّ الْقُرْآنِ هَلْ يُجْزِئُ مِنْهَا غَيْرُهَا مِنَ الْقُرْآنِ أَمْ لَا وَأَجْمَعُوا أَنْ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةٍ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ بِبَغْدَادَ تَسْقُطُ الْقِرَاءَةُ عَمَّنْ نَسِيَ فَإِنَّ النِّسْيَانَ مَوْضُوعٌ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ هَذَا بِمِصْرَ فَقَالَ لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ مَنْ يُحْسِنُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ إِلَّا بِهَا وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهَا حَرْفًا فَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا أَوْ نَقَصَ مِنْهَا حَرْفًا أَعَادَ الصَّلَاةَ وَكَذَا إِنْ قَرَأَ بِغَيْرِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَظُنُّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمِ دَخَلَتِ الشُّبْهَةُ فِيهِ عَلَيْهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَلَمْ يَقْرَأْ فِيهَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ كَيْفَ كَانَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ قِيلَ حَسَنٌ قَالَ لَا بَأْسَ إِذَنْ وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكِرٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ رُوَاتِهِ لَيْسَ عِنْدَ يَحْيَى وَطَائِفَةٍ مَعَهُ لِأَنَّهُ رَمَاهُ مَالِكٌ مِنْ كِتَابِهِ بِأَخِرَةٍ وَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ ((كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ)) قَالَ أبو عمر وقد وري عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عُمَرَ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ فِي الْمَغْرِبِ فَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَهُوَ حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ وَحَدِيثُ مَالِكٍ مُرْسَلٌ عَنْ عُمَرَ لَا يَصِحُّ وَالْإِعَادَةُ عَنْهُ صَحِيحَةٌ رَوَاهَا عَنْ عُمَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ هَمَّامٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ وَزِيَادُ بْنُ عِيَاضٍ وَكُلُّهُمْ لَقِيَ عُمَرَ وَسَمِعَ مِنْهُ وَشَهِدَ الْقِصَّةَ وَرَوَى الْإِعَادَةَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا غَيْرُهُمْ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ ضَمْضَمَ بْنِ جَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَقْرَأْ فَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَرَوَى إِسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِيَاضٍ أَنَّ عُمَرَ صَلَّى بِهِمْ فَلَمْ يَقْرَأْ فَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَقَالَ لَا صَلَاةَ إلا بقراءة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ وَعَنْ أَبَانٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ أَعَادَ تِلْكَ الصلاة بإقامة وقال بن جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ إِنَّ عُمَرَ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ وَأَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ ذَكَرَ عبد الرزاق ذلك عن معمر عن بن جُرَيْجٍ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الَّذِي يَنْسَى الْقِرَاءَةَ أَيُعْجِبُكَ مَا قَالَ عُمَرُ قَالَ أَنَا أُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ فَعَلَهُ وَأَنْكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ يَرَى النَّاسُ عُمَرَ يَصْنَعُ هَذَا فِي الْمَغْرِبِ فَلَا يُسَبِّحُونَ بِهِ وَلَا يُخْبِرُونَهُ أَرَى أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ مَنْ فَعَلَ هَذَا وَيُعِيدَ الْقَوْمُ الَّذِينَ صَلُّوا مَعَهُ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِيمَا يُجْزِئُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ يَعْنِي مِنْ صَلَاةٍ أَرْبَعٍ أَعَادَ وَقَدْ قَالَ مَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي نِصْفِ صَلَاتِهِ أَعَادَ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى مَنْ نَسِيَ أَنْ يَقْرَأَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا أَوْ فِي أَكْثَرِهَا رَأَيْتُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا قَالَ وَسُنَّةُ الْقِرَاءَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَرَأَ بِغَيْرِهَا أَجْزَأَهُ قَالَ وَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَقْرَأَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَعَادَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ وَيُسَبِّحُ فِي الْآخِرَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ قَالَ سُفْيَانُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَعَادَ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ قِرَاءَةُ رَكْعَةٍ قَالَ وَكَذَلِكَ إِنْ نَسِيَ أَنْ يَقْرَأَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْمِصْرِيِّ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أصحاب الشافعي وقال بن خواز مَنْدَادَ الْمَالِكِيُّ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ مَنْ نَسِيَهَا فِي رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةٍ رَكْعَتَيْنِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ وَلَا تُجْزِئُهُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ إِذَا تَرَكَهَا نَاسِيًا فِي رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةٍ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 فقال يعيد الصلاة أصلا وهو قول بن الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْهُ وَقَالَ يَسْجُدُ سَجْدَتِي السَّهْو وتجزئه وهي رواية بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ قَالَ قَدْ قِيلَ يُعِيدُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ نَحْوَ قَوْلِنَا قَالَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِنْ تَرَكَهَا عَامِدًا فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا وَقَرَأَ غَيْرَهَا أَجْزَأَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَقَلُّهُ آيَةٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ثَلَاثُ آيَاتٍ أَوْ آيَةٌ طَوِيلَةٌ نَحْوَ آيَةِ الدَّيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُهُ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ إِنْ أَحْسَنَهَا فَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُهَا وَيُحْسِنُ غَيْرَهَا مِنَ الْقُرْآنِ قَرَأَ بَعْدَهَا سَبْعَ آيَاتٍ لَا يُجْزِئُهُ دُونَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ حَمِدَ اللَّهَ وَكَبَّرَ بِمَكَانِ الْقِرَاءَةِ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ وَمَنْ أَحْسَنَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَإِنْ تَرَكَ مِنْهَا حَرْفًا وَاحِدًا وَخَرَجَ مِنَ الصَّلَاةِ أَعَادَ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا مِثْلُهَا مِنَ الْقُرْآنِ فِي عَدَدِ آيَاتِهَا وَحُرُوفِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بَيَّنَ لَنَا نَبِيُّنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ نَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا تَيَسَّرَ فَعَيَّنَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ لِوُجُوبِهَا وَخَيَّرَ فِيمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ رَحْمَةً وَرِفْقًا وَهَذَا كُلُّهُ يَشْهَدُ لِصِحَّةِ قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ الْقِرَاءَةَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَمَا قَالَ جَابِرٌ لِأَنَّ رُكُوعَ رَكْعَةٍ لَا يَنُوبُ عَنْ رُكُوعِ أُخْرَى وَلَا سُجُودَ رَكْعَةٍ يَنُوبُ عَنْ سُجُودِ أُخْرَى فَكَذَلِكَ لَا تَنُوبُ قِرَاءَةُ رَكْعَةٍ عَنْ قِرَاءَةٍ أخرى وهي رواية بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَاخْتِيَارِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْمَغْرِبِ (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا) الْآيَةَ فَإِنَّمَا هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْقُنُوتِ وَالدُّعَاءِ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَالْقُنُوتُ جَائِزٌ فِي الْمَغْرِبِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَفِي كُلِّ صَلَاةٍ أَيْضًا وَأَوْكَدُ ذَلِكَ فِي الصُّبْحِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ أَصْلًا وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ مِنَ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 |