مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ صَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ فِيهَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَدْخَلَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِيُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الصُّبْحِ طَوِيلَةٌ جِدًّا وَعَلَى (...) |
مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ صَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ
فِيهَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَدْخَلَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِيُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الصُّبْحِ طَوِيلَةٌ جِدًّا وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُ الْآثَارِ وَتَرْتِيبُ الْأَحَادِيثِ فِي الْإِسْفَارِ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَالتَّغْلِيسِ بِهَا لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا إِلَّا مُغَلِّسًا بَعْدَ أَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ طَوَّلَ حَتَّى أَسْفَرَ فَمَنْ فَعَلَ هَذَا كَانَ مُسْتَعْمَلًا لِلْأَحَادِيثِ فِي التَّغْلِيسِ وَالْإِسْفَارِ وَهُوَ وَجْهٌ لَا يَبْعُدُ فِي اسْتِعْمَالِ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ ((كَانَ النِّسَاءُ يَنْصَرِفْنَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ مَعَ رسول الله مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ)) - يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ حَدِيثِ الْإِسْفَارِ إِلَّا أَنَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ ذَلِكَ أَحْيَانًا فَيَصِحُّ التَّغْلِيسُ وَيَصِحُّ الْإِسْفَارُ وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ فِيهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَقَدْ أَعْلَمْتُكَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مَحْدُودٌ لَا يَتَجَاوَزُ فِي التَّطْوِيلِ وَالتَّقْصِيرِ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِيهَا كُلِّهَا التَّطْوِيلُ وَالتَّقْصِيرُ وَالْآثَارُ بِذَلِكَ مَشْهُورَةٌ جِدًّا قَدْ ذَكَرْتُ مِنْهَا فِي التَّمْهِيدِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَهِيَ فِي الْمُصَنَّفَاتِ كَثِيرَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ وَيَقْضِي عَلَيْهَا وَيُفَسِّرُهَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ ((مَنْ أَمَّ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ)) إِلَّا أَنْ يَعْرِفَ الْإِمَامُ مَذْهَبَ مَنْ خَلْفَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَقْسِمَ الْمُصَلِّي سُورَةً بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْفَرِيضَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكْثَرَ الصَّحَابَةِ كَانُوا عَلَى قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) وَرُبَّمَا قَرَنَ بَعْضُهُمُ السُّورَتَيْنِ (مَعَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ) فِي ركعة روي ذلك عن بن مسعود وبن عُمَرَ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ فِعْلِهِمْ يَدُلُّ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالْإِبَاحَةِ فَيَفْعَلُ الْمُصَلِّي مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ إِلَّا أَنَّ الِاخْتِيَارَ مَا اخْتَارَهُ مَالِكٌ مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةٍ مَعَ أُمِّ الْكِتَابِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ وَكَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَمَا بِالِاقْتِدَاءِ بِالصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأُسٌّ فَإِنَّهُ مِنَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَأَيْنَ الْمَهْرَبُ عَنْهُ وَحَدِيثُ مَالِكٍ هَذَا قَدْ وَصَلَهُ الثِّقَاتُ الْأَثْبَاتُ رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ فِيهَا بِالْبَقَرَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقِيلَ لَهُ حِينَ سَلَّمَ كَادَتِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ فَقَالَ لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غافلين رواه بن عُيَيْنَةَ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَمَّا قِرَاءَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِسُورَةِ يُوسُفَ وَسُورَةِ الْحَجِّ فَعَلَى مَا قُلْنَا مِنَ اسْتِحْبَابِ الْعُلَمَاءِ لِطُولِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الصَّيْفِ وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ عُثْمَانَ بِسُورَةِ يُوسُفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 وَأَمَّا تَرْدَادُ عُثْمَانَ لَهَا وَتَكْرِيرُهُ الْقِرَاءَةَ بِهَا فِي أَكْثَرِ أَيَّامِهِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا خَفَّ عَلَى لِسَانِ الْإِنْسَانِ الْحَافِظِ لِلْقُرْآنِ قِرَاءَةُ بَعْضِ سُوَرِ الْقُرْآنِ دُونَ بَعْضٍ فَمَالَ إِلَى مَا خَفَّ عَلَيْهِ فَكَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ قِرَاءَتِهِ وَرُبَّمَا أَعْجَبَهُ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ مَا فِيهِ قَصَصُ الْأَنْبِيَاءِ فقرأها على الاعتبار بها والتذكار لها وأما أَشُكُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَعْرِفُونَ مِنْ حِرْصِ مَنْ خَلْفَهُمْ عَلَى التَّطْوِيلِ مَا حَمَلَهُمْ عَلَيْهِ أَحْيَانًا وَأَمَّا الْيَوْمُ فَوَاجِبٌ الِاحْتِمَالُ عَلَى التَّخْفِيفِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ وَمَنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ)) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ((أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ اقْرَأْ بِ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ مَنْ طَوَّلَ مِنَ الْأَئِمَّةِ لَا تُبَغِّضُوا اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ وَإِذَا كَانَ النَّاسُ يؤمرون بالتخفيف في الزمن فَمَا ظَنُّكَ بِهِمُ الْيَوْمَ أَلَا تَرَى إِلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ تَخْفِيفِ الْقِرَاءَةِ فِي السَّفَرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ ((إِنِّي لَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي مَخَافَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 وَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا فِي التَّمْهِيدِ بِأَسَانِيدِهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ |