قَوْلُهُ تَعَالَى (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ
اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النِّسَاءِ 82 وَالِاخْتِلَافُ مَوْجُودٌ فِي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فَعَلِمْنَا
أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ نَفَى الِاخْتِلَافَ عَنْ كِتَابِهِ بِمَا تَلَوْنَا وَبِقَوْلِهِ
 
قَوْلُهُ تَعَالَى (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ
اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النِّسَاءِ 82 وَالِاخْتِلَافُ مَوْجُودٌ فِي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فَعَلِمْنَا
أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ نَفَى الِاخْتِلَافَ عَنْ كِتَابِهِ بِمَا تَلَوْنَا وَبِقَوْلِهِ
تَعَالَى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الْحِجْرِ 9
وَمِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ -
أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ (بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وَرُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ
أَنَسٍ قَالَ ((صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَلَفَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ
وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ (والحمد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
وَمِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ يَقُولُ فِيهِ فَكَانُوا لَا يَقْرَؤُونَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
وَقَالَتْ عَائِشَةُ ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ
بِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
وَقَالَ أَبُو نَعَامَةَ قَيْسُ بْنُ عَبَايَةَ الْحَنَفِيُّ عن بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ ((سَمِعَنِي أَبِي
وَأَنَا أَقْرَأُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالْحَدَثَ فَإِنِّي صَلَّيْتُ مع
رسول الله وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُمْ أَحَدًا يَقُولُهَا فَإِذَا قَرَأْتَ فَقُلْ (الْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ)
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْآثَارَ مِنْ طُرُقٍ بِأَسَانِيدِهَا فِي التَّمْهِيدِ
فَهَذِهِ الْآثَارُ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا مَنْ كَرِهَ قِرَاءَةَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فِي الصَّلَاةِ
وَمَنْ أَبَى مِنْ أَنْ يَعُدَّهَا آيَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَهِيَ أَحَادِيثُ حسان رواها
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454
العلماء المعروفون إلا حديث بن مُغَفَّلٍ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفِ بن عبد
الله بن مغفل
وَلِلْعُلَمَاءِ فِي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَقَاوِيلُ
فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ آيَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا
مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ إِلَّا فِي سُورَةِ النَّمْلِ وَأَنَّهُ لَا يَقْرَأُ بِهَا الْمُصَلِّي فِي الْمَكْتُوبَةِ فِي
فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَلَا فِي غَيْرِهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا
قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ بِهَا فِي النَّافِلَةِ وَمَنْ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَرْضًا
هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَعَلَيْهِ يُنَاظِرُ الْمَالِكِيُّونَ مَنْ خَالَفَهُمْ
وَقَدْ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنْ أَبِي ثَابِتٍ عن بن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُقْرَأُ بِ
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فِي الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ
هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنَ المبسوط عن أبي ثابت عن بن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ
وَإِنَّمَا هُوَ مَحْفُوظٌ لِابْنِ نافع
وروى يحيى بن يحيى عن بن نَافِعٍ قَالَ لَا أَرَى أَنْ يَتْرُكَهَا فِي فَرِيضَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِلشَّافِعِيِّ فِي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهَا الْآيَةُ الْأُولَى مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ السُّوَرِ الَّتِي أُثْبِتَتْ فِي
أَوَائِلِهَا
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ هِيَ آيَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ عَنْهُ
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ صَلَّيْتُ خَلْفَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فَكَانَ يَجْهَرُ بِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ) وَبِآمِينَ
وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
الْمُجَمَّرِ قَالَ ((صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَبْلَ أُمِّ
الْقُرْآنِ وَقَبْلَ السُّورَةِ وَكَبَّرَ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَقَالَ أَنَا أَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ هِيَ آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ
الْكِتَابِ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثْنَا الحسن بن سلمة حدثنا بن الْجَارُودِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
مَنْصُورٍ قَالَ قُلْتُ لِإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ رَجُلٌ صَلَّى صَلَوَاتٍ فَلَمْ يَقْرَأْ فِيهَا (بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مَعَ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قَالَ يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ كُلِّ مَنْ جَعَلَهَا الْآيَةَ الْأُولَى مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَوْجَبَ قِرَاءَةَ
فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ
وَأَمَّا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ لَا يَحْفَظُونَ عَنْهُ هَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
أَمْ لَا
وَمَذْهَبُهُ أَنَّهُ يُسِرُّ بِهَا فِي الْجَهْرِ وَالسِّرِّ
وَقَالَ دَاوُدُ هِيَ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَقَعَتْ فِيهِ وَلَيْسَتْ هِيَ مِنَ السُّورَةِ
وَإِنَّمَا هِيَ آيَةٌ مُفْرَدَةٌ غَيْرُ مُلْحَقَةٍ بِالسُّورِ
وَزَعَمَ الرَّازِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ هَكَذَا
وَقَالَ عَطَاءٌ هِيَ آيَةٌ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ
وَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَقْرَأُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فِي أَوَّلِ
فَاتِحَةِ الْكِتَابِ سِرًّا وَيُخْفِيهَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَغَيْرِهَا يَخُصُّهَا بِذَلِكَ
وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وعلي وبن مسعود وعمار وبن الزُّبَيْرِ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ
وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ لَا يَقْرَؤُهَا فِي الْمَكْتُوبَةِ سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَلَا هِيَ آيَةٌ
مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجْهَرُ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ آيَةٍ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ
وَرُوِيَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ عن بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ
عمر وبن الزبير
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ
يَحْيَى وَأَبُو الْأَشْعَثِ قَالَا حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ إِسْمَاعِيلِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ عَنِ بن
عَبَّاسٍ ((أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَجْهَرُ بَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)) )
حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث حدثنا قاسم حدثنا بن وَضَّاحٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ
غياث عن بن جريج عن بن مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ ((كَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ
- يَقْرَأُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ
بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سعيد الأموي قال حدثنا بن جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ((أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كَانَ يَقْطَعُهَا آيَةً آيَةً (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَنْ قَرَأَ بِهَا سِرًّا فِي صَلَاةِ السِّرِّ وَجَهَرَ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ
فَحُجَّتُهُ أَنَّهَا أَوَّلُ آيَةٍ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَالْمُنَاظَرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ
وَأَمَّا مَنْ أَسَرَّ بِهَا فِي الْجَهْرِ وَالسِّرِّ فَإِنَّمَا مَالَ إِلَى الْأَثَرِ وَقَرَأَهَا مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ
بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْمُوجِبِ لِلْعَمَلِ دُونَ الْعِلْمِ
وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
((صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُسْمِعْنَا قِرَاءَةَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ)) )
وَبِمَا رَوَاهُ عَمَّارُ بْنُ زُرَيْقٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ((صَلَّيْتُ
خَلْفَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَجْهَرُ بِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)) )
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ شُعْبَةَ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مِثْلُ ذَلِكَ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ بِأَسَانِيدِهَا وَطُرُقِهَا فِي كِتَابِ ((الْإِنْصَافِ فِيمَا بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ
فِي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مِنَ الْخِلَافِ)) وَفِيهَا ((أَنَّ رسول الله صلى الله عليه
وسلم لم يَجْهَرْ بِهَا))
وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُخْفِيهَا
فَقَالَ بِهَذَا مَنْ رَأَى أَنْ يُخْفِيَهَا وَرَوَوْا عَنْ عَلِيٍّ ((أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْهَرُ بِ (بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَكَانَ يَجْهَرُ بِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) )
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ عَنْ عكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ ((الْجَهْرُ
بِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قِرَاءَةُ الْأَعْرَابِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ ((أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ لَا يَجْهَرُ بِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
قَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا قَيْسُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ ((أَنَّهُ كَانَ
لَا يَجْهَرُ بِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
وَرَوَى مَنْصُورٌ وَحَمَّادٌ وَمُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ أَرْبَعٌ يُخْفِيهِنَّ الْإِمَامُ وَيَقُولُهَا سِرًّا
الِاسْتِعَاذَةُ وَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَآمِينَ وَرَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ
وَرَوَى الْكُوفِيُّونَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ ذَلِكَ بِأَسَانِيدَ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ
وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَقُولُ الْجَهْرُ بِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) بِدْعَةٌ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْوَجْهَ وَزِدْنَاهُ بَيَانًا فِي كِتَابِنَا كِتَابِ الْإِنْصَافِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَقَدْ تَقَوَّلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِدْعَةٌ فِيمَا هُوَ عِنْدَ مُخَالَفَةِ سُنَّةٍ
وَأَمَّا الَّذِينَ أَثْبَتُوهَا آيَةً فِي أَوَّلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ
الْمُصْحَفَ لَمْ يُثْبِتِ الصَّحَابَةُ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُضِيفُوا إِلَى كِتَابِ
اللَّهِ مِنَ الذِّكْرِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَيَكْتُبُوهُ بِالْمِدَادِ كَمَا كَتَبُوا الْقُرْآنَ
هَذَا مَا لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُضِيفَهُ إِلَيْهِمْ
أَلَا تَرَى أَنَّ الَّذِينَ رَأَوْا الشَّكْلَ فِيهِ كَرِهُوهُ وَقَالُوا نَمَشْتُمُ الْمُصْحَفَ كَيْفَ يُضِيفُونَ إِلَيْهِ
مَا لَيْسَ مِنْهُ
وَاحْتَجُّوا مِنَ الْأَثَرِ بِمَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عن سعيد بن
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458
جبير عن بن عَبَّاسٍ قَالَ ((كَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى
يَنْزِلَ عَلَيْهِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ
حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد حدثنا بن عُيَيْنَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدَنِيُّ وبن
أبي عمر وغيرهم عن بن عُيَيْنَةَ وَبِمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ
عَنْ أَنَسٍ قَالَ ((سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول أُنْزِلَتْ عَلِيَّ سُورَةٌ
فَقَرَأَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحيم إنا أعطيناك الكوثر) الْكَوْثَرِ 1 حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ قَالَ
أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ وَعَدَنِيهِ رَبِّي
رَوَى بن جريج عن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَدَأَ بِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فَعَدَّهَا آيَةً ثُمَّ قَرَأَ
(الْحَمْدُ لله) فعدها ست آيات
وروى بن جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصِ
بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ ((صَلَّى مُعَاوِيَةُ لِلنَّاسِ
بِالْمَدِينَةِ الْعَتَمَةَ فَلَمْ يَقْرَأْ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَلَمْ يُكَبِّرْ بَعْضَ التَّكْبِيرِ الَّذِي يُكَبِّرُ
النَّاسُ فَلَمَّا انْصَرَفَ نَادَاهُ مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَقَالُوا يَا مُعَاوِيَةُ
أَسَرَقْتَ الصَّلَاةَ أَمْ نَسِيتَ أَيْنَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ حِينَ تَهْوِي سَاجِدًا
فَلَمْ يَعُدْ مُعَاوِيَةُ لِذَلِكَ بَعْدُ))
ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَنِ بن جريج وذكره عبد الرزاق
عن بن جُرَيْجٍ فَلَمْ يَذْكُرْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
وَعَبْدُ المجيد أيضا أقعد من بن جُرَيْجٍ وَأَضْبَطُ لِحَدِيثِهِ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
وَذَكَرَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
بْنِ أَبِي رَوَّادٍ فَقَالَ ثِقَةٌ كَانَ أَعْلَمَ الناس بحديث بن جُرَيْجٍ وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُصْلِحُونَ
كُتُبَهُمْ بِكِتَابِهِ
قَالَ عبد الرزاق وأخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ جبير
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459
أن بن عَبَّاسٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) الْحِجْرِ
87 قَالَ أُمُّ الْقُرْآنِ
قَالَ وَقَرَأَهَا عَلَيَّ سَعِيدٌ كَمَا قَرَأْتُهَا عَلَيْكَ ثُمَّ قَالَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْآيَةُ
السَّابِقَةُ
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَقَرَأَ عَلَيَّ بن جُرَيْجٍ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ) إِلَى (وَلَا الضَّالِّينَ) سَبْعَ آيَاتٍ
وكذلك رواه جماعة أصحاب بن جُرَيْجٍ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا آثَارَ هَذَا الْبَابِ كُلَّهَا بِأَسَانِيدِهَا وَطُرُقِهَا في ((التمهيد)) وكتاب
((الإنصاف))
وذكرنا عن بن عباس وبن عمر وأبي هريرة أنهم كانوا يقرؤون (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ) فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي
((التَّمْهِيدِ)) وَفِي كِتَابِ ((الْإِنْصَافِ))
وعن بن عُمَرَ وَعَطَاءٍ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَتْرُكَانِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) يَسْتَفْتِحَانِ بِهَا
لِأُمِّ الْقُرْآنِ وَلِلسُّورَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فِي الْمَكْتُوبَةِ وَالتَّطَوُّعِ
وَعَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ ((اخْتَلَسَ الشَّيْطَانُ آيَةَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مِنَ
الْأَئِمَّةِ))
وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دينار عن بن عَبَّاسٍ قَالَ ((سَرَقَ
الشَّيْطَانُ مِنَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ آيَةً مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَوْ قَالَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ (بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
قَالَ بن عَبَّاسٍ نَسِيَهَا النَّاسُ كَمَا نَسُوا التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ وَاللَّهِ مَا كُنَّا نَقْضِي السُّورَةَ
حَتَّى يَنْزِلَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ حُصَيْنٍ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا
إِلَّا بِمَا جَاءَ بِهِ الثِّقَاتُ
وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ ((أَنَّهُ كَانَ يَفْتَحُ بِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَيَقُولُ هِيَ
آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ تَرَكَهَا النَّاسُ))
وَقَالَ مُجَاهِدٌ ((نَسِيَ النَّاسُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَهَذَا التَّكْبِيرُ)) وَإِسْنَادُهُ فِي
التَّمْهِيدِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ بن عباس ويحيى بن جعدة ومجاهد وبن شهاب
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ كَانَ عِنْدَهُمْ تَرْكَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
فَهَذَا مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ فَحَدِيثُ الْعَلَاءِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اقْرَؤُوا يَقُولُ الْعَبْدُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
الْحَدِيثَ ((قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي)) عَلَى حَسَبِ مَا بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا
الْبَابِ مَعَ سَائِرِ الْآثَارِ الَّتِي أَوْرَدْنَا فِيهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ((أَنَّ
النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وعثمان كانوا لا يقرؤون (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ)
وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُولَةً فَفِيهَا اسْتِظْهَارٌ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ
بِالْمَدِينَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَوْجُودٌ قَدِيمًا وَحَدِيثًا
وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ مَكَّةَ فِي أَنَّ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَوَّلُ آيَةٍ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وَقَدْ أَفْرَدْنَا فِي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) كِتَابًا جَمَعْنَا فِيهِ الْآثَارَ وَأَقْوَالَ أَئِمَّةِ
الْأَمْصَارِ لِكُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ سَمَّيْنَاهُ بِكِتَابِ ((الْإِنْصَافِ فِيمَا بَيْنُ الْمُخْتَلِفِينَ فِي (بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مِنَ الْخِلَافِ)) يَسْتَغْنِي النَّاظِرُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اعْتَرَضَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَنِ احْتَجَّ عَلَى سُقُوطِ بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا
كَثِيرًا) النِّسَاءِ 82 وَالِاخْتِلَافُ فِي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مَوْجُودٌ وَبِقَوْلِهِ (إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الْحِجْرِ 9 فَقَالُوا الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ
فِي تَأْوِيلِهَا بِأَنَّهُ حَقُّ كُلُّهُ لَا يُوجَدُ فِيهِ بَاطِلٌ وَحَقٌّ وَمَا عَدَاهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ فِيهِ
الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ
قَالُوا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ وُجُودُ الِاخْتِلَافِ فِيهِ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي الْقِرَاءَاتِ وَفِي
الْأَحْكَامِ وَفِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَفِي التَّفْسِيرِ وَفِي الْإِعْرَابِ وَالْمَعَانِي وَهَذَا لَا مَدْفَعَ
فِيهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) فَفِيهِ قَوْلَانِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا
أَحَدُهُمَا إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ عِنْدَنَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ
وَالثَّانِي وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ مِنْ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ إِبْلِيسُ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ يُنْقِصُ إِنَّ الْهَاءَ فِي
قَوْلِهِ (لَحَافِظُونَ) كِنَايَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَحَافِظُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ مَنْ
أراده بسوء من أعدائه
قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ نَافِعِ بن
جبير بن مطعم أنهم كانوا يقرؤون خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا لَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ بالقراءة