وَعَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((إِذَا قَالَ الْإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُولُوا آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ (...) |
وَعَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((إِذَا قَالَ الْإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُولُوا آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) وَقَدْ بَانَ فِي حَدِيثِ سُمَيٍّ هَذَا أَنَّ مَعْنَى التَّأْمِينِ قَوْلُ الرَّجُلِ آمِينَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَالدُّعَاءِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا نُورِدُهُ هُنَا إن شاء الله وكذلك قول بن شِهَابٍ أَيْضًا بَانَ بِهِ أَنَّ قَوْلَهُ ((مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ)) أَرَادَ بِذَلِكَ قَوْلَ آمِينَ وَمَعْنَى آمِينَ الِاسْتِجَابَةُ أَيْ اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لَنَا وَاسْمَعْ دُعَاءَنَا وَاهْدِنَا سَبِيلَ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَرَضِيتَ عَنْهُ وَقِيلَ مَعْنَاهَا أَشْهَدُ لِلَّهِ وَقِيلَ مَعْنَاهَا كَذَلِكَ فِعْلُ اللَّهِ وَفِيهَا لُغَتَانِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ قَالَ الشَّاعِرُ فَقَصَرَ (آمِينَ فَزَادَ اللَّهُ مَا بَيْنَنَا بُعْدًا) وَقَالَ آخَرُ فَمَدَّ (وَيَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ آمِينًا) وَفِي حَدِيثِ بن شِهَابٍ هَذَا - وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي هَذَا الْبَابِ - دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِآمِينَ وَيَقُولُهَا مَنْ خَلْفَهُ إِذَا قَالَهَا وَلَوْلَا جَهْرُ الْإِمَامِ بِهَا مَا قِيلَ لَهُمْ ((إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا)) قَالُوا وَمَنْ لَا يَجْهَرُ لَا يُسْمَعُ وَلَا يُخَاطَبُ أَحَدٌ بِحِكَايَةِ مَنْ لَا يَسْمَعُ قَوْلَهُ وقول بن شهاب وكان رسول الله يَقُولُ آمِينَ تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى التَّأْمِينِ هَذَا كُلُّهُ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ رَوَى الْمَدَنِيُّونَ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِمَا قَدَّمْنَا مِنَ الدَّلَائِلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّأْمِينَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى قَوْلِهِ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ وَيَدُلُّكُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سُمَيٍّ ((إِذَا قَالَ الْإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُولُوا آمِينَ)) وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا تَأْمِينَ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَسَقَطَ الْكَلَامُ فِيهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَيْضًا يَقُولُ آمِينَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا)) وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَ الْمَأْمُومِ هُوَ آمِينَ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ فروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ آمِينَ وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ خَلْفَهُ دُونَهُ وهو قول بن الْقَاسِمِ وَالْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ ((إِذَا قَالَ الْإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُولُوا آمِينَ)) وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمِثْلُهُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِذَا قَالَ الْإِمَامُ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقَالَ مَنْ خَلْفَهُ آمِينَ فَوَافَقَ ذَلِكَ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ آمِينَ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ سُنَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أن الإمام يقتصر على القراءة بإلى (وَلَا الضَّالِّينَ) وَأَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْتَصِرُ عَلَى التَّأْمِينِ قَالُوا وَالدُّعَاءُ يُسَمَّى تَأْمِينًا وَالتَّأْمِينُ دُعَاءٌ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - لِمُوسَى وَهَارُونَ (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) يُونُسَ 89 وَإِنَّمَا كَانَ مُوسَى الدَّاعِي وَهَارُونُ يُؤَمِّنُ كَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا)) أَرَادَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ فَأَمِّنُوا وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ الْإِمَامُ آمِينَ كَمَا يَقُولُهَا الْمُنْفَرِدُ والمأموم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ عَنْهُ منهم بن الماجشون ومطرف وأبو مصعب وبن نَافِعٍ وَهُوَ قَوْلُهُمْ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ والشافعي والثوري والأوزاعي وبن الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَحَدِيثِ بِلَالٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَنْهُمْ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَبَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ لَا يَجْهَرُ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يَجْهَرُ بِهَا وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُغْلِظُ عَلَى مَنْ كَرِهَ الْجَهْرَ بها وذكر قول بن جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ لِي عَطَاءٌ كُنْتُ أَسْمَعُ الْأَئِمَّةَ يَقُولُونَ عَلَى أَثَرِ أُمِّ الْقُرْآنِ آمِينَ هُمْ أَنْفُسُهُمْ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ ضَجَّةً وَأَمَّا قَوْلُهُ ((فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) فَفِيهِ أَقْوَالٌ مِنْهَا إِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ فَمَنْ أَخْلَصَ فِي قَوْلِهِ آمِينَ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَقَلْبٍ خَاشِعٍ لَيْسَ بِسَاهٍ وَلَا لَاهٍ فَوَافَقَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هَكَذَا دُعَاؤُهُمْ فِي السَّمَاءِ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَيَدْعُونَ لَهُمْ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ لَيْسَ عَنْ قُلُوبٍ غَافِلَةٍ لَاهِيَةٍ - غُفِرَ لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ ((فَمَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ وَتَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ)) - الْحَثُّ عَلَى الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَمَنْ دَعَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ وَافَقَ قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ فِعْلَ الْمَلَائِكَةِ وَقَوْلَهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) دُعَاءٌ لِلدَّاعِي وَأَهْلِ دِينِهِ وَيَقَعُ التَّأْمِينُ عَلَى ذَلِكَ فَلِذَلِكَ نَدَبُوا إِلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ آخَرُونَ الْمَلَائِكَةُ مِنَ الْحَفَظَةِ الْكَاتِبِينَ وَالْمَلَائِكَةُ الْمُتَعَاقِبُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فَيُؤَمِّنُونَ عِنْدَ قَوْلِ الْقَارِئِ (وَلَا الضَّالِّينَ) فَمَنْ فَعَلَ مَثْلَ فِعْلِهِمْ غُفِرَ لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ |